*اهذا الوطن يستحق سرقته يا من تدعون الوطنية والوطنية منكم بريئة؟.. أن يعيش بلد من البلدان ظاهرة الفساد والرشوة والمحسوبية وفقدان الضمير، لعمري إنها بداية كارثة لا يمكن للمرء أن يتنبأ بعواقبها. وفي هذا الإطار، يكون لزاما على الدولة أن تدق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان، وتشمر على ساعد الجد لتواجه لوبيات هذا الفساد بكل ما أوتيت من قوة، وتتلافى تواتر عمليات الفساد الفاقعة. وحتما يجب أن تراهن على ما تبقى من الشرفاء والوطنيين وتعمل على استئصال هذه الفيروسات، والزج بها في غياهب السجون ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر. وتخرج من صمتها داعية إلى مقاومة معضلة الفساد، ومعالجتها، ومكافحتها بالجدية المطلوبة وبمسؤولية عالية، من أجل وضع حد لها؛ وإلا فماذا يمكن أن نقول لعالم ينظر إلينا وكأننا أصبحنا نسبح خارج فلك فضاء الأمم التي تحترم مواطنيها؟. وبالتالي يحق لنا أن نجزم أنها تحترم نفسها بلا لف ولا دوران، على اعتبار أن آفة الفساد أصبحت الظاهرة الأخطر في حياة أي بلد إذا ترك هذا الوبال يخترق جسمها دونما مقاومة صارمة تعيد القطار إلى سكته في إطار المسؤولية التي يتحملها أولا وأخيرا الساهرون على امن البلاد، وكبريائها، وتاريخها بعيدا عن هول الترتيب المخيف الذي زجت فيه البلاد معية البلدان التي تجاوزها حقا قطار التقدم؛ ولعمري إن هذا الترتيب عينه يعتبر صورة واضحة لمصداقيتها التي تفقدها يوما بعد يوم الأدوار السياسية الرائدة مصداقا لمقولة: « لا تنهى عن منكر وتأتي مثله...». ماذا عساني أن أقول وواقع الحال يتولى الكلام؟ ألم ننبه في كتاباتنا غير ما مرة عن وطن يغرق يوما بعد يوم ونجوم في السماء تنظر ولا تسعف؟ ترى من فعل كل هذا بجماجمكم أيها المغاربة الأحرار وجعلكم تعدون أيامكم التي شاخت بين أيديكم قيراطا فقيراط؟ أكل هؤلاء النخاسين واللصوص خرجوا من تلابيبكم دونما حاجة لمن يغير المنكر ولو بقلبه؟ هل يجن المرء أم ماذا حين يقرأ علنا أسماء كانت تنهشنا زمنا طويلا، وتسكن أرواحنا لان بلادتنا جعلتها نعتبرهم بلادة أعلى ما يمكن أن يفتخر به المغرب، وهم لا يعدون أن يكونوا غير سدنة أسيادهم، فشربوا من دمنا وتلذذوا بصبيب عرقنا...؟ بربكم أمثال هؤلاء الأنذال دون استثناء خرجوا من تلابيبنا حقا ؟ قولوا أكاد أجن...؟ اهؤلاء يستحقون كل هذه الرخص ما ظهر منها وما بطن والمعطل المغربي يبيح نفسه للنار النمرودية عساها تكون ارحم عليه من ظلم ذوي القربى...؟ ماذا نقول لمن ترملن في عز الشباب من زوجات جنودنا الذين تركوا قبورهم تنهشها الغربان في الصحراء وأصبحوا بقدرة قادر في خبر كان، وطنيون لا الوطن انصفهم وأنصف أبناءهم، ولا من يتبجحون بالوطنية في المحافل الدولية واللقاءات الفلكلورية صلوا عليهم صلات الغائب، وأقاموا لهم تماثيل تذكارية جماعية أسوة بفرنسا التي فهمت الوطنية جيدا لكن مع الأسف الشديد سوقت لنا كل شيء إلا إكرام الشهيد في سبيل الوطن؟ ماذا يمكن أن نقول لأبناء هؤلاء الشهداء الذين في غياب آبائهم أصبحوا ضيوفا على السجون، ومحترفي أنواع اللصوصية والإدمان في غياب حضور صولة الأب التي غالبا ما تكون العين الساهرة بعد الله؟ ترى بأي ذنب عوقبوا به يا عالم؟ أكيد الغياب وما أدراك ما الغياب، عفوا التغيب لأن في هذه الحالة الوطن ليس ملك إنسان دون إنسان بقدر ما هو ملك للجميع بما فيهم من فعل هذا بالمغرب ما دام كما يقولون: للوطن جنود يدافعون عنه، أما نحن فسنحسن الزر في الوقت الذي لا نحسن فيه الكر....؟ من الوطني فينا يا عالم؟ نحن أم من يملكون أموال قارون ولا يقنعون بها شأنهم شأن الحرباء التي تأتي على جبال من التراب وتخاف أن ينفذ ترابها؟ قولوا بربكم من هؤلاء المغاربة عزكم الله يعيش خصاصة لأكفر عن ذنبي تجاههم؟ ربما يكونوا يستصحبون البراءة وأكون ظالما لهم استغفر الله إن أنا فعلت...؟ حبيبي يا أبي حين استعرض حياتك كل حياتك التي أفنيتها في مقاومة المستعمر إلى أن حطموا أضلاعك الستة، وحين طلبت رخصة سيارة صغيرة قالوا لك: اذهب أنت وربك إنا لكما بالمرصاد، بينما أغدقوا الرخص مثنى وثلاث وربع على الراقصات، واللاعبين، والسياسيين، وغيرهم وتركوك تعد أوجاعك ببرودة سيبيرية...ربما لم تكن تعرف مفهوم الوطنية يا أبي واقتصرت عندك فقط على الدفاع عن الوطن بينما الوطنية الحقيقية فهمها هؤلاء وجعلوها تبدأ من الأفلام الساخنة وصولا إلى دحرجة الكرة..... فكان أن صارت الوطنية لغزا محيرا فقط لم يستطيعوا اجتثاثها من القواميس حتى لا يقال عنهم، أيتها العير أنتم سارقون....فمن تكون يا أبي أمام مونة فتو، ونعيمة سميح، ولطيفة رأفت، وعبد القادر الراشدي، ومصطفى التراب، والذين هشموا جسدك اربا اربا مثل العائدين من تندوف إبراهيم الحكيم..؟ لعلك اخترت مهنة من لا مهنة له وهنا بيت القصيد حبيبي يا أبي ؟ بربك يا أبي لا تبتئس فأنت اشرف منهم جميعا لأنك حملت البندقية وغيرك حمل مؤخرته يتيه بها شمالا وجنوبا، ومنهم من غازل الكرة في سطوة الطاووس، ومنهم من لا يعرف حتى رسم الخريطة المغربية...أنت أنت، وهم هم، لكن القصيدة افتضحت وبقيت أنت مغربيا بامتياز، وهم زمرة من الذين ينهشون لحم المغاربة الذين لا يطلبون من وطنهم غير الاعتراف بهم باعتبارهم وطنيين لكن بالمقابل يجب أن يشار إلى مصاصي الدماء أنهم مجرد نكرات خيل لنا يوما أنهم ينتمون ألينا حقا... افتخر بك يا أبي ويا جميع آباء هذا الوطن الذي غربوه فينا وآسفاه..! أقول لكم إن في السماء مملكة ستقتص منهم واحدا واحدا..يا ما تباكوا أمام الشاشات بكاء التماسيح على اعتبار أنهم يتقاسمون مع ضعفاء المغرب محنهم وهم من سرق منهم شبابهم وهممهم والقوهم في اليم مكتوفي الأيادي وقالوا لهم: إياكم أن تبتلوا بالماء... ! هذا مغربكم بني أمي، فلا تازة سارقة، ولا الحسيمة، ولا الناظور، ولا مراكش، ولا فاس،... بل السارق هو من يدخل جثثنا ويقتلنا...يا ليتهم كانوا ضعفاء لأقول لهم الحق فينا للسائل والمعلوم..؟ ويا ليتهم كانوا من أبناء السبيل لأقول لهم الحق علينا...يا ليت..