كان للسفير الكندي في بيروت لوي دي لوريمييه ما أراده من وراء دعوة جمهور نخبوي منتقى وفرنكوفوني الى سماع المغنية الكندية من أصل جزائري، ليندا تالي، في سهرة أدّت خلالها 16 أغنية مزجت فيها، بين أصالة نغمات المغرب العربي وألحانه وبين الموسيقى الغربية. فهو شاء أن يكون عرضاً عن لقاء الحضارات، مثلما هي بلاده، وخصوصاً كيبك، ومثلما هو مسرح بيار أبو خاطر في كلية العلوم الانسانية في الجامعة اليسوعية في بيروت ومثلما هي بيروت موئلاً لتلاقي الحضارات. "" فالمغنية الثلاثينية صاحبة الصوت القوي والمرن، أدّت الأغاني، وفي بعضها مقاطع بالفرنسية وأخرى بالعربية وبعضُها الآخر بلإنكليزية، وتمايلت بخطواتها الراقصة الواثقة بخفر وتواضع وإحساس عالٍ، فأخرجت، الجمهور الذي ملأ المسرح والذي بدا محافظاً، عن وقاره فأخذ يزغرد لها على الطريقة القروية ثم وقف يرقص بعدما استطاعت ان تدبّ فيه الحماسة، حين أخذ يرافقها بالإيقاع عبر التصفيق. قدّمت ليندا تالي عرضها تحت عنوان «من الثلج أو من الرمال» وهي العبارة التي اختزلت عبرها مضمون عرضها، عند تعريفها بإحدى الأغاني الكندية التي تلعب فيها الإيقاع ملعقتان مقلوبتان. قالت ليندا تالي إن أكثر ما ضايقها حين وطأت قدماها كندا قبل 14 سنة، هو "الصقيع والبرد لكني ما لبثت ان اعتدت على الأمر حين أخذت أنظر الى الثلج الأبيض المتراكم أمامي على أنه يشبه تموّجات رمال الصحراء الناصعة تحت أشعة الشمس". هكذا أبدعت تالي في المزج بين أصولها الثقافية والاجتماعية وبين العالم الذي وفدت اليه، في الغناء والموسيقى بأسلوب حديث وعصري غريب ولذيذ الاحاسيس، فضلاً عن أنه فريد، يحمل المستمع الى شيء من الجاذبية الساحرة. وليندا تالي التي تعرّف اليها الاسبوع الماضي في بيروت جمهور محدود، تكتب وتؤلف أغانيها وتتحرّك بأسلوب مميز عاكسة تنوّع ثقافتها وغناها وانفتاحها. عام 2005 شكّل نقطة تحوّل بالنسبة الى حياتها الفنية، حين عادت الى الجزائر للمرة الأولى بعد ان غادرتها قبل 11 سنة حيث جالت على المدن الرئيسة وظهرت في مسارح استوعب بعضها ما يفوق ثلاثة آلاف متفرّج. وكانت تالي تركت صدى في عالم الفرنكوفونية وجالت في عدد من دولها وبرزت في عروضها أثناء مهرجان "الفرنكوفوني" في مونتريال في عامي 2005 و2006. كما جالت آخر العام بجولة في دول الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية وأميركا اللاتينية، واستطاعت ان تنشئ عالمها الغنائي والموسيقي الخاص. رافق تالي في عرضها في بيروت ميشال برونو على الغيتار والمؤثرات الخاصة، ماكسيم لالان على الايقاع والطبلة وهوغ بورك.