في إطار تغطيتها للانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في الثالث من نوفمبر المقبل، تنشر هسبريس سلسلة مقالات حول "الولايات المتأرجحة"، وهي الولايات التي تحسم سباق البيت الأبيض. وتعد ولاية جورجيا إحدى أهم هذه "الولايات المتأرجحة"، التي تتأرجح بين التصويت للجمهوريين والديمقراطيين، إلى جانب ولايات فلوريدا وبنسلفانيا ويسكونسن وكارولينا الشمالية، بالإضافة إلى ميشيغن وأريزونا؛ على عكس باقي ولايات البلاد التي يبقى فيها التصويت شبه محسوم لأحد الحزبين. وفيما لا يصوت الأمريكيون بشكل مباشر على الرئيس فإنهم يختارون المجمع الانتخابي الذي يبلغ عدد ناخبيه 538، الذين يصوتون على الرئيس المستقبلي. ويحتاج أي مرشح إلى 270 صوتا من أصوات الناخبين الكبار للوصول إلى البيت الأبيض، بينها 16 صوتا مخصصة لجورجيا. وتتسم جورجيا بطابع المحافظة بشكل عام، شأنها في ذلك شأن جل ولايات الجنوب، التي شاركت في الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر ضد ولايات الشمال، من أجل الاستمرار في استعباد السود. وساهم تزايد عدد السكان في الولاية في زيادة عدد المقاعد المخصصة لها في المجمع الانتخابي، فقبل عمليات إعادة توزيع التعداد السكاني الثلاث الأخيرة، انتقل عدد أصواتها من 7 أصوات إلى 16 صوتا، كما أن هذا العدد مرشح للارتفاع بعد إحصاء 2020. وقبل عام 1964، تاريخ إقرار قانون الحقوق المدنية، كانت جورجيا تصوت لصالح الحزب الديمقراطي، لكن بعد ذلك ستتجه نحو الحزب الجمهوري، كانتقام من الحزب الذي كان يقوده الرئيس ليندون جونسون، ولعب دورا أساسيا في إقرار قانون يضع حدا للتمييز العرقي في الأماكن العمومية. وتعتبر جورجيا الولاية الوحيدة في تاريخ الولاياتالمتحدة التي صوتت لصالح مرشح مستقل خلال الانتخابات الرئاسية، وكان ذلك سنة 1968، حينما صوت 42 في المائة من الناخبين لصالح المرشح المستقل جورج والاس، على حساب المرشح الجمهوري حينها ريتشارد نيكسون، والديمقراطي هوربرت هامفري. وخلال العقود الثلاثة هيمن الجمهوريون على الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، باستثناء انتخابات 1992، حينما تمكن المرشح الديمقراطي بيل كلينتون من الفوز بأغلبية الأصوات على حساب جورج بوش الأب. بعد انتخابات 1992، فاز المرشحون الجمهوريون بأغلبية مريحة بجورجيا، تراوحت بين 14 نقطة، سنة 2004، حينما ترشح جورج بوش الابن لولاية ثانية، أمام مرشح الحزب الديمقراطي جون كيري، وخمس نقاط خلال انتخابات 2016، حينما واجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب الديمقراطية هيلاري كلينتون. تنافس محتدم إذا كانت الانتخابات الرئاسية طوال العقود السابقة شهدت تفوقا واضحا للجمهوريين، إلا أن انتخابات 2020 يمكن أن تحمل أخبارا سارة للديمقراطيين، خصوصا أن عددا من استطلاعات الرأي تعطي الأفضلية لبايدن على حساب ترامب، خاصة في أوساط المحافظين في القرى والمدن الصغيرة في جورجيا. وأشار استطلاع قامت به مؤسسة "gbaostrategies"، نشرت نتائجه يوم الإثنين الماضي، إلى تقدم المرشح الديمقراطي بثلاث نقاط على حساب الرئيس. وعبرت نسبة 49 في المائة من الذين شاركوا في هذا الاستطلاع عن نية التصويت لصالح بايدن، مقابل 46 في المائة لفائدة ترامب. وفي المقابل فإن استطلاعا آخر أجرته شركة "Morning Consult"، المتخصصة في التسويق، كشف تفوق ترامب، بفارق نقطتين، بعد أن بلغت نسبة الراغبين في التصويت لصالحه 48 في المائة، مقابل 46 في المائة لصالح جو بايدن. وتسير عدد من استطلاعات الرأي الأخرى في الاتجاه ذاته، إذ تظهر منافسة شرسة بين المرشحين، ما سيجعل جورجيا إحدى أبرز الولايات التي ستحسم السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، وهذا ما سيصعب من مهمة ترامب في تأمين ولاية ثانية، خصوصا أن جورجيا صنفت إلى وقت قريب ك"ولاية حمراء"، تصوت لصالح الحزب الجمهوري.