منذ حوالي شهر انطلق التحضير الفعلي، العملي للمؤتمر الوطني التاسع للاشتراكي للقوات الشعبية الذي من المنظر أن ينعقد في غضون شهر شتنبر، و هو التحضير الذي يجر من وراءه سنوات طوال من التفاعل الايجابي و السلبي بالمجتمع و الدولة، كان متأثرا بمجريات العمل السياسي بالمغرب منذ الاستقلال الى الان، و كذا مؤثرا فيه و صانعا لأهم الانعطافات الكبرى التي شهدها المغرب، و ظل سؤال الديموقراطية بمفهومها الشامل السياسي، الاجتماعي و الثقافي، وكذا علاقة الحزب بالدولة ودور المؤسسة الملكية في المشهد السياسي..... وهي اسئلة مؤرقة عمد الحزب من خلال محطتين رئيسيتين الاجابة عنها حيث يظل المؤتمر الاستثنائي ل 1975 و اللحظات الصعبة التي عاشها الحزب و مناضلوه قبيل انعقاده، والقرارات التمهيدية للحظة ميلاد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بصيغته التي شكلت لحظة تأسيسية حقيقية له، من خلال قرارات المؤتمر: - القطع مع "البلانكية" و تأثير الموجات القادمة من الشرق التي تميزت بصعود قوي للتيار القومي ، عبد الناصر في مصر، حزب البعث في سوريا و كذا العراق - تجاوز تأثريات الهزيمة العربية "حرب يونيو"، و غيرها من الهزات التي عرفها المشرق العربي و التي كانت لها بصمتها على التقرير الإيديولوجي الصادر عن المؤتمر الاستثنائي، الذي يظل أهم قرار صادر عنه هو اقرار "استراتيجية النضال الديموقراطي" كآلية للنضال و قاعدة " التحليل الملموس للواقع الملموس" كآلية للتحليل و لقراءة الواقع المغربي و لتطوره التاريخي ، و تبقى قرارت يوليوز 1972 من القرارات التنظيمية المهمة التي مهدت لنوع من الوضوح "النضالي" في مسيرته و التي مهدت بقوة لكي يخرج للوجود المؤتمر الاستثنائي بقراراته السياسية و التنظيمية التي عرفها وأقرها من بينها... وتبقى وثيقة " أزمة المجتمع في البناء الديموقراطي" التي تم رفضها بضغط من بعض مراكز القوى داخل الحزب التي كانت مازالت متأثرة بالتيارات خصوصا "القومية" منها داخل و خارج الحزب ، وهي الوثيقة التي كان لو تم تبنيها في تلك الفترة، خصوصا و انها كانت استشرافية للتطورات التي يعرفها العالم من خلال انهيار جدار برلين، و سقوط الاتحاد السوفياتي، و انهيار كامل للمعسكر الشرقي بما يمثله من قيمة فكرية و إيديولوجية خصوصا على الاحزاب و التيارات اليسارية من بينها طبعا الاتحاد الاشتراكي.......لكان الاتحاد الاشتراكي سباقا في العالم العربي و المغرب الى التحول من "الاشتراكية العلمية" الى " الاشتراكي الديموقراطية" محققا قفزة فكرية توازي تلك التي حققها من خلال الانتاج الفكري للمؤتمر الاستثنائي " التقرير الاديولوجي". بالعودة هنا للفترة الفاصلة بين المؤتمر الوطني الخامس و السادس التي امتدت لأكثر من عشر سنوات و شهد فيها المغرب تغييرات سياسية كبيرة أدت الى ميلاد "التناوب التوافقي" بقيادة الاستاذ عبد الرحمن اليوسفي، لكن هذا التحول العميق الذي عاشه المغرب و قاده الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يواكبه تحولا قبليا داخل الحزب بل ظل يتجاذب اطرافه صراعا قويا تنظيميا أضعف الحزب و أنهكه ليصل للمؤتمر الوطني السادس و هو ضعيفا تتجاذبه عدة أطراف: التيار الأغلبي الذي كان مؤمنا و مدافعا عن المشاركة و قيادة حكومة 1998، و مجموعة الأموي التي خرجت لتأسس ما عرف فيما بعد بالمؤتمر الوطني الاتحادي التي كان صراعها بالاساس صراعا تنظيميا أكثر منه فكريا، عكس من عرفوابالوفاء للديموقراطية التي راهنت بقوة على توحيد بعض أطياف اليسار الجدري، هذا التجاذب انتهى بما آل اليه المؤتمر الوطني السادس خصوصا على الصعيد التنظيمي، جعله يعيش تجليات أزمة التنظيمية قوية، لكن ما اعتبر مكسبا للحزب آنذاك هو الانتاج الفكري و السياسي الذي انتجه المؤتمر من خلال الوثيقة السياسية والتي أعطت نفسا كبيرا للتيار الاشتراكي الديموقراطي بالمغرب و أعادة قيمة و فكرة "الاشتراكية الديموقراطية" كبديل اجتماعي حقيقي قادر على تقديم الاجابة على كل قضايا المجتمع.. إن المسلسل الذي عرفه الاتحاد الاشتراكي منذ لحظة المؤتمر الوطني السادس الى الان، هو مسلسل تراجعي عكسته النتائج التي ظل يحصل عليها تباعا منذ الاستحقاقات التشريعية ل 7 شتنبر 2007 و قبلها نتائج الانتخابات الجماعية ل 2003....