تقدم حلقة الخميس 9 يوليوز 2009 من سلسلة المغرب يتحرك في القناة الثانية صورة عن طبيعة المغرب الذي يسعى البعض لترويجه وتقديمه نموذجا، وبالرغم من أن البرنامج توقف عند ركام من مؤشرات ما اعتبره تحولا وتعبيرا عن تغيير جار في المغرب، كالمهرجانات والفرق الموسيقية الجديدة، فإن الوقوف عند ما انتقاه البرنامج بشكل اختزالي ومنحاز لأفلام معينة لتقديم المغرب الجديد يتيح لوحده معرفة طبيعة الصراع الهوياتي الذي يدفع البعض المغرب إليه قسرا. فقد اعتمد البرنامج على مرجعية معينة من الأفلام المثيرة للجدل، والتي عكس عدد منها دعوة صريحة لإعادة صياغة الهوية المغربية وفق منظومة أخلاقية هامشية وتغريبية ومستوردة، بما جعل البرنامج المذكور في حلقة الخميس الماضي قاصرا عن تجسيد حقيقة صراع القائم في المغرب، والذي يسير في الاتجاه المعاكس لما حرص البرنامج عن الدفاع عنه، ولعل العودة إلى الدراسات العلمية حول المنظومة الأخلاقية والقيمية للمغاربة وخاصة البحث الوطني حول القيم وما تلاه من تقارير تفيد أن مغرب كازانيكرا ليس هو المغرب الحقيقي، وأن ما يروج له من كون ذلك من عناوين تحرك المغرب هو مغالطة كبيرة تعكس أماني البعض لما يريدونه للمغرب وليس واقعه. لقد قدم البرنامج المذكور مجموعة من الأفلام المغربية مثل علي زاوا لنبيل عيوش، والعيون الجافة لنرجس النجار، وألف شهر لفوزي بنسعيدي، وماروك ليلى المراكشي، ووداعا أمهات لمحمد إسماعيل، وملائكة الشيطان لأحمد بولان، ليركز البرنامج على حجاب الحب لعزيز السالمي، وكازانيكرا لنور الدين الخماري، وذلك في الوقت الذي تجاهل فيه البرنامج أفلاما نوعية من مثل جوهرة لسعد الشرايبي، أو درب مولاي الشريف لحسن بنجلون، أو ذاكرة معتقلة لجيلالي فرحاتي، تعبيرا عن مغرب يعيش اليوم تحولات وانفراجات سياسية هامة، أو أفلاما ذات بعد اجتماعي عميق مثل الراكد لياسمين القصاري او الملائكة لا تحلق فوق سماء الدارالبيضاء لمحمد عسلي الذي حصد عدة جوائز في مهرجانات عالمية مختلفة، أو شريط جنة الفقراء لإيمان المصباحي الذي يتناول مشكل العنصرية بأوروبا، أو شريط خربوشة لحميد الزوغي، والذي لو توفرت له الإمكانيات لسرق الأضواء من أفلام أخرى، لاشتغاله على الموروث الشعبي المغربي ولتناوله موضوع انتفاض المرأة ضد الاستبداد بكل أشكاله. إن اختيار معدي البرنامج المذكور لأفلام معينة تحكمه توجهات سياسية و إديولوجية تريد أن تجعل الفن والسينما حلبة صراع لفرض تلك التوجهات بدعوى الجرأة والحداثة وتفجير الطابوهات، إلا أنها تكشف وبوضوح حاد حجم الاستغلال الذي تم لتفجيرات 16 ماي من أجل الدفع في تغيير جذري وتدريجي للهوية المغربية، ودون أن يكون ذلك خاضعا لمقتضيات التدافع الديموقراطي، بل بشكل قسري وفوقي. إن من المؤسف أن يصبح فيلم كازانيكرا عنوان التحول بالمغرب وعنوان شباب يتحرك أو نايض بلغة البرنامج، لأن المغاربة يتحركون في الاتجاه المخالف لما يسوق له هذا الفيلم، والذي يجعله مجرد فيلم لا يختلف عن غيره من أفلام الاستشراق ذات الجودة الرديئة، والتي تجاوزت أن تكون قد شوهت حقيقة الواقع إلى اختلاق واقع افتراضي عبر تعميم حالات فردية والمتاجرة بظواهر اجتماعية معزولة.