في يوم فضيل وفي أيام مباركة عند الله، حل الملك المغربي المحبوب بالدوحة، وقد قيل الكثير عن زيارات العمل الرسمية هذه، التي يقوم بها الملك محمد السادس لدول الخليج العربي، وعن أهدافها التي ترمي في مجملها إلى تعزيز سبل الشراكة والتعاون بين المملكة الشريفة وبلدان التعاون الخليجي في مختلف المجالات الاقتصادية، والتجارية، والثقافية، والشؤون الاجتماعية.. وإذا كانت دولة قطر قد قامت بتنظيم استقبال رسمي للملك محمد السادس مرفوقا بشقيقه الأمير مولاي رشيد، فإن الجالية المغربية في قطر كانت في الموعد وقامت باستقبال شعبي لملكها المحبوب الذي بادلها حبا بحب فأمر سائقه بالتوقف ليترجل من سيارته من أجل تحية رعايه الاوفياء في قطر، ويصافح بعضا ممن نجح في مد يده للسلام على ملكه.... وأنا أتابع هذه اللحظات عن قرب وآخذ بعض اللقطات لجزء من الشعب المغربي، قلت مع نفسي : إنه فعلا ملك محبوب... فقد سمعت ثلاثة أشخاص من ثلاثة اجيال، يحكون عن تجربتهم في السلام التي مرت في ثوان معدودات والفرحة تعلو وجوههم وتكاد تقفز من عيونهم، فالمراة المغربية تحكي لمن كان بقربها وتقول : بسته، بسته، ( اي قبلت يده) والشاب يصرخ "والله حتى سلم علي..." والطفل ذو الاثنا عشر ربيعا اتاني فرحا وقال "سلمت على الملك" ....أما الاطفال الصغار المساكين فقد لاحظت ان اغلبهم كان يبكي بعد مرور الموكب الملكي!!! فقد تدافع الكبار بمن فيهم الاباء والامهات للحصول على نظرة أو لمسة من صاحب الجلالة، ونسي الجميع من فرط الحب فلذات الاكباد، وإنه لعمري حب ينسي الاولاد ! وأعرف شخصيا من هؤلاء الاولاد من عبر صراحة عن حبه لملكه، بل منهم من كان ملحا في طلبه ليشهد استقبال الملك فما كان من الوالدين الا الاستجابة، ولكن لما جد الجد أخذت اللحظة بالفؤاد ونسي الاباء الاولاد!!! ولكن أعرف ايضا من الاولاد من سأل والديه لما سمع بحضور الملك : هل هو نفسه الذي زارنا في المدرسة التونسية ؟! كان سؤالا صادما للوالدين ، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب... ففي الوقت الذي تسعى فيه المؤسسات الرسمية في البلدين الشقيقين لتحقيق المنافع المشتركة على أعلى المستويات، فإن هناك جالية مغربية بقطر يؤرقها هم من عدة سنوات ولم تجد له حلا لحد الآن، ففي بدايات الحكومة السابقة كان بعض الاباء والاولياء يفكرون جديا في بعث رسالة مفتوحة إلى كل من عباس الفاسي الوزير الأول حينها، وكذا الوزير المعني بالتربية الوطنية، كما تم التطرق إلى هذا الموضوع المؤرق مع السفير المغربي السابق في الدوحة دون ان يحرك ساكنا، ولم يفوت ابناء الجالية اللقاء الذي عقده رئيس الحكومة الحالي مع الجالية المغربية في قطر، حيث تكلمت إحدى الامهات بحرقة عن ضرورة إيجاد مدرسة مغربية في قطر، ولكنها المسكينة وجميع الاباء والاولياء مازالوا ينتظرون تحقيق حلم بناء مدرسة مغربية في قطر، شأنهم في ذلك شان أغلب الجاليات المتواجدة في دولة قطر ... إن أبناء المغاربة يدرسون تواريخ وجغرافية البلدان التي يدرسون بها، باللغات واللهجات التي يدرسون بها، وإن أبناء المغاربة في قطر يرددون النشيد الوطني التونسي في المدرسة التونسية كما يحيون العلم التونسي المحفور في ذاكرتهم، وتقول حناجرهم الصغيرة كل صباح مع زملائهم التوانسة " نموت نموت ويحيى الوطن" !!، وكم من أم ذرفت دمعا لما سمعت ابنها يردد النشيد الوطني التونسي بكل حماس، ويتقن العملات التونسية ويتعرف على الشخصيات التونسية التاريخية، ويجهل الكثير عن وطنه الحبيب، لأن تونس بكل بساطة هي الدولة الوحيدة من شمال افريقيا رغم صغرها هي التي نجحت في بناء مدرسة تونسية في قطر على غرار باقي الدول الاسيوية والعربية والاروبية والامريكية..واستقطبت المدرسة التونسية أغلب تلاميذ دول المغرب العربي وأخضعتهم لمنهجها، لأن دولتنا بكل بساطة أيضا لم توفر لنا مدرسة مغربية بالرغم من ان هناك من هو مستعد للتعاون وتسهيل المهمة وتحقيق الحلم الذي ينتظره مئات الآباء المتواجدين في قطر... لقد أنعشت يامولاي زيارتكم الامل، ولعل هذه الزيارة الميمونة في هذه الايام المباركة تكون فاتحة خير لالتفاته سامية تحقق الامل، فمن المؤكد أن هذه الزيارة التاريخية ستطلق مشاريع استثمارية كبرى، وتفعل اتفاقيات مهمة، وتعزز التعاون بين المملكة الشريفة و شقيقاتها في الخليج في مختلف المجالات ... وما يرجوه رعاياكم في الدوحة هو مدرسة مغربية تربط ابناء وطننا الحبيب ببلدهم وتاريخهم وجغرافيتهم ولغتهم وثقافتهم..، وحينئذ تفرح الامهات بتعرف فلذات ابنائهن على ماضي بلدهم الذي له جذور عميقة وعريقة في التاريخ الممتد عبر القرون، كما سيزرع فيهم المربون المغاربة ثقافتنا الاصيلة والراقية، وحينها سيردد أطفالنا كل صباح " أن هنا نحيا بشعار الله الوطن الملك" ... والسلام على المقام العالي بالله. *إعلامي مغربي مقيم بالدوحة