لطالما ظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفتخر بما يصفها ب"الطفرة الاقتصادية"، التي عرفتها الولاياتالمتحدة، منذ وصوله إلى البيت الأبيض. لكن الأشهر الأخيرة للجالس على كرسي "المكتب البيضاوي" لم تكن بالشكل الذي تمناه ترامب، خصوصا مع الركود الذي يعيشه الاقتصاد الأمريكي نتيجة انتشار وباء كورونا في البلاد، واحتلال بلاده للمركز الأول عالميا في سلم عدد الإصابات والوفيات بسبب الوباء المذكور، وكذا انتشار الاحتجاجات المنددة بالعنصرية على خلفية وفاة جورج فلويد، المواطن الأمريكي ذي الأصول الإفريقية. الأزمات الداخلية التي تعيشها البلاد انعكست بشكل واضح على نتائج استطلاعات للرأي عديدة، حول اتجاهات الرأي العام الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يراهن فيها الرئيس الأمريكي على كسب رهان الحصول على ولاية ثانية، كما هو شأن الرؤساء السابقين خلال العقود الثلاثة الماضية. وتمكن جو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، من كسب بطاقة الحزب الديمقراطي لمنافسة ترامب خلال الانتخابات المقبلة، بعد انسحاب منافسه بيرني ساندرز، وكذلك حصوله على أكثر من 1991 مندوبا خلال الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين. أرقام غير مبشرة لترامب صدرت، خلال الأيام الأخيرة، نتائج استطلاعات للرأي عديدة؛ وفيما أظهرت في مجملها تراجع شعبية ترامب وحظوظه في الانتخابات المقبلة، ارتبطت أسئلة هذه الاستطلاعات بالأزمة الاقتصادية وكذا الاحتجاجات المستمرة في مختلف أرجاء البلاد. وأظهر استطلاع لسبر الآراء، أجرته شبكة "إن بي سي" بشراكة مع جريدة "وول ستريت جورنال"، تقدما لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن، بسبع نقاط على حساب ترامب، إذ أبدى 49 في المائة من المستطلعة آراؤهم نيتهم التصويت للحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية؛ في حين ذكرت نسبة 42 في المائة أنها ستصوّت لترامب. في المقابل، فإن الاستطلاع ذاته خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، وفي التوقيت نفسه من السنة، أي يونيو 2016، كشف عن أرقام مبشرة للمرشحة الديمقراطية حينها، هيلاري كلينتون، والتي كانت تتقدم بخمس نقاط؛ لكن النتائج النهائية لهذه الاستحقاقات كانت مختلفة عما حملته نتائج مجموعة من استطلاعات الرأي. ويسير استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي إن إن" في الاتجاه ذاته، مبرزا تقدما لبايدن على حساب ترامب، ب 14 نقطة، حيث عبّر 55 في المائة من المشاركين في الاستطلاع عن نيتهم التصويت لحساب الحزب الديمقراطي؛ فيما حصل ترامب على دعم 41 في المائة من المستطلعة آراؤهم، مسجلا بذلك تراجعا بنسبة 5 في المائة بالمقارنة مع استطلاع أجرته "سي إن إن" خلال ماي الماضي. وكشف الاستطلاع ذاته أن شعبية ترامب تصل إلى 76 في المائة في صفوف المحافظين؛ لكنها لا تتجاوز 4 في المائة لدى الليبراليين، إذ إن القاعدة الشعبية لترامب هي من البيض المحافظين، وهي التي ساهمت بشكل رئيس في فوزه بالانتخابات السابقة. ترامب: نتائج مزيفة ولم ترق نتائج هذه الاستطلاعات الرئيس الأمريكي، وخصص لها هجوما لاذعا عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، أول أمس الاثنين، إلى درجة اعتماده على فريق من الخبراء في مجال سبر الآراء لتحليل نتائج استطلاع "سي إن إن". وقال ترامب، في إحدى تغريداته، إن "استطلاعات سي إن إن مزيفة مثل تقاريرها، هي نفس الأرقام"، واعتبر أن سيناريو استطلاعات الرأي هذه السنة شبيه بما جرى خلال انتخابات 2016، مبديا تفاؤله بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة. معركة "الولايات المتأرجحة" ترتكز المنافسة بين الديمقراطيين والجمهوريين على "الولايات المتأرجحة"، وهي الولايات التي يحسم فيها الفوز بعد منافسة قوية بين مرشحي الحزبين، كما أنها ولايات تختلف نتائجها من انتخابات إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، لا يطمع الجمهوريون في الفوز بولايات كاليفورنيا وواشنطن ونيويورك وغيرها من الولايات الليبرالية؛ فهي دائما ما تصوّت للديمقراطيين، والعكس صحيح بالنسبة إلى ولايات تصوّت لصالح الجمهوريين كولايات ألاباما ولويزيانا وتينيسي وغيرها من الولايات التي يطلق عليها لقب "الولايات الحمراء" نسبة إلى الحزب الجمهوري. وتعتبر ولايات فلوريدا ويسكونسن بنسلفانيا وميشيغن أكثر الولايات "تأرجحا"، إذ يراهن الحزبان الديمقراطي والجمهوري على حسمها، خصوصا أنها كانت عاملا رئيسيا في وصول ترامب إلى البيت الأبيض، بعد فوزه بهذه الولايات خلال الانتخابات السابقة. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية خلال الثالث من نونبر المقبل، تقوم مؤسسات إعلامية عديدة وأخرى متخصصة في سبر الآراء بإجراء استطلاعات للرأي بغية تتبع توجهات الناخبين؛ لكن نتائج مثل هذه الاستطلاعات طرحت علامات استفهام كثيرة خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، حينما رجحت فوز كلينتون؛ ما دفع الكثيرين، خصوصا من الجمهوريين، إلى التشكيك في مدى صحة معطياتها.