بعد تصريحات رئيس الحكومة عن راتب الناخب الوطني، وبعد مراسلة وزارة المالية البلجيكية نظيرتها المغربية تطلب منها المعطيات المالية الخاصة بالناخب الوطني إيريك غيريتس في إطار مكافحة التهريب الضريبي، ماذا تنتظر إدارة الجبايات المغربية باعتبارها المراقب الشرعي للتصريحات والإقرارات بالدخول لكونه مقيما ويمارس نشاطا يحقق له دخلا طائلا بالمغرب؟ إذا كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قد اعتبر أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حينما تعاقدت مع الناخب الوطني إيريك غيريس على أن يظل راتبه الشهري في طي الكتمان ب"الخطأ"، مؤكدا أنه سيعالج هذه المشكل على مستوى منهجية الدعم الذي تقدمه الحكومة للجامعة، قبل أن يقر أنه لا يدري ما إن كان الأجرة الشهرية للمدرب والتي يتحدث عنها الكثير صحيحة أم لا؛ وإذا كانت وزارة المالية البلجيكية قد راسلت نظيرتها المغربية كما جاء في الصحف الإلكترونية تطلب منها المعطيات المالية الخاصة بالناخب الوطني إيريك غيريتس في إطار مكافحة التهريب الضريبي، فأين وزارة المالية والوزارة المنتدبة في الميزانية من هذا؟ خاصة وأن مديرية الضرائب نجدها تصول وتجول أحيانا في مراجعتها ومراقبتها للتصريحات الجبائية التي يقدمها الملزمون بالجباية المقيمون وغير المقيمون بالمفهوم الجبائي. فبالرجوع إلى مدونة الجبايات المغربية نجدها تنص على أن الأشخاص الواجبة عليهم الضريبة على الدخل هم الأشخاص الطبيعيون والمعنويون الذين لم يختاروا الخضوع للضريبة على الشركات والمتمثلون فيما يلي: 1-الأشخاص الطبيعيون الذين لهم موطن ضريبي بالمغرب فيما يخص جميع دخولهم وأرباحهم ذات المنشأ المغربي أو الأجنبي ؛ 2- الأشخاص الطبيعيون الذين ليس لهم موطن ضريبي بالمغرب فيما يخص جميع دخولهم وأرباحهم ذات المنشأ المغربي ؛ 3-الأشخاص المتوفرون أو غير المتوفرين على موطن ضريبي بالمغرب إذا حققوا أرباحا أو قبضوا دخولا يخول حق فرض الضريبة عليها للمغرب عملا باتفاقيات تهدف إلى تجنب الازدواج الضريبي فيما يتعلق بالضريبة على الدخل. كما تنص المدونة على أن كل شخص طبيعي يعتبر متوفرا على موطن أو إقامة ضريبية في المغرب حسب مدلول مدونة الضرائب إذا كان له فيه محل سكنى دائم أو مركز مصالحه الاقتصادية أو كانت المدة المتصلة أو غير المتصلة لمقامه بالمغرب تزيد على 183 يوما عن كل فترة 365 يوما. وبذلك فيعد غريتس من الأشخاص المقيمين بالمغرب لكون العقد الذي يربطه مع الجامعة المغربية لكرة القدم تتجاوز مدته 180 يوم في السنة. وبالتالي فهو معني بتقديم إقرار بدخله لإدارة الضرائب وأدائه الضريبة إذا لم يكن مستفيد من بنود الاتفاقيات التي تربط المغرب مع بلجيكا المتعلقة بعدم الازدواج الضريبي. والحالة غير ذلك، مادام أن السلطات البلجيكية قد سبق لها أن طلبت من نظيرتها المغربية بتقديم معطيات حول دخله، وهذا يعني أنه لم يقدم إقرارا بدخله أمام إدارة الجبايات البلجيكية. الشيء الذي أصبح يفرض على إدارتنا المحترمة أن تعامله بالمثل كما تعامل باقي الملزمين وتطبق تعليمات رئيس الحكومة التي دعا فيها الملزمين بالالتزام بأداء الضرائب دون تهرب أو غش ضريبي. وتجدر الإشارة أن مدونة الجبايات المغربية قد نصت كذلك على أنه يعفى من الضريبة على الدخل كل: 1- السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقناصل والوكلاء القنصليون الأجانب فيما يخص دخولهم ذات المنشأ الأجنبي وذلك بالقدر الذي تسمح به البلدان التي يمثلونها من نفس الامتياز للسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقناصل والوكلاء القنصليين المغاربة. 