وليت... فالفساد وبكل تأكيد الظاهرة الأخطر فتكا في حياة أي بلد إذا ترك حبلها على الغارب، سيما إذا تحولت الظاهرة إلى وباء فتاك يسري في بنية المجتمع، ويتسرب إلى خلاياه لينشر فيها السموم والخراب. أكيد أن ظاهرة الفساد لا تقتصر على بلد دون آخر، لكن وبكل مسؤولية يختلف من بلد إلى بلد حسب رقعة جغرافيته، وطقوسه، ومحيطه الذي شب فيه فيروس الرشوة، واستفحل إلى أن أصبح أو كاد فردا في العشيرة في غياب جدلية الإجراءات التي كان من المفروض أن تتخذه الحكومات المتعاقبة بغية مكافحة الوبال، وتطويقه قبل أن يأتي على الأخضر واليابس. وكل لحظة إهمال إرادية أو غير إرادية ستقود المجتمع وبالتالي البلد ككل إلى الدمار والكوارث التي لا يمكن تكهن عواقبها، ولنا في القصص القرآنية أمثلة دالة لوكنا نتدبر حقا دستورنا السماوي. ترى ما الذي جعلنا نعيش زمنا رديئا بامتياز؟ ترى ما الذي أصاب الإنسان المناسب الذي كان من الضروري أن يكون في المكان المناسب؟ وما الذي جعله يتطاول على المال العام وهو يدين بالإسلام، وتربى في مدرسته إلى أن أصبح يسعى سعيا إلى نهب المال العام وهدره في واضحة النهار، وصولا إلى طلب الرشوة، واعتماد المحسوبية، والواسطة، والمحاباة، أو اللجوء إلى الابتزاز. أحقا يمكن أن يكون أمثال هؤلاء السفلة مغاربة ينتمون إلينا وننتمي إليهم؟ أحقا هم من بني جلدتنا، يقتلوننا ويدخلون جثثنا، ويسلخون جلدنا ونجوم في السماء تنظر ولا تسعف؟ أحقا أمثال هؤلاء أدوا يوما القسم أمام الملك، وحافظوا على الأمانة؟ أحقا يدركون قداسة الأمانة التي أبتها الجبال وقبلها الإنسان وفرائسه ترتجف من خشية الله؟ أحقا في آخر المطاف، يدركون أن آفة الفساد تعتبر سلوكا إنسانيا غير سليم يشكل خروجاً على القانون، وبالتالي استغلالاً لغيابه، ويرمي وبكل وقاحة واستهجان إلى تحقيق مصلحة ذاتية خاصة، لتصبح وبكل فظاعة المصلحة العامة هي المتضررة منه، وجماهير الشعب الفقيرة أول من يدفع ثمنه..؟ لعل المتأمل في هذا المشهد الذي لم يكن يوما مغربيا، أو بالأحرى لم نكن ندرك أنه سيكون مغربيا، يدرك أن وبال الفساد في عمقه ينحصر في مجالين اثنين نظرا لهوله وهول من يمارسه: المجال الممارس من قبل عامة الشعب وهو ما يصطلح عليه بالفساد العادي، المتفشي بين أفراد الطبقة الشعبية، وعادة ما يقوم به موظفون عاديون طالبين رشوة مقابل انجاز معاملة يومية روتينية.. وفساد من الحجم الكبير، ويقوم به مسئولون في مراكز القرار بغية تحقيق أطماع تفوق بكثير ما يمكن أن يكون في الحسبان. ولعل ما أصبح يعيشه المغرب مع الأسف الشديد يتمثل أساسا في معضلة نهب المال العام وبشكل بشع، لا يقبله منطق كائن من كان؛ وهو ما قاد البلاد إلى السكتة القلبية، وجعلها في أسفل ترتيب على المستوى العالمي.. ترتيب تشيب له الولدان..عفوا ولداننا وليس هم..؟ ترتيب بلد يعتبر حقا أجمل بلدان العالم لو تشبث المغاربة بالعروة الوثقى؛ لكن ماذا تفيد «لو» في زمن بيعت فيه النخوة والوطنية بثمن بخس زهيد.. ألا يجدر بنا وبكل صراحة أن نعترف أن بعض أشكال الفساد التي أصبح يعيشها المغرب الأبي ينحدر بشكل أو بآخر إلى مستوى الخيانة الوطنية، ما دام قد اكتسح المال العام، وسرقة ثروات البر والبحر وما بينهما وببرودة دم سيبيرية؟ بل تطاول البعض من أمثال هؤلاء الأنذال إلى سرقة القصور الملكية وهي سابقة يندى لها الجبين. فكيف لا يكون للفساد وبشكل طبيعي الآثار السلبية بل القاتلة على حياة كل بلد على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي؟ وكيف يمكن التغني بسيمفونية التنمية البشرية في مناطق الشمال، والجنوب، والوسط، والشرق، والغرب، وغربالنا الواسع الثقوب يتسرب منه الحب والحصى على حد سواء؟ كيف يمكن تحقيق الأماني وأمثال هؤلاء هم أنفسهم من طوحوا بالإنسان المغربي إلى عالم الهجرة رغم كفاءاتهم الاقتصادية، والفكرية، والطبيعية! لكن في غياب تكافؤ الفرص المدبلجة في الخطابات السياسوية الموبوءة في المؤسسات الحزبية، وبشماتة منتخبي الأمة الذين افتضحت نواياهم بمجرد ولوجهم قبة البرلمان التي كانوا يسعون إليها بأي ثمن.. فوقع الحافر على الحافر، ورددوا علانية « امشيتو مع الخاوي وإلى فرصة أخرى...». بربكم من دفع المغاربة إلى معانقة الموت في أعماق البحار، فارين مرغمين من الوطن الذي هو وطنهم؟ ومن جعل الأسر المغربية تعزف عن السياسة والسياسويين حين أدركوا اللعبة القذرة التي لم تبرح بعد مكانها منذ عقود من الزمن؟ أليس هؤلاء من حاربوا الديمقراطية مما جعل وبدون استغراب المواطن المغربي عامة والشباب منهم خاصة يعيشون نوعا من الخلخلة في القيم الاجتماعية، إلى أن تنامى لديهم الشعور بالظلم والاغتراب جماعات وفرادى فسقطوا في دوامة من الإحساس باليأس، والإحباط، واللامبالاة، والبحث عن البديل حتى ولو أتى من سم الخياط؟ هكذا بني أمي أصبحنا نسمع ونقرأ وفي القلب شيء من حتى أشكالا من الانزلاقات التي سرعان ما قادت الشباب المغربي إلى مهاوي الجريمة، استجابة لتدهور القيم ورد فعل على التمييز غير المبرر. ومن الطبيعي أن ينعكس كل هذا على المغرب سلبا وأصبحنا وفي القلب غصة نخشى على سمعة البلاد الذي أصبح ينعت بما لم يكن يوما في الحسبان.. فمتى كان المغرب ماخورا للمرضى بنزوات جنسية؟ إلى أن أصبح معروفا لدى الخاص والعام بوكر كبير للسياحة الجنسية ولتشرب الأسر المغربية الأبية البحار..؟ ما الذي يريده منا أمثال هؤلاء المرضى؟ يريدون منا أن نبيع قيمنا في سوق النخاسة، ونفتح أبوابنا مشرعة لنشبع نزواتهم التي لا تنتهي، ونتخلى عن تاريخ طالما أربك الطامعين ومصاصي دم الأحرار؟ هكذا يبدو للمتأمل وهو يتفرس تفاصيلنا اليومية أن الدوافع التي تجثم وراء ظاهرة الفساد كثيرة، ولعل بيت القصيد في كل هذا يتمثل أولا وأخيرا في الفقر، وتدني الرواتب، مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة، وانتشار الجهل، وعدم تكافؤ الفرص بين المغاربة، والمحسوبية، والزبونية في غياب ردع استعجالي نستطيع به وقف النزيف قبل معانقة السكتة القلبية. فما أحوجنا اليوم قبل الغد إلى مراجعة أنفسنا، وتقديم نقد ذاتي وبشجاعة، ومحاربة الاستبداد، والشطط، والبحث عمن غيب الديمقراطية لينتشي بنزوة الاستبداد، والسعي إلى تطبيق فصل السلطات التي ظلت ترجح كفة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية ونحن نتساءل حقا : هل نعيش في القرن الواحد والعشرين..؟ المغرب في حاجة ماسة إلى تفعيل استقلالية القضاء ونزاهته.. إلى جعل المغاربة سواسية أمام القانون، والسعي إلى جعل وسائل الإعلام، والأحزاب، والنقابات، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني قادرة على القيام بدورها الرقابي دونما غطرسة فوقية، والكف عن محاكمة وسائل الإعلام لشيء في نفس يعقوب.. كفانا من التغاضي عن المفسدين الكبار وبالمقابل محاسبة المفسدين الصغار.. ! لماذا لا يستطيع القضاء الضرب على يد المفسدين الكبار إلا حين يتدخل عاهد البلاد ليخلع عنهم حصانتهم المفتعلة وبالأمس القريب كان أمثال هؤلاء السماسرة غير مكترثين بكل الدعوات والتصريحات التي كانت ولا تزال تطلق ضد الفساد.. هل عاهل المغرب لا تنتظره إلا مثل هذه القضايا الموكولة أصلا إلى القضاء المفترض أن يكون نزيها؟ هل عاهل المغرب يجب أن ينزل إلى المجتمع المدني بكرة وأصيلا ويترك القضايا السياسة الكبرى مؤجلة إلى حين تصحو ضمائر هؤلاء والصحوة منهم براء؟ دعوا بربكم ملككم يعالج القضايا المصيرية الكبرى، وامنحوه الثقة التي وضعها فيكم لكن خذلتموه، أجل خذلتموه كما خذلتمونا، لستم الرجل المناسب في المكان المناسب، مما جعله يشمر على ساعد الجد، وأوقف من أوقف من شاكلتكم قائلا: « إذا عزمت فتوكل على الله..». بكل تأكيد أن الأمر لا يتعلق إلا بثلة قليلة من المسئولين الذين يفتقدون أحاسيس حب الوطن، وفي هذا الإطار بالضبط، لا يمكن تعميم الفساد على النموذج الايجابي من المسئولين وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة، والذين يحظون بكل تقدير واحترام، لكن ما أحوج مغربنا وأبناء مغربنا إلى استرجاع الثقة والمصداقية ما دام الفساد قد تحول مع الأسف الشديد إلى وباء يتطلب إستراتيجية عملية ناجعة قبل أن يصبح استئصال الفساد اشد خطورة مما نتصور، وهذا لا يتأتى إلا إذا تضافرت الجهود والقناعات، وابتعدنا عن الأنا البغيضة والجديرة بالبغض، وسطرنا ميثاقا وطنيا تنفذ فيه إجراءات التغير السياسي، وتطبيق العدالة النزيهة، والقانون الذي لا يعلو عليه أحد، والعمل على بناء وتعزيز دولة المؤسسات والقانون دون فذلكات لغوية شعراتية، والارتقاء بدور الإعلام، وتمكين الإعلاميين من الوصول إلى مصادر المعلومات دون استحضار رقابة الأزمنة البائدة، ليتمكنوا طواعية من تسليط الأضواء على مواطن الخلل في عمل المؤسسات المختلفة دون الزج بهم في المحاكمات التي لا ترقى إلى طموحاتنا التي طالما تغنينا بها في المنتديات والمحافل الدولية..مغربنا ينتظر منا تطريز تاريخ جدير بنا، ينضاف إلى تاريخ طالما تداولته السنة المفكرين والسياسيين، وسحقا للسماسرة ومصاصي دم أبناء شعب يبقى أبدا شامخا مثل النسر فوق القمة الشماء. ماذا أقول ورب الكعبة لحكومة باغتتنا بينما كنا ننام نوم أصحاب الكهف؛ حكومات لم ترتعد فرائسها حين كشفت عن المستور ولعمري إنها قامت بسابقة في حضرة لوبيات تتربصها وستبقى تتربصها لأن مستقبلها أصبح على كيف يد عفريت.. ! حكومة حتى ولو اختلطت بنياتها استطاعت أن تعيد البسمة المغتالة إلى الإنسان المغربي بينما شمعت الابتسامات التي كانت تتداول في قطر ضيق.. ! والله لا يسعني مفردا بصيغة الجمع إلا أن ندعو لكم بالصبر الأيوبي وانتم تدخلون بحرا لا ساحل له؛ لكن: إذا عزمت فتوكل على الله، وما الله بظالم للعبيد... *كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكادير