يعتبر قطاع العدل والحريات من بين القطاعات الحيوية الحريصة على الحفاظ على كرامة المواطن ومن ثمة صون هيبة الدولة ،كما أنه ولضمان التطبيق السليم لروح القانون تم إحداث مجموعة من المحاكم – الدرجة الأولى والثانية- على الصعيدين المركزي والمحلي ،باعتبارها أجهزة تسهر على تطبيق القانون وزجر كل المخالفين له من أجل ضمان احترام الحقوق الفردية والجماعية،احتراما يكرس مبدأي المحاسبة والمساءلة اللذين شكلا نواة صلبة للبرنامج الحكومي الحالي. يتكون قطاع العدل والحريات ببلادنا من مجموعة من الوحدات الإدارية, القضائية واللوجستية, التي يعهد بتسييرها إلى ثلة من الموارد البشرية المؤهلة كل حسب اختصاصه ، لكنه وبالرغم من ذلك فالقطاع تعترض تقدمه مجموعة من المعيقات والمتمثلة أساسا في: - الروتين والبطء المسطريين; - الروتين والبطء الإداريين; - تفشي ظاهرة الرشوة; - صعوبة تداول المعلومة ; - طول مدد الحسم في ملفات المتقاضين; - صعوبة الولوج إلى أرشيف القضايا هذا ان لم نقل تآكلها ; - ضعف ترسانة قضاء القرب; - نقص في الموارد البشرية ; - نقص في الاعتماد على الوسائل الحديثة في الإعلام والتواصلNTIC -. إن واقع العدل والحريات ببلادنا, ليحتم علينا التشخيص الصحيح لأدواته و المضي قدما في اعتماد إستراتيجية واضحة المعالم هدفها الأوحد هو التطبيق الصحيح للقاعدة القانونية، تطبيقا يضمن احترام حقوق وواجبات الأفراد والجماعات. إن الاستقراء الصحيح لمجموع المعيقات التي تعترض تطوير قطاع العدل والحريات بالمغرب، يتطلب منا الوقوف عند كل واحد منها وقفة تأمل ودراسة متمعنة و دقيقة. لقد أضحى النهج الاستراتيجي من بين أنجح السياسات التصحيحية إن صح التعبير، التي أصبحت تعتمد من طرف مجموعة من القطاعات وبخاصة تلك المرتبطة بالواقع اليومي للمواطنين، وبالتالي واذا ما أردنا تطوير القطاع فلا محيد لنا من الاعتماد على مفهوم تدبيري أعطى أكله في الدول المتقدمة اصطلح على تسميته بالإستراتيجية الرقمية لوزارة العدل والحريات. تتأسسالإستراتيجية الرقمية لوزارة العدل والحريات، على مجموعة من الأسس التي لا يمكن أن تقوم بدونها والمتجلية أساسا في: - ضرورة القيام بدراسة تشخيصية وميدانية تشاركية لقطاع العدل والحريات , سواء فيما يتعلق بإمكانياته المادية البشرية واللوجستية وتضمينها في تقرير أولي مفصل; - الاعتماد على التقرير الأولي من أجل استخراج مجموع المعيقات التي تحد من فعالية خدمات القطاع ; - إعداد برنامج عمل إصلاحي أولي تشاركي يتم من خلاله دراسة كل عائق على حدة ومن تمت الخروج بمنهجية إصلاحه; - إعداد برنامج لدفتر تحملات توقعي يتدارس من خلاله مجموع الإمكانات المادية البشرية واللوجستية المتطلبة من أجل تفعيل المنظومة الرقمية داخل قطاع العدل والحريات ببلادنا; - إعداد برنامج إصلاحي لمنظومة العدل والحريات بشقيه المنهجي والمادي وتحديد نقطتي انطلاقه ووصوله; - اعتماد منهج التقييم القريب، المتوسط والطويل الأمد باعتباره أداة يمكن من خلالها الاطلاع في كل حين على السير الصحيح للمشروع الإصلاحي من عدمه ; ومن هذا المنطلق، فان التطبيق الصحيح للإستراتيجية الرقمية لوزارة العدل والحريات رهين ب : - إيمان كل الفاعلين في هذا الحقل بضرورة التغيير ; - إشراك جميع الفاعلين المجتمعيين في منظومة التغيير; - الاحترام الكامل والحرفي لمجموع بنود الإستراتيجية; - توفير جميع الإمكانات المادية البشرية واللوجستية الكفيلة بضمان التطبيق الصحيح للمشروع; - تحديد مسؤوليات المسؤولين عن كل بند إصلاحي كل واحد منهم على حدة الشيء الذي سيضمن لنا تطبيق مبدأ المساءلة باعتباره مكونا أساسيا من مكونات الحكامة الرشيدة; - تحفيز كل المسؤولين على إخراج الإستراتيجية الرقمية لوزارة العدل والحريات إلى حيز الوجود; - الحرص على إعداد بيانات وتقارير دورية يبين من خلالها تقدم مشروع الإصلاح من عدمه; - الحرص على عقد شراكات مع جميع الفاعلين في حقل العدل والحريات وذلك في أفق تبني مقاربة تشاركية للمشروع. انه وبالرجوع إلى حصيلة الاستراتيجيات المعمول بها في القطاع الخاص والمستنبطة من نمط التدبير الخاص، سيتبين لنا لامحالة جودة النتائج المحصل عليها ، ومن ثمة فعاليتها وتحقيقها للنتائج المرجوة منها والمتجلية أساسا في: - خلق نظام معلوماتي مشترك بين الوزارة الوصية وجميع المصالح التابعة لها سواء كانت إدارية قضائية أو لوجستية، هذا النظام الذي ستتم تغذيته وبصفة منتظمة بمجموع النصوص القانونية والمستجدات المرتبطة بالقطاع، مما سيسهم في سرعة وصول المعلومة ومن تمت الانعكاس إيجابا على السير الجيد لكل المصالح; - خلق شبابيك أوتوماتيكية مرتبطة بالنظام المعلوماتي الأم بكل محاكم المملكة, توكل إليها مهمة تسجيل الشكايات والمخالفات من طرف المتقاضين أنفسهم، وفي حال تعذر ذلك يعهد إلى موظفين مكونين لهذا الغرض للقيام بهذه المهمة; - اعتماد النهج الأوتوماتيكي في معالجة القضايا، سيمكننا وبسهولة من حصر عدد القضايا المعالجة سنويا ; - سهولة الحصول على معطيات دقيقة بخصوص العدد السنوي للجرائم المخالفات والشكايات ،وبالتالي اعتماد منهاج واضح ومعقلن في عملية إعداد الإستراتيجية القطاعية للعدل والحريات ; - اعتماد النهج الأوتوماتيكي سيمكننا من تطبيق نمط إدارة بلا ورق; - نشر جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم بمواقعها الالكترونية وكذا بالموقع الرئيسي للوزارة الوصية مع إعطاء كل ملف رمزا مشفرا لا يستعمل إلا من طرف المعنيين بالأمر وذلك بغية المحافظة على سرية المعلومات; - خلق الأرشيف الالكتروني, مما سيسهل عملية الولوج إلى المعلومات المتعلقة بملفات المتقاضين بصفة مستمرة. لقد غدا النمط المعلوماتي، من بين أهم الوسائل التي من الواجب الاعتماد عليها من أجل النهوض بأي قطاع كيفما كان نوعه، الأمر الذي أبان عن نتائج مبهرة أكدت فعاليته وبالتالي فلمالا اعتماده في قطاع العدل والحريات المرتبط بالمعيش اليومي للمواطن والذي لا زال يعاني وكما سبق ذكره من مجموعة من المعيقات التي تعترض تقدمه وتطوره.