بثت الأسبوع الماضي الحلقة 158 من البرنامج السينمائي الوحيد على شاشة القناة الأولى المغربية «عالم السينما»، غير أن ما لم يخبر به المشاهدون هو أن تلك كانت آخر حلقات البرنامج. مخرج البرنامج نفسه إدريس شويكة ومعده عبد الإله الجوهري لم يكونا على علم مسبق بأن تلك الحلقة ستكون هي الأخيرة في مسار برنامجهما الذي استمر يغطي نشاطات حقل الفن السابع بالمغرب طيلة ثلاث سنوات، حيث بثت أولى حلقاته بتاريخ 13 ماي 2004. مخرج البرنامج قال في تصريح سابق لإحدى الجرائد الوطنية إن قرار توقيف البرنامج توصل به بشكل شفوي، وهو الشيء الذي لم يتقبله واعتبره منافيا لجميع الأعراف المتداولة في القنوات التلفزيونية عبر العالم، أما عبد الرحيم أبو المواهب، المكلف بالتواصل مع الصحافة لدى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، فرد بأن لا عقد يجمع بين الشركة الوطنية مع إدريس شويكة بل العقد يجمع بين الشركة الوطنية وشركة إنتاج البرنامج فوزي فيزيون. أما عن سبب توقيف البرنامج فقد قال إن القناة الأولى لم توقف البرنامج بل إن العقدة بين الشركة الوطنية والشركة التي تنتج البرنامج استنفذت مداها الزمني ولا رغبة للقناة الأولى في تجديدها، ببساطة لأن مستوى البرنامج ضعيف، على حد تعبيره. ما ذكرناه إلى حد الآن هو ما يظهر على السطح من مسألة توقيف برنامج «عالم السينما»، لكن للأمر حيثيات أخرى لا يعرفها إلا القائمون على البرنامج ومسؤولو الإنتاج بالشركة الوطنية وبعض شركات الإنتاج المنافسة التي كانت ولازالت تطمح إلى أن يحل أحد برامجها محل برنامج «عالم السينما» على الخريطة البرامجية للأولى، وهو طموح مشروع طبعا. لنتذكر قليلا تاريخ هذا البرنامج مع القناة الأولى: عندما بدأ بث البرنامج في 13 ماي 2004، كان المسؤول الأول عنه هو إدريس شويكة، فهو من تعاقدت معه القناة الأولى كمنتج خارجي لكي يقدم لها برنامجا يعنى بأخبار الفن السابع بالمغرب، ويغطي أنشطة المهرجانات والملتقيات والأيام السينمائية المغربية. إدريس شويكة استعان بالناقد السينمائي عبد الإله الجوهري الذي أصبح يعرفه كل من له علاقة، من بعيد أو من قريب، بالسينما المغربية بحكم تواجده دائما في أي نشاط سينمائي، مهما صغر حجمه، لمتابعة الحدث لفائدة البرنامج الذي يعده «عالم السينما» على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. بعد سنة، بدأت الخلافات تدب، ولم يتم تجديد العقد مع إدريس شويكة بل تم تفويت إنتاج البرنامج السينمائي على القناة الأولى إلى شركة إنتاج خاصة هي فوزي فيزيون مع الاحتفاظ بنفس المخرج ونفس أسرة الإعداد، والأهم من ذلك نفس فكرة البرنامج التي هي لإدريس شويكة. وعلم في وقت سابق أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قد طلبت من فوزي فيزيون تغيير شكل البرنامج لأنه لا يستجيب لتطلعات المشاهدين وأنه بعد مرور حوالي سنتين على ظهوره دون تغيير أصبح لا يواكب عصره، غير أن المخرج رفض ذلك، كما علم أن بعض الخلافات الداخلية نشبت بين إدريس شويكة ومعد البرنامج عبد الإله الجوهري جعلته يستعين بالناقد السينمائي نورالدين كشطي في الحلقة التي غطت في نونبر الماضي مهرجان كازا سينما. وإذا كان صاحب «لعبة الحب» لم يتقبل حرمانه من تقديم البرنامج السينمائي الوحيد على القناة الأولى المنافس لبرنامج «صورة» الذي تقدمه القناة الثانية، فإن شركة الإنتاج فوزي فيزيون قد تعاملت مع الأمر بشكل عملي أكثر وقدمت حلقة نموذجية لما يمكن أن تكون عليه مجلة سينمائية أسبوعية متلفزة، ولا زالت تنتظر بأمل كبير تقرير مصيرها من قبل فيصل العرايشي. وربما لو علم صاحب فوزي فيزيون أن المخرج السينمائي نبيل عيوش، صاحب شركة «عليان للإنتاج»، قد دخل على الخط منافسا له لدى القناة الأولى وقدم تصورا على ورق وليس حلقة نموذجية مصورة من برنامج سينمائي جديد، لتضاءل بشكل كبير الأمل الذي يحمله في تجديد العقد معه. فقد علمت «المساء» أن نبيل عيوش تقدم بمقترح تصور لبرنامج سينمائي أسبوعي، مدة الحلقة الواحدة منه ست وعشرين دقيقة، بسعر يتجاوز أربع مرات السعر الذي كانت تبيع به فوزي فيزيون الحلقة الواحدة للشركة الوطنية، وهو خمسون ألف درهم. لا تندهشوا، فأربعة أضعاف خمسين ألف درهم كسعر للحلقة الواحدة لن تبدو لكم مبلغا كبيرا بالنسبة إلى برنامج يتنقل بين مدينة وأخرى لتصوير روبورتاجات عن مختلف الأنشطة السينمائية المغربية إذا ما قارناه بالمائة وستين ألف درهم الذي تشتري به الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية الحلقة الواحدة من البرنامج الأسبوعي «أسر وحلول» الذي يصور بين أربعة جدران داخل بلاتو إذاعة عين الشق. ونبيل عيوش، المخرج الشاب، هو ذاته الذي فاز قبل سنتين بصفقة الثلاثين فيلما تلفزيونيا مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية بقيمة مليار سنتيم دونا عن باقي المخرجين المغاربة، وهو الشيء الذي أثار حفيظة زملائه المخرجين المغاربة، معتبرين أن تفويت هذه الصفقه إليه قرار غير عادل من فيصل لعرايشي، الرئيس المدير العام للشركة. ترى ماذا سيقول هؤلاء المخرجون في حالة ما إذا وقع فيصل لعرايشي، مرة أخرى، بالقبول على البرنامج السينمائي الجديد الذي قدمه نبيل عيوش؟ آنذاك لن يمكن لباقي المخرجين والممثلين والسينمائين المغاربة عموما الظهور في المجلة السينمائية لقناتهم الأولى إلا إذا رضي عنهم «علي زاوا».