فرنسا تؤكد مجددًا دعم مغربية الصحراء    وزيرة المالية: منازعات الدولة مع المواطنين تضاعفت 100%والوكالة القضائية تتولى 200 ألف قضية    لماذا ثافسوت ن إيمازيغن؟    جلسة مجلس الأمن: خطوات نحو تهدئة إقليمية وإقرار بعجز البوليساريو عسكريا    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    فرنسا: قرار الجزائر لن يمر دون عواقب    إدريس علواني وسلمى حريري نجما الجائزة الكبرى للدراجات تافراوت    من يسعى الى إفساد الاجواء بين الجماهير البيضاوية وجامعة الكرة … !    التامني تنتقد السعي نحو خوصصة الأحياء الجامعية وتدعو لإحداث لجنة تقصي الحقائق حول أوضاع الطلبة    وزارة العدل تنظم ندوة دولية حول الاعتراف بالعمل المنزلي في حالات الطلاق    العُنف المُؤَمم Etatisation de la violence    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    الدار البيضاء.. إيداع شخص بمستشفى الأمراض العقلية بعد تهديده للأمن العام    الحسيمة.. مصرع سائق بعد انقلاب سيارته وسقوطها في منحدر    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    الكوكب المراكشي يؤمّن صدارته بثنائية في مرمى "ليزمو"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    الذهب يلمع وسط الضبابية في الأسواق بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية    جيتكس 2025: إبرام سبع شراكات استراتيجية لتسريع فرص العمل بالمغرب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    جنود إسرائيليون يشاركون في مناورات "الأسد الإفريقي 25" بالمغرب    توقيف شخصين بتيزنيت بتهمة الهجوم على مسكن وإعداد وترويج ال"ماحيا"    نقابة تدعو عمال ميناء الدار البيضاء إلى مقاطعة سفينة أسلحة متجهة لإسرائيل    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    وقفة احتجاجية للمحامين بمراكش تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة    مراكش: الاتحاد الأوروبي يشارك في معرض جيتكس إفريقيا المغرب    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    السغروشني: المغرب يتطلع إلى تصميم التكنولوجيا بدلا من استهلاكها    برادة: إصلاحات في تكنولوجيا التعليم قادرة على الاستجابة لحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج في مجالي الابتكار والبحث    هلال: أمريكا عازمة على إغلاق ملف الصحراء ونأمل أن نحتفل بالنهاية السعيدة لهذا النزاع خلال الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الرأس الأخضر تجدد دعمها للوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على كامل أراضيها    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    كلاسيكو الشمال.. المغرب التطواني ينتصر على اتحاد طنجة في مباراة مثيرة    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    مراكش تحتضن المؤتمر الإفريقي الأول للتتشخيص النسيجي للأمراض المعزز بالذكاء الاصطناعي    باها: "منتخب الفتيان" يحترم الخصم    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    بين نزع الملكية وهدم البناية، الإدارة فضلت التدليس على الحق    أسلوب فاشل بالتأكيد    السلوك الإيراني الذي امتد إلى... «بوليساريو»    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    ماريو فارغاس يوسا.. الكاتب الذي خاض غمار السياسة وخاصم كاسترو ورحل بسلام    محاميد الغزلان.. إسدال الستار على الدورة ال 20 لمهرجان الرحل    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعطيل الأحكام القضائية وإصلاح منظومة العدالة
نشر في هسبريس يوم 17 - 05 - 2012

لايمكن الحديث عن إصلاح منظومة العدالة في ظل استمرار تعطيل القرارات والأحكام القضائية النهائية، باعتبار أن ذلك يُفضي إلى فقدان الثقة ويؤثر على الاستثمار، واهتزاز هيبة القضاء، وإفراغ عملية التقاضي أصلا من محتواها، وبالتالي الدخول في العبث.
لنكن صرحاء، ونفتح ملف تنفيذ الأحكام القضائية على مصراعيه ونواجه حقيقة الأمر دون لَفِّ ولا دوران، من خلال الإقرار بالواقع وتحمّل كل جهة مسؤوليتها دون مزايدة، أو محاولة إخفاء الخدوش، حيث قيل الكثير في هذا الموضوع، خاصة في عهد وزراء العدل المتعاقبين، بدءاً من الدكتور عمر عزيمان، والمرحوم محمد بوزبع، وعبد الواحد الراضي، ومحمد الطيب الناصري، إلا أن كل الخطابات ذهبت أدراج الرياح، بما في ذلك مناشير الوزراء الأولين التي حَثَّت على تنفيذ الأحكام وتشكيل وتعزيز الشُّعب الإدارية القضائية بالنظر أيضا للأموال التي تتحملها خزينة الدولة.
إن هذه الازدواجية والتعارض في التعاطي مع الشأن العام تفرض الإعلان عن القطع معها أولا من خلال ترتيب الجزاءات في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصا ونحن نناقش مجددا أوضاع العدالة في عهد وزير عدل جديد شكل لجنتين »عليا وهيئة وطنية للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة« حيث أُعطيت انطلاقة أشغال اللجنة العليا يوم الثلاثاء 8 ماي 2012 بالدار البيضاء، بينما أُخر الاجتماع الأول لهيئة الحوار الوطني ليوم الإثنين 14 ماي 2012، بعد أن كان مقررا يوم الجمعة الماضي بالمعهد العالي للقضاء بالرباط.