و غيرها من الاستحقاقات الانتخابية التي من خلالها يمكن معرفة مدى تجاوب المواطنين مع برنامج الحزب خصوصا في جزءه الاجتماعي والسياسي... السؤال هنا، اذا كان العديد و أغلب متتبعي الشأن الاتحادي عن قرب سواء كانوا فاعلين فيه، أو مراقبين له، يقرون بأهمية الوثائق الصادرة عن المؤتمر الوطني السياسي، فما هي أسباب تراجعه الانتخابي؟ خصوصا و أنه حققا انتصارا انتخابيا في انتخابات 2002؟ لماذا كلما عمد الحزب الى توضيح خطه السياسي و الإيديولوجي لا يقابله انتشار قاعدي وسط العامة من الناس؟ أسئلة تؤرق كل المهتمين بمستقبل الحزب، خصوصا مع ما عبر عنه شخصيا الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي في دورته الاخيرة للمجلس الوطني من اتجاه الاتحاد نحو " الانتحار الجماعي" و هو وصف دقيق لما قد يؤول اليه الحزب خصوصا مع تنامي حالات الانفلات التنظيمي بمختلف الفروع و الاقاليم و الجهات....فاذا اردنا تقديم تشخيص و لول مختصر لوضعية الحزب التنظيمية في لحظته الراهنة، هو تشخيص سيصل الى نتيجة كون الحزب لم يعد جذابا للمواطنين بسبب: - أغلب التنظيميات الحزبية" القاعدية من كتابات جهوية، كتابات اقليمية، و فروع..."لم تعمل على تجديد نفسها و هيكلتها رغم انصرام الآجال القانونية لذلك، و المتبقي منها لا تأثير لها على المناضلين قبل أن يكون لها تأثير على المواطنين.... - الشلل الذي تعرفه "القطاعات" الحزبية خصوصا الشبيبة الاتحادية التي تحتاج الى طرح سؤال حول مدى جدية استمراريتها بهذا الشكل التنظيمي و هل من الضروري ان يكون للحزب اليوم قطاع شبابي تابع للحزب؟ في حين بالعودة لمختلف نماذج الاحزاب الاشتراكية الديموقراطية في العالم نجدها ليست لها تنظيمات موازية على شاكلة القطاعات الموازية كالتي يشتغل بها الحزب و تعتبر جد تقليدية غير مواكبة للمتغيرات التي عرفها و يعرفها المغرب ديموغرافيا، ثقافيا سياسيا....، فما هي الأسئلة التي يجب أن تطرح خصوصا في شقيها التنظيمي و السياسي ليتجاوز الحزب حالة التراجع داخل المجتمع خاصة و أن المغرب مقبل على استحقاقات انتخابية سيكون لها ما بعدها على مستقبل المغرب خصوصا فيما يتعلق بمستقبله الجهوي؟ سؤال التنظيم؟ لاشك وأن الحزب ظل منذ ميلاده سواء في مرحلة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية او في لحظة المؤتمر الاستثنائي و ما بعدها حزبا " يعقوبيا" متمركزا حول "الزعيم" ، و اذا كان لسنوات السبعينات و الثمانينات مبرر لمثل هذا الاختيار الممركز للقرار الحزبي في أعلى هرمه خصوصا مع تواجد أشخاص مثل الراحل الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، فان الحزب الذي قاد تحولا و انتقالا سياسيا و ديموقراطيا بالمغرب لم يشهد مثل هذا التغير داخل بنيته التنظيمية بل ظل طيلة التسعينيات من القرن الماضي تحت تأثير صراع الزعامات " النقابية، السياسية...." التي كانت متأثرة بصورة الزعيم عبد الرحيم بوعبيد و بمدى انسيابية الجماهير معه، و رغم اقرار الحزب في وثائق مؤتمراته " السابع و الثامن" على انتقال الشرعية و تحولها من الشرعية التاريخية الى الشرعية الديموقراطية، الا ان طريقة اشتغاله الحلقي، ظل ممركزا للقرار الحزبي في دوائر مغلقة أدت في أهم لحظاته الى التراجع و تسببت في ترهله التنظيمي، ان الحزب اليوم في حاجة الى اقرار آلية ديموقراطية حقيقية تعمل على احداث قطيعة مع مرحلة "البناء اليعقوبي" للتنظيمي الحزبي، و الانتقال به الى اقرار تناوب كامل على المسؤولية الحزبية قاعديا و افقيا، و أن يكون للمسؤولية حدود معينة، لكن كيف ذلك؟ لايمكن للحزب الذي ظل منذ مؤتمره الوطني الثامن و هو يطالب باقرار نظام برلماني يكون هو في نفس الوقت يشتغل بآلية تنظيمية تجعله حزبا " رئاسيا" لا دور فيه لبرلمان الحزب " المجلس الوطني"، لذلك وجب العمل بشكل جاد و عملي على اقرار هذا التحول، بأن يتحول الحزب الى حزب "برلماني"، حيث السلطة في اتخاذ القرار السياسي و التنظيمي يعود بشكل كلي الى مجلسه الوطني، لكن ليس بصيغته الحالية المعقدة، التي أدت الى تمييع العمل داخله، و لم يعد معنى لتواجده بصورته الحالية.... الحزب اليوم عليه القطع مع الاسلوب القديم سواء في كيفية اختيار أجهزته أو في أسلوب العمل و اشتغال مؤسساته خصوصا الجهوية منها و المحلية، لذلك لابد من اقرار شيئين رئيسيين هنا: أولا: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بما هو حزب متحرك، متفاعل مع محيطه السياسي و الاجتماعي، وهو يواكب تحول الدولة من دولة مركزية الى دولة تعتمد على الجهة كلبنة أولى و رئيسية في بناءها المؤسساتي، لابد و أن يكون هناك تقييم لتجربة التنظيم الجهوي الذي عرفه الحزب منذ انطلاق العمل به حوالي أربع أو خمس سنوات، فأي تقييم بسيط لمختلف هاته المؤسسات الحزبية سيتم الوصول بشكل سهل الى خلاصة مفادها ان الحزب لابد و ان يستلهم و يقرئ بتمعن حقيقي تجربة الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني نظرا لحالة التقارب السياسي بين تجربة البلدين، فكليهما يعيشان تحت وطئة وجود نزعات "انفصالية" ، و كليهما عاشا تجربة التحول الديموقراطي التي كان للملكية فيها دور كبير و ان اختلفت درجتها بين البلدين، لذلك على الحزب اليوم ان يطرح موضوع "الحزب الفيدرالي/ أو الحزب الجهة الحقيقية" موضوع تساءل حقيقي و بحث عميق، تكون للجهات فيه كامل سلطاتها التنظيمية على مجالها الترابي/الحزبي. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ظل ضحية أداته التنظيمية، يحتاج لإعادة هيكلة هذه الأداة عموديا و أفقيا، لم يعد مقبولا اليوم ان يتحكم "الكاتب الاول" أو "المكتب السياسي"كجهازين تنفيذيين، في مصير الحزب و يحدد توجهه، فصورة القائد الموجه قد انتهت مع رحيل الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، رغم المحاولات التي تم اقرارها سواء في وثيقة 28 نوفمبر و كذا في وثائق المؤتمرات الحزبية " السادس أساسا" و الذي تم الاعتماد فيها على مبدئ التناوب و التداول على المسؤولية باعتبارها المدخل التنظيمي الوحيد للقطع مع ما عرف ب"الشرعية التاريخية" و الانتقال " للشرعية الديموقراطية" تم التراجع عنها و عدم العمل بها. اليوم و الاتحاديون/الاتحاديات متجهين نحو مؤتمرهم الوطني التاسع مدعوون لاقرار مجموعة مبادئ تنظيمية تجعل من الحزب فعلا حزبا اشتراكيا ديموقراطيا، فالانتساب لهذه المدرسة الفكرية و لهذه العائلة لايكون فقط باحداث تغييرات إيديولوجية على الوثيقة المرجعية الفكرية للحزب، بل فلسفة الاشتراكية الديموقراطية تتجاوز ذلك، و تصل الى شكل بناء الاداة الحزبية و طرق تنظيم العلاقات داخلها و كيفية تدبيرها... لذلك وجب التوجه نحن اقرار مجموعة مبادئ اولية في هذا الباب، اعتبارا لكون أزمة الحزب طيلة العشر سنوات الاخيرة كانت ازمة تنظيمية بالأساس، و لم تأخذ ذلك الطابع السياسي او الفكري المبني على الاختلاف في الموقف الا في لحظات قليلة، فجوهر الازمة منذ ان تم اعتماد "الاشتراكية الديموقراطية" كمنهج للتحليل و كمرجع فكري و إيديولوجي في المؤتمر الوطني السادس بشكل رسمي و مؤسس له نظريا، ظلت ازمة الحزب تأخذ طابعا تنظيميا، فالمفارقة التي ظلت مطروحة هي: كيف للحزب الذي قاد التحول الديموقراطي ببلادنا لم يستطع ان يحدثه داخليا؟ بل ظل يشتغل بنفس الأدوات التقليدية؟ والمفارقة الاخرى التي نحتاج لتأملها هنا: كيف للحزب الذي ظل أداؤه السياسي في الثلاث سنوات الاخيرة متقدما، منذ مؤتمره الثامن مع المطالبة بالملكية البرلمانية، و تقديم مذكرة للمطالبة بتعديل الدستور بشكل منفرذ في 2009، و انخراط مناضليه ، بل الحزب نفسه في مرحلة متقدمة بشكل ميداني في الحراك الشعبي ل 20 فبراير، و اعلانه استمراره للمشاركة في حكومة عباس الفاسي رهين بإقرار اصلاح سياسي و دستوري عميق من خلال بيان المجلس الوطني مارس 2011...الى غير ذلك من المبادرات السياسية المتقدمة، هو نفسه الحزب الذي لم يحصل على نتائج مهمة في الاستحقاقات الاخيرة، بل كانت متناقضة مع أداءه وحضوره السياسي هي أسئلة تضاف لأسئلة اخرى يتداوله الاتحاديون و الاتحاديات فيما بينهم، تحتاج للتمحيص و الفهم الجيد لاستخلاص الدروس..... إن تتبع تركيب مثل هذه المتناقضات التي يمكن ان تسجل بين الاداء السياسي للحزب الايجابي، و بين ضعف انتشاره و فقدان ارتباطه بالمواطنين....