أعرب أحمد بوكوس٬ عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية٬ عن "تفاؤله بمستقبل الأغنية الأمازيغية التي تشكل جزء لا يتجزأ من التراث " الفني والثقافي المغربي٬ وذلك بفضل المكتسبات التي تضمنها الدستور الجديد الذي تم إقراره في فاتح يوليوز 2011. وأوضح بوكوس٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن "الأغنية الأمازيغية جزء لا يتجزأ من التراث الموسيقي المغربي٬ حيث شكلت تاريخيا مكونا هاما نسج علاقات تبادل وتفاعل مع باقي التعبيرات الفنية الأخرى"٬ مستدلا كمثال على ذلك بفن "العيطة بسهول الأطلس (دكالة الشاوية ...)٬ وهو اللون الغنائي الذي طوره عدد من المجموعات كأولاد بن عكيدة٬ والبوعزاوي٬ والحمونية"٬ وأيضا بمغنين بالدارجة "يستعملون أسلوبا وآلات ومضمونا يتشابه مع الأغنية بالأطلس المتوسط" التي يؤديها "مغنون ينتمون إلى منطقة وسط المغرب كحادة أوعكي٬ وبناصر أوخويا٬ والمرحوم محمد رويشة الذين قدموا إبداعات عديدة بالعامية العربية. وأبرز أنه خلاصة لذلك حصل تداخل بين أساليبهم وأغانيهم والآلات التي يستخدمونها٬ خصوصا آلات الوتار والكمبري والكمان والكمنجة. وهكذا٬ تشكل الأغنية الأمازيغية مكونا حيويا من مكونات التراث الموسيقي والثقافي المغربي. ويلاحظ في نفس السياق أن الفرقة الرائدة " ناس الغيوان" أثرت إلى حد كبير على مجموعة من المغنين في أكادير. وفي معرض حديثه عن الأغنية التقليدية في سوس٬ والغناء الأمازيغي في وسط المغرب٬ قال بوكوس "هناك عدد كبير جدا من المغنين والرياس ممن مارسوا تأثيرا كبيرا على الأغنية الأمازيغية والأغنية المغربية بشكل عام"٬ مؤكدا أن مغنين مغاربة مشهورين كعبد الوهاب الدكالي٬ وعبد الهادي بلخياط٬ وفتح الله لمغاري٬ "استوحوا إلى حد ما ألوان الأغنية الأمازيغية والعكس صحيح تماما". وأبرز الثراء الفني الذي تتسم به الأغنية الأمازيغية٬ وأوضح أنها "تتميز بتنوع كبير على مستوى الأسلوب٬ واستخدام الآلات الموسيقية والتوزيع الموسيقي"٬ مشيرا في هذا الصدد إلى أغاني المغنين في جنوب المغرب الذين يستوحون أساسا ريبرتوار الرايس الحاج بلعيد (الذي توفي في نهاية الحرب العالمية الثانية)٬ وهو شخصية بارزة على مستوى الأغنية حيث كان أول من جاب الفضاء الجيو- ثقافي لسوس٬ ومن بين أوائل من سجلوا قطعهم بفرنسا٬ متغنيا بالأساس بقيم الدين الاسلامي. وأوضح بوكوس أنه في الريف٬ حيث "خبت شعلة الأغنية التقليدية تقريبا٬ بزغت مجموعات شبابية تستخدم آلات عصرية كالغيتار الصوتي٬ والغيتار الكهربائي٬ والبانجو٬ والبيانو٬ والأورغ ٬ مطورة بذلك أغنية نوعية تتشابه مع الأغنية العصرية بمنطقة القبائل في الجزائر". وبعد أن سجل أن المعهد منذ إنشائه "بذل جهودا في اتجاه تقديم الدعم والمساعدة٬ والشراكة مع الجمعيات والمغنين الهواة وشبه المحترفين"٬ أشار إلى أن هذه الجهود "مكنت الأغنية الأمازيغية من ضمان استمراريتها". وشدد على أنه يتعين ليس فقط ضمان استمرارية الأغنية الأمازيغية ولكن توفير الظروف الضرورية اللازمة لتطويرها والترويج لها من خلال الاعتراف بالفنانين٬ والمساهمة في تدريبهم٬ ودعمهم ماديا٬ ودمج الأغنية الأمازيغية ضمن الجوائز المنظمة سواء من قبل وزارة الثقافة أو مختلف الجمعيات أو غيرها من المنظمات. وحسب عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية٬ يتعين٬ باعتبار الأغنية الأمازيغية تراثا وطنيا٬ دعمها من قبل السلطات العمومية خصوصا وزارة الثقافة٬ وعلاوة على ذلك الاعتراف بحقوق المغنين وضمان استمرارية الخلف٬ مضيفا أن الهيئات المكلفة بتسويق الأغنية المغربية مدعوة إلى دعم الشباب المغاربة الناطقين بالأمازيغية الذين يرغبون في تلقي تكوين أكاديمي في مجال الموسيقى بالمعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة.