سيشارك «فينك أليام» في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي ستدور فعالياته من 10 إلى 20 نونبر الجاري، قبل أن يعرض في القاعات بالمغرب ابتداء من 27 يناير القادم، ويعد «فينك أليام» الفيلم العربي الوحيد الذي يشارك في المسابقة الرسمية الدولية. يعتبر «فينك أليام»، لمخرجه إدريس شويكة، الفيلم المغربي والعربي الوحيد الممثل في المسابقة الدولية للأفلام الروائية في الدورة ال33 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فيما يمثل المغرب داخل المسابقة الرسمية للأفلام العربية فيلم «موسم المشاوشة» لعاهد بن سودة. «فينك أليام»، الذي اختار له شويكة عنوانا يقابله بالفرنسية «أقدار متقاطعة»، يرصد حكايات من صور ذكريات وأحداث توثق حضورها عبر الإسترجاع الزمني «الفلاش باك»، وتستحضر لحظات أصدقاء تجمعوا بعد فراق دام لمدة 20 سنة حول مقام الذاكرة، ولأن هذه الأخيرة ومهما بلغت يقظتها، فثمة صور تنسل منها وتستحيل استعادتها أو تحضر أقل وضوحا، غير أن تجاور وتحاور الشخصيات والمحكيات في عالم من الحميمية الأخاذة، يسهم في صنع بانوراما أبطالها الرواة أنفسهم، حيث يرتق الواحد للآخر الفراغات، لتتحفز الذاكرة الجمعية وتتكشف الحقائق، ويكبر الحنين ومن عمقه تطرح الأسئلة الغائبة، وفي خلفية هذه المحكيات تقف روائية تمنحهم الحياة وتجعل منهم شهودًا على مصائرهم، وشاهدا أيضا على مرحلة احتفت بالشيخ إمام عيسى الذي أثث الفضاء الفيلمي بأغانيه الخالدة. في هذا السياق، يقول إدريس شويكة في تصريح ل«المساء» الفيلم قصة درامية اجتماعية ترصد زمنين متباعدين لمجموعة من الشخصيات، التي وحد بينها النضال السياسي والنقابي الطلابي عبر التظاهرات والتجمهرات والاحتجاجات في مرحلة نهاية السبعينيات، مع ما طال هذه المرحلة من قمع حاد، مبرزا أن الفيلم لا يرصد محطة معينة من تاريخ الاتحاد الوطني في حد ذاتها، كما قد يتبادر إلى الذهن، بقدر ما يستحضر الأجواء العامة لتلك الفترة التي عاشتها الشخوص، محاولا الاقتراب من عوالمها الداخلية والذهنية في تبدلاتها وحماقاتها ورغباتها في الحياة، انشغالاتها ونقاشاتها الهادئة والساخنة، لياليها «الماجنة» وقصص غرام وارتحال، مرورا بلحظات الاعتقال والتعذيب القاسية التي تعرض لها بعضهم. وفي خضم ذلك، يرصد الفيلم النسيج العلائقي لهذه المجموعة المتكونة من ثمانية أشخاص، والتي تنتمي، حسب شويكة، إلى مناطق مغربية مختلفة وتمثل مسارات ومنحدرات اجتماعية متفاوتة، يجمعها التنافر والانسجام، الحب والخيانة، النضال والتطلعات البورجوازية الصغيرة، الصداقة والغيرة. إنها علاقات إنسانية مركبة ومعقدة، يؤكد شويكة. ويضيف مخرج الفيلم: «العشرون سنة هذه، تم اختزالها في 24 ساعة كزمن حقيقي للفيلم، سيقضيها هؤلاء الأصدقاء معا في مكان واحد عند أحد الأصدقاء، عبد الخالق وزوجته رشيدة، حيث حضر الكل إلا واحدة كان يظن الجميع أنها هي من رتب هذا اللقاء، غير أن غيابها أثار العديد من علامات الاستفهام وبعض التخمينات التي جعلت البعض يذهب إلى أنها أصبحت راقصة في كاباريه، ومن اعتبر أنها تزوجت بثري خليجي، أو أصبحت صاحبة شركة كبيرة، الرجال يمنون النفس برؤيتها وهي التي كانت تسكن عقولهم وتأسر قلوبهم لجمالها الأخاذ، ومنهم من كان معها في ارتباط زمن الجامعة، فيما النساء يغرن من ذكر اسمها ولا يتمنين لقاءها.. وفي سياق هذه التوترات، ومابين الحاضر والماضي، ينبني السرد الحكائي للفيلم عبر توليفة مركبة، تبتعد عن البناء الخطي»، يقول شويكة. السيناريو كتبه اشويكة، بالاشتراك مع السيناريست محمد عريوس، الذي سبق وأن كتب وتعاون مع نفس المخرج في سيناريو فيلم «لعبة الحب»، المقتبسة عن مجموعة قصصية لميلان كونديرا، وظف «الفلاش باك»، كتقنية تقليدية تعتمد لتكسير البناء السردي من جهة، ومن جهة ثانية لتجاوز التمطيط والتطويل، إضافة إلى جعلها أداة للخروج من الإطار الزمني للفيلم، ولكي تخلق مبررات شخصية للمواقف السياسية لأبطال الفيلم لما تحتويه ذاكرتها من مشاهد لحيوات متجاورة ومتداخلة في آن. وبالتالي فهذه التقنية هي سيف ذو حدين إذا أسيء استخدامها ستؤدى إلى «لخبطة» المتلقى، وإذا حالفها النجاح فهي تقوي الفيلم وتخلق متعة التلقي، لهذا فهي تتطلب مهارة وحرفية فى كتابة السيناريو وفى الإخراج ليكون تنفيذها مقنعا، ونظن أن محمد عريوس وادريس شويكة لهما من التراكم والممارسة والفرجة، ما يكفي للتحكم في أدواتهما الفنية. وتعد مشاركة «فينك أليام» في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة مؤشرا قويا على تماسك بنائه الفني، وجاذبية حكايته، لاسيما وأنه الفيلم العربي الوحيد المشارك ضمن المسابقة الدولية، وكان مرشحا بقوة ليمثل المغرب في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش، غير أن تأخر الحسم في انتقاء أفلام المسابقة، جعلت شويكة يحسم في أمر مشاركته في مهرجان القاهرة، هذا المهرجان الذي لم يختر ولو فيلما واحدا من مصر للمسابقة الرسمية، وهو ما جعل العديد من السينمائيين والفنانين المصريين يعبرون، في تصريحات صحافية نشرت الأسبوع قبل الماضي، عن استيائهم من عدم تنافس أي فيلم مصري لأول مرة في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي ستنطلق دورته ال33 في 10 نونبر المقبل.فقد اعتبر ممدوح الليثي، رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية، عدم تمثيل مصر في المسابقة الدولية للمهرجان «فضيحة كبرى» و«كارثة» و«مصيبة». أما رئيس غرفة صناعة السينما المصرية، منيب شافعي، فرأى أن غياب الشاشة المصرية الكبرى عن مهرجان القاهرة «قضية كبرى» تكشف أنه «ليس لدينا إنتاج جيد». وكان عزت أبو عوف، رئيس المهرجان، قد قال في مؤتمر صحافي إن «غياب الفيلم المصري عن المسابقة الرسمية للمهرجان مسألة لم أفهمها حتى، ولم نجد فيلما يمثلنا في هذه المسابقة حتى اللحظة». وأضاف «إننا في إدارة المهرجان وفي اللجنة العليا اتخذنا قرارا بأنه إذا لم يتوفر فيلم بمستوى فني لائق لتمثيل مصر في المسابقة، فإننا نفضل ألا نشارك فيها بفيلم دون المستوى». يذكر أن فيلم «فينك أليام» سيعرض في القاعات السينمائية بالمغرب ابتداء من 27 يناير القادم. وقد قام بأدوار بطولتة كل من عبد اللطيف شوقي، ياسمينة بناني، محمد عياد، كريمة شمسي، ماريا الشياضمي وقدس جندول. أما الفريق التقني فمعظمهم مغاربة من الشباب المعروفين في الساحة الفنية وعلى رأسهم مدير التصوير فاضل شويكة، باستثناء أحد الإيرانيين الذي استعان به شويكة في الماكياج لخبرته في مجال تكبير الشخوص في ضوء تحول ملامحهم على مستوى السن، كما اعتمد المخرج على علي الطاهري كمساعد مخرج.