2- الأشخاص المقيمون فيما يخص العوائد المدفوعة إليهم في مقابل استعمال أو منح حق استعمال حقوق مؤلف في مصنفات أدبية أو فنية أو علمية. فحسب المادة 22 من م ض تفرض ض د على الدخول والأرباح التالية: - الدخول المهنية؛ - الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية؛ - الأجور والدخول المعتبرة في حكمها؛ - الدخول والأرباح العقارية ؛- الدخول والأرباح عن رؤوس الأموال المنقولة. وبخصوص تحديد الأجور والدخول المعتبرة في حكمها الخاضعة للجباية والتي تصنف ضمنها دخول غريتس فتتمثل : المرتبات؛ التعويضات والمكافآت؛ الأجور؛ الإعانات الخاصة والمبالغ الجزافية المرجعة عن المصاريف وغيرها من المكافآت الممنوحة لمسيري الشركات؛ المعاشات؛ الإيرادات العمرية ؛ المنافع النقدية أو العينية الممنوحة زيادة على الدخول المشار إليها أعلاه. فمن خلال تصفحنا لمختلف النصوص القانونية سواء تلك المتعلقة بالإعفاءات الواردة في مدونة الضرائب أو تلك الواردة في قوانين المالية السنوية يتبين لنا أن المدرب الوطني غريتس غير معفى من أداء الجباية، وبالتالي فهو ملزم على غرار غيره من الملزمين بتقديم تصريح أو إقرار بدخله أمام إدارة الجبايات في مكان الموطن الضريبي الخاضع له أو مكان مؤسسته الرئيسية طبقا لمدونة الضرائب. وملزم إذا لم يكن له بالمغرب موطن ضريبي أن يختار لنفسه موطنا ضريبيا بالمغرب. كما يجب عليه إخبار إدارة الضرائب بكل تغيير يطرأ على الموطن الضريبي أو مكان المؤسسة الرئيسية في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم أو تسلم إليها مقابل وصل أو بتقديم إقرار محرر على أو وفق مطبوع نموذجي تعده الإدارة داخل الثلاثين 30 يوما الموالية لتاريخ التغيير. في حالة عدم القيام بذلك، تفرض الضريبة على الخاضع لها ويتم تبليغه في آخر عنوان معروف له. إن الاستثناء الوحيد الذي قد يعفي غريتس من أداء الضريبة يكون في حالة تضمين هذا الإعفاء ضمن عقده مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وفي هذه الحالة يكون من المفروض أن تحل هذه الأخيرة محله لأداء مبلغ الضريبة الواجب عليه لإدارة الضريبة المغربية بالرغم من كونها قد تكون معفاة من أداء الضرائب كليا خاصة الضريبة على الشركات إذا كانت الجامعة تصنف ضمن الجمعيات والهيئات المعتبرة قانونا في حكمها غير الهادفة للحصول على ربح، فيما يخص العمليات المطابقة فقط للغرض المحدد في أنظمتها الأساسية. إلا أن الإعفاء المذكور لا يطبق فيما يتعلق بمؤسسات البيع أو تقديم الخدمات المملوكة للجمعيات والهيئات الآنفة الذكر طبقا للمادة السادسة من مدونة الضرائب. والجدير بالذكر أن غريتس مطالب بتقديم تصريح أو إقرار بدخله حتى في حالة إعفائه، وإذا لم يقم بذلك فعلى إدارة الضرائب أن تجري مراقبة على دخوله طبقا للقانون، وتطبق عليه عقوبات على عدم التصريح والتأخر في التصريح داخل الآجال القانوني، وكذا على عدم أدائه مبالغ الضريبة المستحقة عليه في حالة عدم إعفائه. فأين إدارة الضرائب من تحريك بنود المدونة المتعلقة بدورها في إجراء مراقبة جبائية لغريتس باعتباره ملزما بأداء الجباية. *أستاذ المالية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط