من الذي سيتحمل مسؤولية المجزرة التي ذهب ضحيتها 55 من الأبرياء في معمل ليساسفة بالدار البيضاء يوم السبت 26 أبريل 2008 ؟ ومن الذي يمكنه أن يتحمل مسؤولية محاسبة المسئولين عن هذه المجزرة الحقيقية التي أودت بحياة أناس لا هم نجوا بحياتهم ليواصلوا إعالة أسرهم ولا هم تركوا وراءهم شيئا ليسدوا أفواه الجياع الذين تركوهم يبكون من أطفال وآباء مقعدين وغيرهم .... ؟ لقد تبين بالملموس هشاشة الاقتصاد المغربي ومجال التشغيل بالمغرب عموما ، بل توضح بالملموس أيضا ضعف الدولة ومؤسساتها المتدخلة في مجال التشغيل في التدخل لفرض القانون وتطبيقه ومراقبة المعامل والشركات ومتابعة أحوال العامل المغربي الذي أصبح يمارس عليه دور العبد الذي لا يستطيع أن ينتقد أو يندد بما يقع له أو يواجه مشغله بالثورة على ممارساته الهمجية في حقه ، وأصبح بإمكان المشغل في المغرب أن يفعل بالعمال ما يريد ويمنحهم ما يريد ويمارس عليهم كل أنواع الذل و الإهانة كيفما أراد وبالطريقة التي يريد والتي يمكنها أن تشبع نهمه إلى المال والسلطة ، وبالتالي فحري بنا أن نسمي هذا الفعل بالشذوذ الفكري والعقلي الذي أصبح العديد من المشغلين في المملكة الشريفة يتميزون به . ما يحز في النفس حقيقة أن ترى كل هذه الكوارث الاجتماعية في المغرب ولا نرى في نفس الوقت تحركا رسميا بنفس الدرجة من الأهمية ، ففي المحرقة لم يستطع المسئولون المغاربة أن يتنقلوا إلى عين المكان إلا بعد ساعات من إخماد الحريق وانتشال الجثث ، وما يحز في النفس أكثر أن نرى سيارات الإطفاء التي من المفروض أن تصل إلى مكان الحادث بعد إشعارها بالخبر وبالسرعة القصوى لتمنع من ارتفاع الضحايا بينما عندنا في المغرب " رخاها الله " فلا داعي للسرعة مادام البشر موجود وموت البعض من المواطنين شيء جميل ومحمود لينقص عددهم الكبير الذي كثرت مطالبه الاجتماعية والاقتصادية ، ثم إنه لمن العيب أن لا تعلن حالة الاستثناء في كل المؤسسات العمومية التي يفترض فيها فتح تحقيق في الحادث عوض الاكتفاء بالقبض على صاحب المعمل وابنه وترك المسئولين الحقيقيين عن المجزرة / المحرقة والتي ساهمت فيها الكثير من الأطراف ابتداء من السلطات التي منحت الترخيص لصاحب المعمل دون التثبت من الظروف المحيطة بتشغيله وتحقيق الظروف الملائمة للعمل فيه ، وكذلك المسئولين في وزارة التشغيل الذين من المفترض فيهم أن يراقبوا العمل في المصنع مرارا وتكرارا للوقوف على أوجه الخلل في التعامل مع العامل وظروفه الشغلية . إننا نستغرب من موقف النقابات المغربية التي من الواجب عليها التدخل لدى المشغل لردعه عن إهانة العامل المغربي ، وإيقاف الهجمة الشرسة التي يقودها المشغل وبعض القطاعات الحكومية ضد المواطن المغربي البسيط الذي أصبح يعيش أوضاعا أقل ما يمكن أن يطلق عليها هو أنها مهزلة حياتية بامتياز . وما نراه على هذه النقابات فقط هو أنها تمارس دور التقية في كل محطة يكون فيها المواطن في حاجة إلى دعم ومساندة فنراها تصرح وتندد دون تدخل مباشر ثم تمر العاصفة ويعود الوضع إلى ما هو عليه ، فلا يعقل أن تكون عندنا عشرات النقابات كل واحدة تغني على ليلاها ولا واحدة استطاعت أن تغير من وضع العامل المغربي والمواطن المغربي اللذين يعيشان حياة المهانة والجوع . فهل تفطن النقابات إلى هذا الوضع وتتدخل لإيقاف مسيرة تصفية الناس الأبرياء بدم بارد ؟ وهل لها الجرأة في الدخول على الخط لمساندة مطالب الشعب المغربي ضد " الباطرونا " الجشعة وضد الحكومة التي لا تحركها أي كارثة وقعت وتقع في البلاد ولا يستطيع " صابون تازة " أن يغسل وسخ قراراتها وووو... "" عزيز العرباوي-كاتب وشاعر مغربي-