سيصل بنا الى أن أزمة الحزب اليوم هي بالأساس أزمة تنظيمية و تنظيم، أزمة أداة ظلت تراوح مكانها، و كانت ضحية التطاحنات الفوقية و المحلية حول "الزعامة" و حول "القيادة" و حول التمثيلية في المؤسسات بدءا بالانتخابات الجماعية الى الحكومة.. لذلك يحتاج الحزب الى اقرار مبادئ تنظيمية تكون أولا ملزمة، ثانيا تفتح الحزب في وجه عموم مناضليه و لا تجعله مغلقا داخل دوائر معينة، راكمت القوة التنظيمية من خلال المواقع التي احتلتها، و التي من خلالها أصبحت تختزل الحزب في ذواتها، هذه المبادئ هي: أولا ربط المسؤولية بالمحاسبة: لم يعد مقبولا اليوم ان يعمل الكاتب الاول للحزب و المكتب السياسي على تدبير لحظاته السياسية خصوصا الانتخابية، و كذا الاجهزة المحلية التي تتحمل مسؤولية تدبير هذه اللحظات في منأى عن اي محاسبة، التقليد الديموقراطي الذي نشاهده لدى الاحزاب الأوربية بمختلف تموقعاتها اليسارية و اليمينية، التي بمجرد ان يفشل قائدها في تحقيق النتائج المرجوة يعمل على تقديم استقالته دون الحاجة الى المطالبة باقالته، أو رحيله..... وهذا يعني ان الولاية على تدبير الحزب و على تحمل المسؤولية داخله يجب أن تكون ملائمة للولاية الانتخابية " البرلمان، الجماعات المحلية"، بهذا الشكل سيتحول الترشح للكتابة الاولى من صراع اشخاص يأخذ طابع " جشد" المؤتمرين الى صراع برنامج سياسي و تنظيمي يطرح من خلاله المرشح نظرته و برنامجه الذي سيوصل من خلاله الحزب الى تحمل المسؤولية الاولى في البلاد و الى الفوز في الانتخابات، هل هذا يعني اننا سنتحول الى حزب انتخابي؟ طبعا لا، بل سنكون منسجمين مع قواعد اللعبة السياسية التي أصبحت مع دستور 2011 توصل من فاز في الانتخابات الى رئاسة الحكومة، و يمكن ان نستخلص الدروس من تجربة الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي ظل لسنوات بعيدا عن رئاسة فرنسا، و كذا ما حصل عليه الحزب الثوري بالمكسيك مؤخرا من أصوات و التي اهلته لقيادة البلاد بعد ان ظل يعيش الهزائم الانتخابية لسنوات طوال. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنخرط في عملية النضال الديموقراطي المؤسساتي يجب ان يبحث اليوم عن صيغة، و يمكن اعتبار ما ذكر اعلاه احدى الصيغ الممكنة، ليعرف كل من تحمل المسؤولية " الكاتب الاول، الكاتب الجهوي، الاقليمي، كاتب الفرع" انه سيحاسب على مرحلة تدبيره من خلال النتائج التي سيتحصل عليها و التي ستعكس قوة الحزب داخل المجتمع. ثانيا: التداول على المسؤولية " حزبيا، و تمثيلا داخل المؤسسات": ان الانطلاق من قاعدة كون هناك اجماع لدى كل الاتحاديين/ات، الى الانتقال نحو الشرعية الديموقراطية بدل "الزعاماتية" ، ينطلق من ضرورة الانهاء مع "الزعيم" و "المسؤول الحزبي" الذي لا يمكن تغييره، و الذي يستمر في موقعه التنظيمي الى اجل غير مسمى، حان الوقت لاقرار مبدئ الولايتين بشكل واضح، تجعل كل من تحمل المسؤولية داخل المواقع الاولى للحزب يتخلى عنها تلقائيا بمرور ولايتين. ذلك سيسمح في أن يعمل الحزب بداية على تأهيل أطره لتحمل المسؤولية لأنه يعي أنه في حاجة ماسة لها ، و ثانيا تحقيق الانفتاح الحقيقي على الاطر الموجودة في المجتمع، التي تخلينا عنها و ما حدث مؤخرا في المؤتمر الوطني للمهندسين و شبهانعدان تمثيليتنا داخل المؤتمر و انعدامها في باقي الاجهزة التقريرية ، أضف لذلك فقداننا لمواقع مهمة "عدد النقباء المحامين الاتحاديين لا يتعدى الواحد"، و امكانية فقداننا لمواقع اخرى، و التي من شانها أن تهدد الحزب في وجوده و تغتال تواجده داخل الطبقة المتوسطة، كما ان اقرار مبدا التداول في تمثيل الحزب داخل المؤسسات المنتخبة سيعفي الحزب من امكانية ان يراكم البعض أمام اغراء المنصب و المقعد للمصالح و المنافع التي في النهاية تضر بالحزب و بصورته داخل المجتمع..... ثالثا: التقاعد السياسي، اليس الحزب او أليس المناضل في حاجة الى تقاعد سياسي؟ سؤال يجب طرحه بقوة امام الثورة الديموغرافية التي يعرفها المجتمع المغربي، سؤال يجب ان يطرح و نحن نشاهد في كل الاستحقاقات الاروبية قيادات شابة معدلها العمري يتراوح ما بين 45 سنة و 50 سنة، في حين ان القيادات السياسية للاحزاب المغربية و على رأسها الاتحاد الاشتراكي أغلبهم يتجاوز السبعين سنة او على أبوابها، لست هنا في مجال طرح فكرة " اغتيال" النخب السياسية، أو " صراع الاجيال" لكن أليس من المنطقي أن نتساءل، اذا كان أي فرد منا بمجرد بلوغه سن الستين يحال على التقاعد من عمله لعدم قدرته على الانتاج، أن يستمر الى ما بعد السبعين في تحمل القيادة الاولى للحزب؟ ما مدى قدرته على الانتاج؟ تنظيميا و ما يستلزمها من طاقة و جهد فكري و جسماني؟ قد لا تكون هذه الفكرة قادرة على العمل بها في لحظة مؤتمرنا الحالي لأنها تحتاج الى اعداد الاطر اللازمة لذلك، لكن يمكن جعلها أفقا طبيعيا نعيشه فب المؤتمر الوطني العاشر. فكرة التقاعد السياسي، هي فكرة ستسمح ببروز نخب سياسية مواكبة و متفاعلة و من قلب اللحظة السياسية التي يمر منها المغرب و الحزب، بما يحمله من تفاعل و حركية داخل هرم المجتمع المغربي. رابعا: تنظيم و توضيح دور برلمان الحزب " المجلس الوطني": لا شك أن الذين عايشوا تجربة المجلس الوطني الحالي، سيصل الى نتيجة تشير مباشرة الى عدم فاعلية هذا الجهاز، و عجزه عن قيادة الحزب بشكل فاعل، و بشكل يجعله هو مصدر اتخاذ القرار، و السلطة داخل الحزب، لكن استمرار التجربة التنظيمية المازجة بين "التنظيم اللينيني" الممركز للقرار في قمة الحزب، و بين تأثير "اليعقوبية" المتأثر بها من التجربة السياسية الحزبية الفرنسية بحكم الاحتكاك الطويل بين النخب السياسية المغربي على رأسها الاتحاد الاشتراكي و بين فرنسا دولة و نخبا سياسية، جعلها تبني تجربة حزبية مغربية موغلة في التمركز. المجس الوطني، اليوم و من خلال تجربته الذي يلتئم في فترات متباعدة، و يجعل من انعقاده رهين بتوافق و رغبة أعضاء المكتب السياسي، شله و جعله جهازا عاجزا، فالحزب غم اقرار ضرورة انتخاب رئيس للمجلس الوطني، و هيكلته، الا انه ظل يشتغل طيلة الثلاث السنوات الماضية دون وجود أية هيكلة له، كانت ستنظم عمله في استقلال تدبيري عن تأثيرات المكتب السياسي و صراعا أو اختلاف أعضائه، الامر كان واضحا، هذا الجهاز الاخير " المكتب السياسي" ظل متأثرا بالمراحل التنظيمية التي عاشها الحزب طيلة وجوده التنظيمي و السياسي، في مركزة القرار الحزبي لديه، بدءا بتدخله في هيكلة الاقاليم و الجهات الى البث في التزكيات، و الترشيحات.....، و هذا يجعله في حالة تناقض تام بين مطلبه السياسي و مشروع الدولة الذي يريد بناءها " نظام ملكية برلمانية" ، و بين طريقة تنظيمه و كيفية تدبيره لأموره الداخلية و هي الاشتغال بروح التنظيم الرئاسي، و الحزب المركزي.... المجلس الوطني يجب أن يتحول من الصورة " الشكلانية" له، الى جهاز يتحمل كافة المسؤولية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة و الموجهة لعمل الحزب، أن ينظم بشكل يجعل من انعقاده ليس رهين بتوافق "الكبار" بل بتنظيم يشتغل بشكل آلي يراقب عمل المكتب السياسي و الكاتب الاول للحزب، و يتخذ القرارات الازمة من تشريع، و تنظيم.... خامسا، الحزب الفيدرالي/ حزب الجهة الموسعة: جميعنا يتذكر ما كان قد صرح به الكاتب الاول السابق محمد اليازغي أثناء انعقاد المؤتمر الجهوي بجهة الصحراء عند مخاطبته للاتحاديين الصحراويين ب " الاتحاد الاشتراكي الصحراوي"، و قد اعتبر آنذاك هذا الخطاب توجه و اعلان بإيذان تحول هيكلي سيعيشه الحزب يواكب المتغيرات السياسية التي تعرفها بلادنا، و التي تعززت بدستور فاتح يوليوز، الذي اقر "الجهوية الموسعة" و الجماعات المحلية كلبنة أولى و رئيسية في بناء الدولة المغربية الحديثة، و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اعتبر منذ انطلاق المؤتمرات الجهوية الاولى بمختلف جهات المغرب اعلان عن انطلاق تحوله الى حزب لا مركزي، مبني على اسس الحزب "الفيدرالي"، حيث يسمح للتنظيمات الجهوية بتدبير جهاتها بشكل مستقل عن المركز، مادامت طبعا ملتزمة بالخط السياسي و التنظيمي للحزب... إن تقييم بسيط للتجربة الحالية "للجهة الحزبية" ستصل بنا الى كونها تحولت من تجربة تأسيسية للحزب الفيدرالي الى تجربة تم افراغها من محتواها، حتى أصبحت هذه التنظيمات رهينة بيد "المركز"، و لا استقلالية لها حتى في قضايا تدبيرية عادية من قبيل " عقد مجلس حهوي"، و هناك تجارب عدة يمكن استلاهمها في هاته اللحظة التي يمر منها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي تبقى التجربة الاقرب الى التجربة المغربية مؤسساتيا و حزبيا هي التجربة الاسبانية ، و شكل البناء الحزبي لديهم الذي زاوج بين النظام الفيدرالي، و الوحدة الحزبية مع المركز. سادسا: انتخاب الكاتب الاول السؤال اليوم هو كيف يمكن انتخاب الكاتب الاول؟ هل سنستمر بنفس الاسلوب الذي تم اعتماده في المؤتمر الوطني الثامن، القديم، أم انه يجب تجديد الطريقة و الاسلوب حتى يحظى الكاتب الأول المنتخب بشرعية حقيقية من قبل المؤتمرين، لا شك ان انتخاب الكاتب الاول من المؤتمر هو انتصار ديموقراطي، جعل من هذه المؤسسة خاضعة لسلطة جل المؤتمرين، لكن هل انتخاب كاتب أول في دور أول و بعدد الاصوات القليلة التي قد يحصل عليها، تحعله كاتبا اولا حقيقيا، أم ممثل لأقلية مقابل أغلبية صوتت لمرشحين آخرين.....؟ مع اتجاهنا الى المؤتمر الوطني السابع، حان الوقت لانتخاب كاتب اول في دورتين، يتم فيها التقليص من عدد المترشحين، و يجعل من التنافس مفتوحا، قبل أن يتم تحديده، و يعطي للتحالف معنى حقيقي، و ديموقراطي واضح و علني. انتخاب الكاتب الاول في دورتين، سيكون له وقع ايجابي سواء على المترشحين، أو على المؤتمرين، و سيعزز من فرص امتلاكه لشرعية حقيقية، تمثل أغلب المؤتمرين لا بشرعية "أقلية" و سيمكن من توضيح الاختلاف بين المترشحين لهذا المنصب السياسي بالأساس، فاليوم عند انتخابنا لكاتب اول فإننا نكون ننتخب مشروع رئيس حكومة، مرشح الحزب لترأس الحكومة في حالة فوز الاتحاد الاشتراكي بالانتخابات. سؤال السياسي والهوياتي؟ من الاسئلة الاخرى التي يحتاج المؤتمر الوطني التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ان يطرحها بالتناول، و النقاش هو سؤال الخط السياسي، و هوية الحزب التي يجب تمحيص العديد من الابجديات و العناصر المؤسسة للفكر الاشتراكي الديموقراطي كما يراه الاتحاديون و الاتحاديات. على الصعيد السياسي: استحضر بداية انه في الجلسة الاولى للجنة السياسية و الهوية التي نظمتها اللجنة التحضيرية للحزب، و بعيد هيكلتها، ما طرح في مداخلته الاخ جليل طليمات من ضرورة هكذا أسماها " تحيين" الخط السياسي للحزب، و كنت "شخصيا" قد سجلت اختلافي معه حول " تحيين" الخط السياسي و ذهبت في اتجاه ضرورة أن يقوم الحزب بما أسميته " تجديد" الخط السياسي، و لربما كنت أثناءها متأثرا بالحراك السياسي الذي عاشه المغرب، و التغييرات السياسية التي شهدها، و افترضت ان الحزب ليواكبها لابد له من القيام ب "تجديد" لخطه السياسي، لكن بعد انتهاء النقاش، رجعت شخصيا لمراجعة الفكرة، و اتجهت نحو وثائق الحزب و مواقفه منذ المؤتمر الوطني السادس الذي قام بتحديد دقيق لمن هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم، الى بيان المؤتمر الوطني التاسع الذي طالب بالملكية البرلمانية في الوقت الذي اعتبرها العديد من السياسيين و الاعلاميين مجرد مزايدة لاحراج القصر. مع العلم أنها كانت مطلب تاريخي/ راهني لحزب القوات الشعبية و لمختلف قواعده، على مر 25 سنة الماضية، و وصلت الى ما عبر عنه الاخ جليل طليمات، من أن الحزب من خلال المسار الذي قطعه في السنوات الثلاث الفاصلة بين مؤتمريه الثامن و القادم، في الحاجة الى " تحيين" لخطه السياسي و ليس الى تجديد له، لان الخط و المواقف التي عبر عنها، من المؤسسة الملكية، توازن السلط، شكل بناء الدولة....هي نفسها التي عبر عنها الشارع و حراكه، بالتالي لم نكن متخلفين عن اللحظة السياسية الدقيقة التي مر منها الحزب السنة الماضية،بل كانت مواقفه و مطالبه متجسدة في الشارع و يصدح بها مختلف فئات الشعب المغربي. ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و هو متوجه لمؤتمره التاسع، ليس في حاجة الى البحث عن خط سياسي جديد، بل يحتاج الى تحيينه، و تطويره، بما يجعله قادر على مواكبة الحراك الذي يعرفه المغرب – الحراك السياسي و المؤسساتي بالأساس- و أن يكون فاعلا فيه، مؤثرا به لا متأثرا به، و يمكن أن يتحقق ذلك من خلال المعارك السياسية التي يجب أن يقودها بمختلف أدواته: البرلمانية، الاعلامية، الجمعوية.....و هاته المعارك يمكن اجمالها في : معركة تنزيل الدستور: انها المعركة الاساسية و التي يجب أن تحظى بالأولية داخل الحزب، و اذا كان لابد من الاعتراف هنا بأن الفريق البرلماني رغم الاضطراب الذي عرفه عمله في البداية الى حدود " استقالة" رئيس الفريق الاخ احمد الزايدي، يظل اداؤه موفقا، و ايجابيا مدافعا عن تنزيل سليم و ديموقراطي للدستور، قد يتم التساءل لماذا يجب ان تكون معركة الحرص على التنزيل الديموقراطي للدستور هي المعركة الاساسية و التي يجب ان تحظى بأولوية و راهنية؟ ذلك ان الدستور حمل البرلمان مهمة تنزيله من خلال القوانين التنظيمية التي سيصدرها، و هنا سيلعب البرلمان المغربي من خلال غرفته الاولى دور " المجلس التأسيسي" ان جاز التعبير، على اعتبار ان الدستور قد وضع المبادئ العامة لشكل الدولة المغربية اليوم، و ترك أمر تنظيمها و تدقيق عناصرها، و علاقاتها بين مختلف المؤسسات خصوصا مع المؤسسة الملكية، و باقي المؤسسات و السلط، يبقى أهمها هنا هو استقلال السلطة القضائية عن باقي السلط، عليه فالخط السياسي هنا هو خط يجب ان يأخذ طابعادستورانيا/ فقهيا، تدار بمختلف الوسائل و الادوات الحزبية لانها هي المرحلة الفاصلة بين العودة لمرحلة ما قبل دستور فاتح يوليوز و ما قبل 20 فبراير، و بعدها. الملكية البرلمانية كأفق استراتيجي: لقد تأسس موقف الاتحاد الاشتراكي من الدستور خصوصا في الدعوة للتصويت له على شعار أدار به حملته الدعائية لصالح الدتسور " نعم، لبناء الملكية البرلمانية" ، و بعد ان تم التصويت بنعم، و نظمت الانتخابات التشريعية، و نحن في انتظار استكمال البناء المؤسساتي " الانتخابات المحلية"، يجب ان يكون الحزب مستحضرا لهذا الأفق، و أن يظل حاضرا في برنامجه و خطه السياسي، و اذا كان سابقا يعني رفع هذا المطلب المواجهة المباشرة مع " القصر" فانه تحول مع المتغيرات السياسية و الدستورية التي شهدها المغرب منذ فبراير 2011، مطلبا واقعيا و أفقا ممكنا، لا يعني بالضرورة أية مواجهة مباشرة مع القصر، بل مطلبا سياسيا معقولا، يحتاج من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الى تدقيق اجندته لتحقيق هذا المطلب، و الى تعديل موقفه، و تحويله من المطلب الشعاراتي، الى مطلب واقعي، مواكب للتطور الذي يشهده المغرب خصوصا على الصعيد المؤسساتي. الجهوية الموسعة: جميعنا يعرف ان الدستور الاخير قد أقر الجهوية الموسعة، و ينتظر الجميع الانتخابات المقبلة لأجرأتها، و ما سيسبقها من اصدار لقانون تنظيمي ينظم بموجبها " الجهة" ، منطلقا من التراكم الذي حققه المغرب من تجربته الجهوية على علاتها المؤسساتية، و كذا من تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية الموسعة..... الجهوية الموسعة، في جزء منها صراع " سياسي" سيتم خوضه بين دعاة استمرار مركزة قرار الدولة بالعاصمة، و بين تفكيك الدولة المركزية، و اعادة بناءها على اسس لامركزية حقيقية، تكون " الجهة" نواتها الصلبة التي تتأسس عليها، بالتالي فالمؤتمر يجب ان يخلص الى رؤية واضحة حول الجهوية الموسعة في بعدها السياسي، المؤسساتي خاصة و أن الاقتراع العام المباشر سيكون هو الاسلوب الذي سيتم من خلاله انتخاب مجالس الجهة. وحدة العائلة الاتحادية: لماذا الحديث عن وحدة العائلة الاتحادية و ليس تكرار خطاب وحدة اليسار؟ بداية لأننا نعد وثيقة لمؤتمر قد تستمر لثلاث سنوات، و لسنا في طور كتابة بيان سياسي عام لتحديد المواقف و التذكير ببعضها حتى أضحت كلاسيكسية، كمطلب وحدة اليسار، في حين الواقع أكد بالملموس على أن وحدة اليسار في المغرب شبه مستحيلة ان لم تكن مستحيلة، و هي الخلاصة التي قد يصل اليها كل الذين اشتغلوا في حراك 20 فبراير التي أفرزت اصطفافا غريبا و عجيبا، ينهي مع مطلب " وحدة اليسار" على الاقل آنيا، هناك من قوى اليسار من اختار تنصيب العداء للاتحاد الاشتراكي و اختار التحالف مع " العدل و الاحسان"....