وبالنظر لتشعب الموضوع، وتعقيده، وتعدد مداخيله، والحيز المكاني والزماني لإثارته فإنني سأتطرق لبعض النماذج والأمثلة على سبيل الاستئناس لحالات تعطيل الأحكام حتى لا يكون حديثا مجرد تنظيم وملء لبياض الصفحة:
بالنظر لحجم النزاعات المعروضة على المحاكم الإدارية وكلفتها المهولة على خزينة الدولة لماذا لا يتم الحسم في مساطر نزع الملكية واقتناء العقارات لفائدة المصالح الإدارية بشكل ينسجم مع القانون الجاري به العمل، وترسيخ الشفافية والحكامة الجيدة، وما أقره القضاء والفقه من مقترحات قيمة، علما أن بعض القضايا تطرح علامات استفهام على مستوى الإجراءات وتتبع المساطر أمام القضاء والكلفة المادية التي تؤدى من ضرائب المواطنين دون حسيب ولا رقيب.
في هذا السياق يمكن الرجوع إلى معطيات الملفات المدرجة أمام القضاء الإداري ، واللقاءات التي عقدتها المحكمة الإدارية بالرباط في إطار تذليل صعوبات التنفيذ التي حطمت فيها وزارة التربية الوطنية الأرقام القياسية.
وهنا لا مناص من اعتماد مُخاطب وحيد في مختلف هذه العمليات ، كإدارة الأملاك المخزنية، وإلزامية إيداع المبالغ المالية قبل كل مسطرة نزع الملكية أو اقتناء العقارات لفائدة مصالح الدولة مثلا.
ماذا عن تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الخزينة العامة في ملفات الفساد المالي والإداري أمام القضاء العادي »منذ إحداثه إلى اليوم«، والمجلس الأعلى للحسابات / المحاكم المالية (1979 2012)، والمحكمة العسكرية، ومحكمة النقض / المجلس الأعلى حينما ينظر في القضايا كمحكمة موضوع وليس كمحكمة قانون، ومحكمة العدل الخاصة التي أُلغيت سنة 2004 بعد أن أكد وزير العدل الأسبق المرحوم محمد بوزبع أمام قبة البرلمان أنها قضت بإرجاع 142 مليار سنتيم في عدد محدود من الملفات، إلا أنه تم استرجاع فقط 4 ملايير سنتيم وظلت 138 مليار عالقة لحدود يومه.
إن استرجاع الأموال العامة المنهوبة يفرض استحضار أولا التمييز بين فارق الأموال المحكوم بها من طرف القضاء والمبالغ المدعى هدرها من الجهة المدعية والتي ظل مسكوتا عنها على غرار ما تقضي به المحاكم من مصاريف قضائية وتعثر إرجاع أموال المصادرة في قضايا المخدرات التي أضحت أموالا عامة.
ألم يحن الوقت بعد لإعادة النظر في التعقيدات المسطرية من أجل الوصول الى حق اكتسب قوة الشيء المقضي به، علما أن هذه التعقيدات تستغل كثغرات لتمطيط الدعوى، بل تكتسي أحياناً صبغة الاحتيال والنصب والتقاضي بسوء نية؟.
في هذا الصدد تُطرح إشكالات تمكين صاحب الحق الحائز لحكم قضائي نهائي من الوصول إلى المعلومة المتعلقة فيما يخص عسر الذمة المالية للمدعى عليه والبحث عن مدى توفره على عقارات، أو حساب بنكي، أو رقم تأجيره إذا كان موظفا، وكذا حصر عدم ما يحجز في المنقول دون العقارات التي تتطلب سلوك مسطرة خاصة، فضلا عن انتهاء عملية التنفيذ بمحضر امتناع مما يتعين تقديم طلب جديد بعد أداء المستحقات من جديد، إضافة إلى إلزامية الأداء المسبق للعون القضائي دون ضمان نتيجة التنفيذ وهو ما يتعارض مع مبدإ الاختيارية وإرهاق المدعي بمصاريف إضافية، دون الحديث عن مشاكل الإكراه البدني، ومحضر عدم وجود ما يحجز،. ومسطرة تبليغ الحكم، وغياب وجود أمكنة لوضع المحجوزات بأغلب المحاكم، الشيء الذي يعرض المحجوز للاتلاف والتلاعب، أو تعيين صاحب الحق حارسا على المحجوز مما يجعله في ورطة ومسؤولية لاتعنيه حسب مصدر قانوني ... إلخ.
- هل يعقل منطقا، وقانونا، وأخلاقا، وأعرافا أن يتم التصرف في الأحكام القضائية ضدا على منطوقها، حيث تعمد بعض شركات التأمين في قضايا حوادث السير الى فرض نسب معينة «30 في المائة، 40 في المائة، 50 في المائة....» لتنفيذ الأحكام المتراكمة والمتمركزة بمدينة الدار البيضاء.
إن وضعية هذه الملفات التي انعكست اقتصاديا واجتماعيا ومهنيا على المحامين والمتقاضين انطلقت منذ الثمانينيات على إثر إدعاء إفلاس خمس شركات تأمين لم يساءل مفلوسها قضائيا وتم »تبني« هذه الشركات من قبل وزارة المالية لحدود تاريخ يومه، وهو يطرح جملة من الألغاز لايفهمها إلا الساكتون عن هذه الوضعية الشاذة التي تضرب في العمق الاستثمار الوطني والأجنبي، وثقة المتقاضي في القضاء وتمس بهيبته، وبالتالي هيبة الدولة.
لاشك أن الإجابة على مثل هذه الأسئلة والإحاطة بمختلف معيقات تنفيذ القرارات القضائية سيكون من صميم انشغالات الفاعلين والمهتمين بإصلاح منظومة العدالة، الذين يفترض أن يُقدموا حلولا عملية آنية ملزمة لمختلف المتدخلين، وإلا فإنه لاجدوى من الحديث عن الإصلاح أصلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.