هذه مصارحة بيانية وآلام سكنت صدري مذ وليت أمر التدريس تنبئ عن واقع مؤلم بين جدران مدارس التربية والتعليم، التي فررت منها صغيرا لسوء الحال، وعدت لها كبيرا لأشاهد ما لم يكن يخطر بالبال ... في مدارسنا الثانوية التأهيلية: ... ضياع للوقت وهدر للعمر وتبديد للحياة، تقليد ومحاكاة ومظاهر غريبة في القول والفعل واللباس من الرأس حتى الحذاء لدى البنين والبنات، النساء متشبهات بالرجال والرجال متشبهون بالنساء، وأحيانا يتعذر عليك من بعيد بل ومن قريب أن تفرق بينهما، الأخلاق والقيم ليست سوى دندنة بين المربين في دروس نظرية لا صلة لها بالواقع ...، ترى من الفحشاء والمنكر في المدرسة التي هي محضن التربية والتعليم، ما لا تراه في مكان آخر سواه، غناء صاخب في الممررات ومجاهرة بالمنكرات...، كثرة لقاءات واجتماعات بين الفتيان والفتيات في تنكر علني للفضيلة واعتناق للرذيلة بصمت ومباركة من رجال التربية والتعليم المارين الصامتين... الذين يؤمن بعضهم أن سلوك التلميذ لا يعنيه خارج القسم تخلف عن الحضور بحماية قانون منع الطرد وذريعة الاستعطاف... ، وإضاعة وقت وجلسات انفرادية وخلوات مشبوهة بعيدا وقريبا من أعين المارة ... بقلم أو دفتر يتيم وظيفته كمقعد أكثر من وظيفته كوسيلة تعليم. تلج المدرسة محضن التربية والتعليم وتلمح في أول نظرة اختلاس نظر وترقب وإشارات همز وغمر ولمز بين البنين والبنات...،...مناجاة واتخاذ أخدان وتناج بين الذكر والأنثى بالإثم والرذيلة، واستخفاء وخلوة وراء جدران التربية وحيطان قاعات العلم والمعرفة ...أو داخلها أحيانا، ومواعيد وتواعد في الاستراحات والممرات، وحركات تثير نفوس الناشئة وتفتن قلوبهم ... . تجوال وتطواف ودوران هنا وهناك وتخلف عن الدرس دون مبالات ...، جلسات مشبوهة وحركات مريبة وقصص غريبة وأمور عجيبة ومبكية...، تعرف منها وتنكر ... . وبين يديك في حجرات التربية والتعليم تطلع على أحوال وتتعرف على أسرار ... شباب مظاهرهم هم وغم وضيق و اكتئاب، حضور للأجساد وغياب للعقول والأرواح، تتحدث فتكلم أرواحا لا أجساد لها، حيرة وتفكير وشرود واضطراب وحالات نفسية غريبة، وحكايات مضمرة تبحث في تفاصيل بعضها فتتولى فرارا وتملأ رعبا، من يحضر في القسم فئة قد تكون منضبطة تخاطبهم وأثر السهر والقلق باد على الملامح والوجوه، إهمال للوجبات وجهل بالمقررات وغياب عن الحصص والقاعات، وفي نهاية السنة استجداء واستعطافات ... . أقف في باحة الاستراحة أتحسس الجيل الناشئ مراقبا من قريب وبعيد فأرى ضياعا وانحرافات ومظاهر تهور وانتكاسات، لغو وكثرة حركة وكلام، لمز وغمز ووقوع في مواطن الريب والتهم، شكوك وظنون وقيل وقال، تضييع للأوقات وتبديد للأعمار دون إحساس وهدم للدين والقيم والأخلاق، هدم لمستقبل الإنسان وعمره وشخصيته وتعطيل لفكره وعقله و فشل في مسيرته الدراسية غياب وتفلت وهروب من البيوت ومحاضن التربية إلى خلوات الاستراحات ربما كان المكث فيها ساعات وأياما والله أعلم بما يجري فيها من معضلات . ركض ولهث وراء الفتيان والفتيات كل يوم مع فلان وفلانة، وحشة وضيق في القلب، بلادة وسذاجة وغباء، فقد للغيرة والحياء، ضعف في الشخصية وتبلد في الإحساس وانهزام في النفس ... . لك أن تلج أي مدرسة لترى ما تتقزز منه النفوس وتشمئز منه القلوب وتكاد تطير منه العقول، فعذرا وأسفا على هذه الكلمات فربما خدشت بعض المشاعر وآذت ذوي الضمائر وأولي الأمر والعقول والبصائر، والله يشهد أنها ليست ظنونا واتهامات بل واقع واعترافات أداء للأمانة وتبليغا للرسالة، وحقائق يعلم الله كم ترددت في بثها وتعثرت لوحة المفاتيح بكتابتها، حرصا على المشاعر وتحريا لآداب النصيحة، فهي عتاب جارح من مشاهد ناصح، فما يسع غيورا أن يبقى متفرجا وهو يرى جيلا كاملا مابين مهموم ومغموم وحائر ومكدر الخاطر، مابين تائه وضائع، مابين متساقط ومنتكس... لو علم الآباء الذين هم على فطرة الحياء والفضيلة ما يجري في المدارس لكان لهم موقف! وإني بصفتي رجل تربية وتعليم؛ فقد أخذت القرار من الآن أن لا يلج المدرسة العمومية من أكون ولي أمره اللهم إلا إن تغير الحال ... وتبدلت الأحوال...أنقذوا أبناءكم وبناتكم وإخوانكم وأخواتكم من الضياع ...أنقذوهم من الفساد والإفلاس ... همسة: قد تكون مدارس التعليم العتيق حلا لمعضلة التربية والتعليم لما تخرج من كفاءات في العلم والتربية ... . للتواصل مع الكاتب: [email protected]