الجزائر مرّةً أخرى في عمقِ التّداول الأممي حول نزاع الصّحراء؛ فقد حث مجلس الأمن الجزائر، التي افتعلت نزاع الصحراء المغربية وتعمل على إطالة أمده لأسباب جيوسياسية ورثتها عن الحرب الباردة، على العمل بشكل بناء مع المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي للوصول إلى حلّ سياسي. وسيدخلُ ملفّ الصّحراء جولات جديدة من التّفاوض والتّعاطي الأممي بعد أن عاشَ عزلةً إقليمية ودولية بسبب فيروس "كورونا"، واكتفاءِ الأممالمتحدة بالبحثِ عن مخارج دبلوماسية للتّخفيفِ من حدّة التّوتر، في أفق تنصيب مبعوثٍ خاصٍ جديد، بينما لم تظهر أيّ بوادر حقيقية من قبل الإدارة الأمريكية لحسمِ هذا النّزاع في ظلّ عدمِ الاستقرارِ السّياسي الذي تعيشه مكاتبها. وقدّم التّقرير الدّولي ملخصات دقيقة لكل الخطوات، متوقّفاً عند التجاوب المغربي الكبير وتفاصيل أجوبة وزير الخارجية، إضافة إلى تخوفات المغرب من التهديدات المستمرة لميليشيا البوليساريو باللجوء إلى الحرب والتهديد بقطع معبر الكركرات وإقامة بنايات خلف الجدار العازل بالصحراء. التّقرير الأممي الأخير كشفَ، بحسبِ عضو المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الدولية والتشاركية، كريم عايش، دور الجزائر في افتعال وتأزيم مسار التّسوية السلمية الذي ترعاه الأممالمتحدة، بحيثُ "استعرض مختلف المراحل التي عرفها المسار وكل الخطوات الدبلوماسية التي سهرت على متابعتها عبر المبعوث الشخصي السابق للأمين العام". وفي هذا الصّدد، أوضح المحلّل السّياسي أنّ "التقرير أشار إلى ازدواجية خطاب الجزائر في الإعلان تارة عن كونها ليست طرفا في النزاع، وتارة أخرى حضورها في طاولة جنيف المستديرة وتبنيها مواقف سياسية خارجية في خط مواقف البوليساريو، وإعلانها لمجموعة من المطالب دعما لما تسميه خيار الشعب الصحراوي في تقرير المصير". وقال عايش إنّ "التّقرير سيكون وفقا لمسلسل تسوية سياسي بتوافق كل الأطراف، بمن فيهم الجزائر"، مؤكّداً أنّ "التقرير لم يأت ليداهن ساسة الجزائر زعماء جماعة البوليساريو المسلحة، بل وضع نقطا واضحة أمام مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء وسبب إطالة صرف الأموال على بعثة السلام الأممية المينورسو". وشدّد عضو المركز المتوسّطي للدراسات والأبحاث الدّولية والتّشاركية على أنّ "طول أمد الصراع لم يكن بسبب تردد وغياب أفق واضح للموقف المغربي، ولكن لتخبط المواقف التي تتبناها البوليساريو، ومعها الخارجية الجزائرية، في التعاطي مع كل المبادرات الأممية الرامية لفض النزاع وإغلاق هذا الملف بشكل نهائي". وتوقّف المحلل ذاته عند "فشل رهان قصر المرادية، ومعه استخبارات الجزائر العسكرية، في الدفع بجماعة البوليساريو المسلحة لإشعال فتيل حرب إقليمية بعد مجموعة من التحرشات والاستفزازات المفضوحة التي دونت بالتقرير الأممي وسط إشادة بحكمة الدبلوماسية المغربية في التعاطي مع هذه التصرفات الصبيانية".