لذلك مسألة طرح توحيد اليسار اليوم تظل مؤجلة، و يحب أن يقابلها في الفترة المقبلة الفاصلة بين المؤتمر الوطني التاسع و العاشر أفق معقول و واقعي هو " توحيد العائلة الاتحادية" خصوصا و أن أولى بوادرها كانت من البوابة الاجتماعية " مسيرة الكرامة"، عليه يجب أن يطرح اليوم مطلب " توحيد العائلة الاتحادية" كمطلب آني، يجب البحث عن الصيغ التنظيمية لإعادتهم للاتحاد الاشتراكي الكبير القادر على أن يتعايش فيه جل الاتحاديين و الاتحاديات باختلافاتهم، و اذا ما تم تحقيق هذه الوحدة نكون قد قطعنا نصف الخطوة نحو توحيد اليسار، فلا توحيد لليسار دون ان تسبقه توحيد للأسرة الاتحادية. سؤال الهوية؟ اذا كان المؤتمر الوطني الثامن قد أفرد تقريرا خاصا عن الهوية، هوية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الفكرية و الاديولوجية، و عمل على تدقيق هويته الفكرية ذات العلاقة بقيم المجتمع الذي يناضل من أجله، عليه يمكن العودة للتقرير الصادر عن المؤتمر الوطني الثامن، مع ضرورة ان تنضاف اليه بعض التدقيقات المتعلقة بالاسئلة الحالية التي طرحتها الممارسة من بينها اسئلة: الحرية الفردية التي أصبحت اليوم مع صعود و تنامي التيار الديني سواء بالمغرب او خارجه و تأثيراته على المجتمع المغربي خصوصا من قبل الفضائيات، أصبح اليوم اعلان موقف واضح واضح من الدفاع عن القيم الفردية باعتبارها تدخل في باب الحريات الفردية المنصوص عليها في الاعلانات العالمية و العهود الدولية لحقوق الانسان.... المسألة اللغوية، مع اعتماد الجهوية الموسعة، سيطرح من جديد مسألة اللغة خصوصا في ارتباطها بالجهة، هل سيتم اعتماد في الجهات ذات الهوية الثقافية المتعددة لغتها " الامازيغية" كلغة يمكن استعمالها في الادارة او المصالح الى جانب اللغة العربية كما هو معمول به في العديد من الدول " اسبانيا تستعمل في جهة كطالونيا اللغة الكطالنية الى جانب اللغة الاسبانية و يبقى الاختيار للمواطنين أي لغة يمكن استعمالها"، كما أن الامر يتعلق باللغة الثانية التي يتم استعمالها، و التي يجب ان تراعى فيها الخصوصيات الثقافية و التاريخية لكل جهة، هل هناك معنى اليوم لإجبارجهات معينة باستعمال اللغة الفرنسية كلغة ثانية، في حين أن اغلب سكان تلك الجهات يتداولون بعفوية لغات أجنبية أخرى " جهة الشمال و علاقتهاباللغة الاسبانية"؟ الاعتراف بالتعدد الثقافي و اللغوي يتعدى الاقرار بالتنوع الامازيغي، بل يجب أن يمتد ليشمل المجال التاريخي و تأثيراته على كل جهة، التي أخدت اشكالا متعددة على رأسها اللغة الثانية " الفرنسية في وسط البلاد، و الاسبانية في الشمال و الصحراء" و هو معطى واقعي يمكن ملامسته بشكل ملموس، و لا يمكن القفز عليه أو تواجزه. على سبيل الختم: ان ما ذكر أعلاه تبقى مجرد عناصر لأفكار قد تكون مفيدة للنقاش الذي افتتح اليوم مع انطلاق التحضير للمؤتمر الوطني التاسع، و هو تحضير يجب ان ينصب على فكرة اعادى مصداقية الحزب أمام مناضليه، و أمام المواطنين، أ، تعاد الثقة فيه و في عناصره و مواقفه، فأكبر اشكالية اليوم تقف عقبة نحو تطور الحزب و تجاوز "احباطاته" خصوصا الانتخابية منها، هي اشكالية " المصداقية" و صورته لدي الرأي العام التي تأثرت في العشرية الاخيرة لعدة أسباب تنظيمية و أخرى متعلقة بمشاركة الحزب في تدبير الشان العام خصوصا في حكومة ادريس جطو..... كما يمكن القول نهاية ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و هو متجه لمؤتمره التاسع ليس عليه ان يجيب على جل الاسئلة بل يجب ان يدفع في اتجاه بروز اسئلة مفتوحة على المؤتمر، تجعل من المترشحين للكتابة الأولى يعبرون عن اختلافهم حول قضايا تهم المؤتمر و مستقبل البلاد و الحزب، و أن يأخذ هذا الاختلاف طابعا فكريا، متعلقا بالاختلاف حول مواقف معينة ، و الا سنكون أمام مؤتمر " من يحشد أكثر" و سيجعله منه مجرد حلبة صراع حول الاستقطاب العددي و القدرة على التجييش.....لا مؤتمرا يعيد للحزب قوته و مصداقيته. *عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية