لم تغير إصابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفيروس كورونا المستجد الكثير في نتائج استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية المقبلة، التي ينافس فيها خصمه مرشح الحزب الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن. وأظهرت نتائج عدد من الاستطلاعات التي نشرت خلال الأيام الأخيرة، تفوق بايدن، سواء على الصعيد الوطني، أو على مستوى الولايات المتأرجحة التي تعرف منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين، ويعد الفوز بها بمثابة تأشيرة للعبور إلى البيت الأبيض. أبرز هذه الاستطلاعات أجرته شبكة "سي ان ان"، ونشرت نتائجه الثلاثاء، وأظهر تقدم المرشح الديمقراطي ب 16 نقطة على الصعيد الوطني؛ إذ صرح 57 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أنهم سيصوتون لصالح بايدن، مقابل 41 في المائة فقط لصالح ترامب. وإذا كانت هذه النتائج تهم المستوى الوطني، وليس الولايات المتأرجحة التي تبقى لها الكلمة الأخيرة في أي انتخابات رئاسية، فإن هذه الاستطلاعات لا تحمل أخبارا سارة لحملة الرئيس ترامب، خصوصا وأنها تضع بايدن في وضع متقدم مقارنة مع المرشحة الديمقراطية لانتخابات 2016 هيلاري كلينتون. تأخر وطني ومحلي لم يكن استطلاع "سي ان ان" أول استطلاع يظهر تأخر ترامب بفارق كبيرة خلف منافسه؛ ففي سبر للآراء أجرته مؤسسة "إبسوس" بشراكة مع وكالة "رويترز" للأنباء، يتقدم بايدن بفارق عشر نقاط، حيث قال 51 من الناخبين إنهم سيصوتون لصالح المرشح الديمقراطي، مقابل 41 في المائة لصالح ترامب. وذهبت نتائج استطلاع آخر نشرت الأحد الماضي، أجرته قناة "أن بي سي نيوز" وصحيفة "وول ستريت جورنال"، في الاتجاه ذاته؛ إذ تقدم بايدن على الصعيد الوطني ب 14 نقطة، حيث قال 53 في المائة من المستطلعة آراؤهم إنهم سيصوتون لبايدن، مقابل 39 في المائة فقط للرئيس ترامب. ولا يشمل تقدم بايدن استطلاعات الرأي على الصعيد الوطني فقط، وإنما أيضا أهم الولايات المتأرجحة؛ إذ تعد ولايتا فلوريدا وبنسلفانيا أهم هذه الولايات. فبالنسبة لولاية فلوريدا، سجل استطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" تقدم بايدن بخمس نقاط، حيث قال 47 في المائة من الناخبين إنهم سيصوتون للمرشح الديمقراطي، مقابل 42 في المائة فقط لصالح ترامب، ما يضع هذا الأخير في موقف حرج في هذه الولاية التي تعد من أهم الولايات التي تمهد الطريق نحو البيت الأبيض. ولا يختلف الوضع كثيرا في ولاية بنسلفانيا التي تصنف هي الأخرى ضمن خانة الولايات المتأرجحة؛ إذ أورد استطلاع "نيويورك تايمز" أن بايدن يتقدم على ترامب بفارق سبع نقاط، وذلك بعد أن قال 49 في المائة من الناخبين إنهم سيصوتون للمرشح الديمقراطي، فيما لم تتجاوز نسبة مؤيدي الرئيس الأمريكي 42 في المائة. وتكتسي ولاية فلوريدا أهمية خاصة من قبل ترامب، بالنظر إلى أنه فاز فيها خلال انتخابات 2016 ولكن بفارق لم يتجاوز 1.2 في المائة من الأصوات، بعد أن صوتت لصالحه نسبة 49 في المائة، مقابل 47.8 لحساب هيلاري كلينتون. وتكرر السيناريو ذاته في ولاية بنسلفانيا، التي كانت تعتبر ضمن ولايات "الجدار الأزرق" التي تصوت للديمقراطيين خلال السنوات الأخيرة، لكن ترامب كسر القاعدة، وفاز بهذه الولاية بفارق 0.7 في المائة، ما مهد له الطريق إلى البيت الأبيض. تأخر في السياسات أيضا ولا تظهر هذه الاستطلاعات تأخر ترامب أمام منافسه في السباق الرئاسي فقط، بل أيضا على مستوى المواقف والسياسات التي تهم تسيير الشأن العام الأمريكي. في استطلاع "سي ان ان" الأخير، ظهر أن الناخبين يفضلون توجهات بايدن في ما يخص مختلف القضايا، سواء تعلق الأمر بسياسات جائحة كورونا، أو الرعاية الصحية، أو المساواة العرقية في الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى ترشيحات المحكمة العليا ومواجهة الجريمة، في حين كان الاستثناء الوحيد في ملف الاقتصاد، حيث قالت نسبة 50 في المائة من المشاركين إنهم يفضلون ترامب، مقابل 48 في المائة لبايدن. لم يغير الرئيس الأمريكي من موقفه تجاه كورونا رغم إصابته بالفيروس ودخوله المستشفى نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يعود من جديد إلى البيت الأبيض مساء الإثنين، بعد قضاء ثلاث ليال في مركز "وولتر ريد" العسكري. وفي الوقت الذي ما تزال فيه الولاياتالمتحدة في صدارة أكثر الدول التي سجلت حالات إصابة بكورونا، حاول ترامب بعد خروجه التهوين من الإصابة، وقال: "ستهزمونه، لا تخافوا منه، ولا تدعوه يسيطر على حياتكم، فلدينا أفضل المعدات الطبية"، حسب تعبيره. وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "ان بي سي نيوز" بشراكة مع مؤسسة "مانكي" المتخصصة في استطلاعات الرأي، نشرت نتائجه الثلاثاء، أن 65 في المائة من الأمريكيين يخافون إصابة أحد أفراد عائلتهم بالفيروس، على عكس ما يدعو إليه الرئيس ترامب. في المقابل، شكك ترامب وحملته الانتخابية في جميع نتائج هذه الاستطلاعات، معتبرا أنها لا تعدو أن تكون تكرارا لما حصل خلال الانتخابات السابقة. وإذا كانت أغلب نتائج استطلاعات الرأي خلال انتخابات 2016 أخطأت في رسم هوية الرئيس الأمريكي، فإن ترامب يدخل هذه الانتخابات محملا بتبعات أزمة صحية واقتصادية هي الأسوأ خلال العقود الأخيرة، ولم يعد أيضا ذلك المرشح القادم من خارج المؤسسة السياسية، ما قد يجعل عمره في البيت الأبيض لا يتجاوز ولاية واحدة.