يمكن تعريف الجماعات الترابية، بأنها تلك الوحدات الإدارية الترابية التي أوكلت لها مهمة تمثيل الدولة على الصعيد المحلي من جهة وتقديم خدمات القرب للمواطنين من جهة أخرى, وبالتالي وانطلاقا من هذا التعريف المقتضب يتبين لنا بأن الهدف المرجو من وراء إحداث هذه الوحدات المحلية هو هدف خدماتي صرف يضع في صلب اهتماماته تقديم خدمات مواطنة. لقد عرفت الجماعات الترابية تطورات عدة إن على الصعيدين الوطني والدولي, الأمر الذي يمكن ربطه بمجموع متغيرات الحياة الإنسانية المتواصلة والمتجلية أساسا في: التزايد الديمغرافي العالمي المهول , كما هو الحال بالنسبة لبعض الدول ذات الكثافة السكانية العالية كالصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية; التطور التكنولوجي الذي أفرزته ظاهرة العولمة المفرطة المرتبطة بسرعة الخدمة, مما يمكن تفسيره بالإقبال المتزايد على استعمال الوسائط المعلوماتية كالحاسوب المرتبط بطبيعة الحال بشبكة عنكبوتيه جعلت من العالم قرية صغيرة الخ..... وبالتالي, وإذا ماحاولنا إعمال مبدأ المقارنة بين وضعية هذه الوحدات الترابية بالدول المتقدمة بنظيرتها بالدول السائرة في طريق النمو كالمغرب, يتبين لنا بأن الفرق شاسع مما يمكن تفسيره بأن هدف النشأة واحد إلا أن طرق تنزيله تختلف من بلد إلى آخر. لقد عملت مجموعة من الدول المتقدمة، على نهج سياسة الباب المفتوح فيما يتعلق بمجالات تدبير شؤون مواطنيها المحلية, بحيث نجدها قد أعطت لمفهوم استقبال المواطنين و الإنصات إلى مطالبهم بعدا أساسيا نجده قد انعكس وبصورة مباشرة على نمط عيش مواطنيها , كل ذلك يستشف من خلال مستوى الخدمات الراقي الذي وصلت إليه عمليات تدبير شؤون المواطنين المحلية داخل هذه البلدان عبر استعمال مجموعة من الآليات الحديثة في معالجة المشاكل اليومية للمواطنين, والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: - خلق برامج معلوماتية تمت تغذيتها بكل المعلومات الخاصة بالمواطن المحلي, مما سهل وبصفة أوتوماتيكية عملية الاستجابة لمطالب المواطنين بسرعة وجودة عالية; - إحداث شبابيك استقبال مختلفة الاختصاص, مما يسهل عملية تعرف المواطن على المصلحة التي سيقصدها من أجل الحصول على خدمته, هذا دون أن ننسى بأن نهج مثل هذا الأسلوب بإمكانه القضاء على ظاهرتي التيه والاكتظاظ المرفقي; - إحداث شبابيك الخدمات الترابية الالكترونية مثل ماهو معمول به في دولة السويد, بحيث أنه بإمكان المواطن الحصول على ما يحتاجه من وثائق إدارية طوال أيام الأسبوع عبر الشباك الاتوماتيكي, ولما لا عبر خدمة الانترنت; - الاعتماد على الوسائل المعلوماتية الحديثة, ساهم وبصفة أوتوماتيكية في خلق أرشيف الكتروني متعدد الاستعمالات الأمر الذي يسهل معه ضبط عدد الساكنة المحلية , ومن ثمة اعتماد سياسات التخطيط الاستراتيجي التنموي الاقتصادي والاجتماعي الترابي الملائم ; - تحمل المسؤولية الترابية من قبل أطر شابة كفئة ومؤهلة تأهيلا يتماشى وتحديات العولمة الخ..... إن وضعية تدبير الجماعات الترابية ببلادنا, لتنم عن مجموعة الشوائب التي مازالت تنخر الجسم المحلي مثل: - البطئ والروتين المسطريين; - تفشي مظاهر الرشوة الزبونية والمحسوبية; - ضعف تكوين الأطر المحلية, وخاصة في المجالات المتعلقة بتدبير الشأن العام; - غياب آليات التشوير داخل الجماعات الترابية; - غياب مفهوم الاستقبال داخل الوحدات الإدارية الترابية , الشيء الذي انعكس سلبا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين و كذلك على ضعف معدلات الاستثمار المحلي والوطني الخ... لقد شكلت مختلف المعيقات السابق ذكرها , عاملا سلبيا أثر وبصفة مباشرة على الإنتاجية الخدماتية المرجوة من وراء إحداث الجماعات الترابية, مما يمكن إرجاعه بالأساس إلى ضعف مفهوم الاستقبال داخل هذه الوحدات الإدارية. إن مغرب العهد الجديد، مطالب من أي وقت مضى بنهج سياسة الباب المفتوح في تدبير الشؤون المحلية داخل تراب الجماعات الترابية، لا لشيء إلا لان تطبيق سياسة القرب المحلي قد أصبحت ضرورة أكثر منها غاية، هذا إذا ما أردنا الرقي بجودة الخدمات المحلية إلى المستوى المعمول به داخل الأنظمة المحلية للدول المتقدمة, لذلك فلمالا نجعل من الاستحقاقات الجماعية المقبلة استحقاقات الباب المفتوح المواطن.