دعا الشيخ عبد الباري الزمزمي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في حوار خص به هسبريس إلى "إحياء سُنَّة القُنوت في الصلوات الخمس من أجل الدعاء على إيران وحزب الله"، مُطالبا في الوقت ذاته بمحاربة التشيع "ليس بالسلاح والاعتقال، وإنما بفضح خططهم والتعريف بحقيقة مذهبهم الباطل". وأكد الزمزمي أن التشيع ينتشر وسط الشباب المغربي خاصة "الغافل الذي لا يدري من الشيعة إلا ما ظهر من بعض مواقفها السياسية المثيرة للعواطف الساذجة"، لافتا إلى أن مذهب الشيعة "يعيش على صدى التاريخ ومشغول بقضايا تاريخية عفا عليها الزمن وأكل عليها الدهر وشرب"، وفق تعبير رئيس جمعية البحوث في فقه النوازل. وحذر الفقيه المعروف بمناهضته للشيعة، في الحوار ذاته مع الموقع، من عودة العلاقات بين المغرب وإيران لكون "إثم تلك العلاقة على المغرب ستكون أكبر من نفعها، لأن إيران هي المستفيد الأكبر من علاقتها بالدول الإسلامية، إذ يتيح لها ذلك تصدير مذهبها إلى العالم الإسلامي". وفي الحوار مواضيع وقضايا أخرى ترتبط بملف الشيعة والتشيع بالمغرب. الشيخ عبد الباري الزمزمي..نسمع كثيرا مصطلح "المد الشيعي"..هل هناك فعلا مد شيعي بالمغرب، أم أنه نفخ من بعض وسائل الإعلام والأمن فحسب؟ نعم.. يعرف المغرب انتشار التشيع في جهات شتى من البلاد منذ سنين عديدة، ولا سيما بين الشباب الغافل الذي لا يدري من الشيعة إلا ما ظهر من بعض مواقفها السياسية المثيرة للعواطف الساذجة، حيث نجحت إيران في الإطاحة بالنظام الملكي الذي ما كان أحد يظن أنه سيسقط في يوم من الأيام، وتصدت لأمريكا بالتحدي والعناد فيما بدا للناس، وأنشأت من طائفة الشيعة في لبنان حزباً سمته حزب الله، وخاض هذا الحزب معارك مع إسرائيل اكتسب بها صفة البطولة والمقاومة في العالم الإسلامي، واكتسب بها عطفاً وتأييداً من سائر المسلمين في العالم. وإضافة إلى ذلك، إيران أعلنت أنها ثورة إسلامية تحكم بشريعة الإسلام، وتولى الحكم فيها رجال إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم و"إن يقولوا تسمع لقولهم"، فساهمت هذه العوامل في استهواء قلوب الغافلين إلى إيران واستخفت عقولهم، فمالوا إلى التشيع دون علم بحقيقة الشيعة، ولا دراية بمبادئها ولا اقتناع بدعوتها، وإنما تشيعوا انسياقاً وراء العاطفة واندفاعاً بالإعجاب والإكبار الذي يحملونه لإيران وحزبها. والعاطفة كما يقال عاصفة تثور وتهدأ، فإذا ثارت افتتن الناس وإذا هدأت سكن الناس، فيوشك أن ينحسر المد الشيعي في العالم الإسلامي حين يرجع المتشيعون إلى رشدهم وتزول الغشاوة عن أبصارهم، ويدركون أن الشيعة ألد أعداء الأمة وأشدهم بغضاً وكراهية للمسلمين أهل السنة، كما تجلى ذلك واضحاً في موقف إيران وحزبها من الثورة السورية ومشاركتهم لعدو الله الأسد في قتل السوريين، معتبرين ذلك جهاداً واستشهاداً لعنهم الله وغضب عليهم، مصداقاً لقوله سبحانه: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً). سبق لناشط شيعي مغربي أن قال لي يوما في حديث صحفي إن التشيع بالمغرب أمر طبيعي بحكم حركية الأفكار في المجتمع، وبالتالي لا جدوى من محاربة التشيع..فما رأيكم؟ هذا كلام لا يمت إلى الواقع بصلة، ولا ينبئ عن حقيقة الشعب المغربي، فالمغاربة لم يعرفوا الشيعة من قبل، وإنما تسربت إليهم بعد قيام الثورة الإيرانية رغم أن الشيعة حكمت المغرب في حقبة من التاريخ. ومع ذلك لم يتأثر المغاربة بالمذهب الشيعي، على أن مذهب الشيعة لا يحمل أفكاراً ولا يتبنى آراءً صالحة للحياة وإنما هو مذهب يعيش على صدى التاريخ ومشغول بقضايا تاريخية عفا عليها الزمن وأكل عليها الدهر وشرب، فلا زال رجاله يتحدثون في لقاءاتهم وتجمعاتهم عن حق علي في الخلافة، وعن قتل الحسين والنياحة عليه، وعن زرع الحقد والضغينة على أصحاب رسول الله وأزواجه، وعن كرامات أئمتهم وخوارقهم التي فاقت معجزات الأنبياء، وعن التعلق بأضرحتهم وأوثانهم البشرية وأمثالها من عقائد الشعوذة والأباطيل، ومحاربة هذه الأقاويل هي في الواقع محاربة للوثنية ومظاهر التخلف والابتداع، وليست محاربة للأفكار الصالحة والآراء الهادفة. يرى مراقبون بأن شيعة المغرب طائفة بلا حُسينيات، وتتبع مراجع كويتية وعراقية..فإلى أي مدى تجد هذا المعطى سليماً؟ شيعة الكويت أو شيعة العراق ليسوا أحسن حالا من شيعة إيران وشيعة الخليج، فالشيعة وإن اختلفوا في المواقع والمواطن فهم متفقون في الضلال والتخريف، وكما قال سبحانه: (وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض). غالبا ما يُرمى شيعة المغرب بأنهم يمارسون طقوسهم تبعا لمبدأ التقية..لماذا يخفي الشيعة المغاربة تشيعهم بغض النظر عن التخوف الأمني خاصة بعد أزمة المغرب مع إيران قبل سنوات قليلة..؟ التقية من المبادئ الأساسية التي قام عليها مذهب الشيعة أوصى بها أيمتهم ومراجعهم منذ القرون الأولى من تاريخ الإسلام، وإنما اعتمدوها في خطابهم لكونهم منبوذون ومكروهون من أهل الإسلام، فلا يستطيعون أن يعلنوا للمسلمين بما يعتقدون من الباطل والضلال، فالفرد منهم لا يجرؤ مثلا أن يلعن أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة إذا كان بين أهل الإسلام، لأنه يدرك أن قوله سيرد عليه ويمقت من أجله، لذلك يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. حصل تقارب أخيرا بين المغرب وإيران، ومن ذلك مثلا حضور مسؤول حكومي رفيع المستوى إلى مؤتمر في طهران، فهل تجد ذلك بداية تمهد لرجوع العلاقة بين البلدين إلى سابق عهدها.. وألا يؤشر ذلك على تقوية ظهر الشيعة بالمغرب مثلا، وفق ما يتوقعه البعض. زيارة مسؤول مغربي إلى طهران لم تكن زيارة إلى الحكومة الإيرانية حتى تكون علامة على التقارب بين البلدين، وإنما كانت زيارة من أجل المشاركة في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في العاصمة الإيرانية، ومثل هذه الزيارة لا تعد تحسناً في العلاقة بين الدولتين، ولا سعياً في استرجاع العلاقة بينهما لأن الدولة التي تستضيف مؤتمراً دولياً تكون ملزمة باستقبال المشاركين فيه بغض النظر عن عدوها وصديقها. وإذا استرجع المغرب العلاقة مع إيران، فسيكون إثم تلك العلاقة على المغرب أكبر من نفعها لأن إيران هي المستفيد الأكبر من علاقتها بالدول الإسلامية، إذ تتمكن بهذه العلاقة من نشر دعوتها وتصدير مذهبها إلى العالم الإسلامي؛ وفي ذلك تمزيق لوحدة البلاد وبث للفرقة والشقاق بين أبناء البلد الواحد، فإن الشيعة إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أذلة، حيث يتنكر المتشيعون لوطنهم وقيادتهم ويدينون بالولاء للمرجعيات الشيعية في إيران والخليج، وينظرون إلى أبناء جلدتهم من أهل السنة نظرة احتقار وازدراء.. وكفى بذلك فتنة وشراً مستطيراً. كثيرون يطالبون الدولة بمراقبة الشيعة ومحاربة التشيع في المغرب، فيما يرى آخرون أن هذا يعد انتهاكا لحرية التفكير والتعبير، وأنه في زمن الربيع العربي لا يمكن الحديث عن معاقبة شخص على اتباعه المذهب الشيعي..ما قولكم؟ الدولة تقاوم التنصير وتحاصره بكل الطرق والوسائل، لما له من أبعاد خطيرة على أمن البلاد ووحدة الأمة. وانتشار التشيع في البلاد أشد ضرراً وأكثر خطراً من التنصير، لأن التنصير دعوة إلى الكفر والخروج من الإسلام وهي دعوة لا تنطلي إلا على أجهل الجاهلين، ولذلك لم ينجح التنصير في البلاد الإسلامية رغم الجهود الجبارة التي يبذلها في هذا الصدد. أما الشيعة فإنهم يخدعون الناس باسم الإسلام وبالوحدة الإسلامية، وهذه دعوة مغرية يتقبلها المسلمون ويرونها دعوة صالحة، فيزيغون بها ويضلون عن سواء السبيل، ومن ثم فإن محاربة التشيع ليست محاربة للفكر وحرية التعبير، ولكنها حماية لأمن الوطن وصيانة لوحدته. لكن.. ما دور وزارة الأوقاف في كل هذا برأيكم؟ إن التشيع لا يُحارَب بالسلاح أو الاعتقال، وإنما يحارب بتعريف الناس بحقيقة الشيعة وما في مذهبهم من الأباطيل والكفريات، وهذا من صميم مسؤولية وزارة الأوقاف وأمثالها من المؤسسات الدينية في البلاد الإسلامية. وإن ما أقدمت عليه مؤسسة الأزهر في مصر تكوين لجنة من فعاليات إسلامية لمحاربة الشيعة هو خطوة راشدة يجب التأسي بها في كافة البلاد الإسلامية، لأنها من تغيير المنكر الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه...الحديث". يكثر الشيعة المغاربة في طنجة خصوصاً، حتى أنهم أسسوا هيئة الإمام محمد الشيرازي، وينتصرون لأطروحات الشيخ ياسر الحبيب..كيف تقرأ هذا الانتشار الشيعي في طنجة خاصة؟ انتشار المتشيعين المغاربة في طنجة تسرب إليها من بلجيكا، لأن أكثر العرب المقيمين في بلجيكا هم من سكان طنجة. والدعوة الشيعية دخلت بلجيكا منذ حوالي عشرين سنة، فدعاة إيران كانوا يزورون بلجيكا باستمرار، وانخدع بدعوتهم كثير من المغاربة بمن فيهم أئمة وخطباء.. وكلهم يعوز الرشد والوعي والعلم الصحيح. هناك كره تاريخي وإيديولوجي بين السلفيين والشيعة..لكن لماذا لا نرى هذه الكراهية كثيرا في المغرب حيث توجد هدنة واضحة بين الطرفين إلا في ما ندر؟ الكراهية والصراع بين السنة والشيعة قديم امتد عبر العصور والأجيال إلى اليوم، وقد صنف علماء السنة عشرات الكتب في التعريف بالشيعة والتحذير من مبادئها الباطلة وصنع الشيعة أيضا مثل ذلك، وفي هذا العصر رفعت إيران شعار التقريب بين المذاهب تعقد له مؤتمراً سنوياً في طهران، وتدعو إليه أعلام الأمة وعلماءها. وكنت ممن حضره سنة 98 فوجدت أن الغاية منه تقريب المذاهب إلى الشيعة واستمالتهم إليها، وليس كما يقول شعارهم الخادع. الشيخ القرضاوي أثار جدلا بدعوته للحجاج بالدعاء على إيران وحزب الله..واعتبر البعض أن هذا يُقوض فرص الحوار بين السنة والشيعة..فكيف ترون ما أضحى يسمى بالحوار بين المذاهب؟ هل له من مسوغات ونتائج؟ دعوة الشيخ القرضاوي للحجاج دعوة شرعية لأنه تبين أن إيران وحزبها من ألد أعداء الأمة، بل إنهم أشد عداء لأهل الإسلام من اليهود، وذلك بما يقترفونه من الجرائم والتخريب والتدمير في سوريا؛ وهو شيء لم يصنع مثله اليهود خلال حروبهم العديدة مع العرب. وإني أقول بإحياء سُنة القنوت في الصلوات الخمس للدعاء على إيران وحزبها، عملا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي قنت شهراً في الصلوات الخمس يدعو على أعداء المسلمين وقتلتهم، أما الحوار بين السنة والشيعة فإنه وهم لا واقع له، وهو مثل الحوار بين الأديان، فكل منهما حوار عقيم وجهد ضائع لا ترجى منه طائلة.