بعد أن كان وجودها يقتصر فقط على العالم الافتراضي، خرج عدد من مناصري حركة "QAnon" الأمريكية للاحتجاج في عدد من المدن الأمريكية، كما هو الحال بالنسبة لمدينة لوس أنجلس بولاية كاليفورنيا التي شهدت احتجاجات لهذه الحركة نهاية الأسبوع. وطالبت هذه الاحتجاجات بمحاربة الاتجار بالأطفال والاستغلال الجنسي، وردد المحتجون شعارات من قبيل "أنقذوا أطفالنا"، "صمتكم يصم الآذان"، وغيرها من الشعارات التي ترفعها حركة "كيو أنان". تبدو هذه الشعارات طبيعية للوهلة الأولى، لكن الحركة التي ترفعها تتبنى نظريات المؤامرة التي تنهل من اليمين، وتدعم الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. ويطلق نعت "كيو أنان" على مجموعة من نظريات المؤامرة التي انتشرت بشكل كبير عبر الإنترنت، وتزعم أن العالم يدار من قبل "عصابة من مستغلي الأطفال جنسيا، وهذه العصابة تعبد الشيطان وتتآمر على الرئيس ترامب". وحسب وسائل إعلام أمريكية، يعود أول منشور منسوب لهذه النظريات إلى أكتوبر 2017، حين نشر حساب تحت اسم "Q Clearance Patriot" منشورا ادعى صاحبه أنه "ضابط مخابرات رفيع المستوى، ولديه إمكانية الوصول إلى معلومات سرية حول حرب ترامب ضد هذه العصابة العالمية"، كما توقع أن يقوم الرئيس الأمريكي بإسقاطها وإعادة أمريكا عظيمة، تماشيا مع الشعار الانتخابي الذي رفعته حملة ترامب في الانتخابات "Make America Great Again". أتباع هذه النظريات يتخذون قادة الحزب الديمقراطي أعداء لهم، ويعتبرون أن جورج سوروس وهيلاري كلينتون وباراك أوباما ينتمون لهذه هذه العصابة المزعومة، بالإضافة إلى شخصيات دينية، كالبابا فرانسيس والدلاي لاما، ونجوم في هوليود، كأوبرا وينفري وتوم هانكس. وتذهب هذه النظريات إلى القول إن هذه الشخصيات تقوم بالتحرش بالأطفال وقتلهم واستخراج مواد كيميائية من دمائهم، دون تقديم أي أدلة على ذلك، كما يعتقد أتباعها أن عددا من الجنرالات العسكريين في الجيش الأمريكي قاموا بتجنيد ترامب للترشح سنة 2016، بهدف تفكيك هذه العصابة، وإنهاء سيطرتها على السياسة والإعلام، وتقديم أعضائها للمحاكمة. أنصار "كيو أنان" يورد تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه من الصعب تحديد أعداد الأشخاص الذين يؤمنون بنظريات "كيو أنان"، وذلك بالنظر إلى عدم وجود دليل رسمي للعضوية، لكنه يقدر هذه الأعداد بمئات الآلاف. وتضم أكثر المجموعات شهرة ل"كيو أنان" على "فيسبوك" أكثر من 100 ألف عضو، فيما أعلن "تويتر" مؤخرا أنه اتخذ إجراءات للحد من الوصول إلى أكثر من 150 ألف حساب مرتبط بها. وكشف تقرير لشبكة "ان بي سي" أن إدارة موقع "فيسبوك" أجرى دراسة داخلية حول ظاهرة "QAnon"، خلصت إلى تواجد آلاف المجموعات المرتبطة بها، ويقدر عدد أعضاء هذه المجموعات بالملايين. ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم قد تضاعف خلال الأشهر الأخيرة بالنظر إلى لجوء كثيرين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للترفيه والتواصل؛ إذ يورد تقرير لجريدة "وول ستريت جورنال" أن العضوية في 10 مجموعات كبيرة ل"كيو أنان" في موقع "فيسبوك" قد نمت بأكثر من 600 في المائة منذ بداية الأزمة الحالية لجائحة كورونا. علاقة الحركة ب"ترامب" تثير علاقة مناصري "كيو أنان" بالرئيس ترامب جدلا واسعا، خصوصا خلال الآونة الأخيرة، وانتشار مزاعم هذه الحركة بشكل لافت. وسئل ترامب خلال الأسبوع الماضي عن رأيه في هذه المجموعة، وأجاب: "سمعت بأن هؤلاء هم أناس يحبون بلادنا"، وعندما استفسر أحد مراسلي البيت الأبيض حول نظرية قيادته للحكومة ضد المتحرشين بالأطفال، رد ترامب: "هل من المفترض أن يكون ذلك أمرا سيئا؟". وقال ترامب: "إذا كان بإمكاني المساعدة في إنقاذ العالم من المشاكل، فأنا على استعداد للقيام بذلك"، في حين وثقت عدسات الكاميرات حضورا لافتا لعدد من أنصار هذه الحركة في عدد من التجمعات الانتخابية التي أقامها ترامب. وكشف بحث أجرته مجموعة "Media Matters for America" أن 20 مرشحا من الحزب الجمهوري سيشاركون في انتخابات الكونغرس خلال الثالث من نوفمبر المقبل، يعرّفون أنفسهم ك"مؤمنين" بنظريات "كيو أنان". وأضحى من شبه المؤكد أن المرشحة مارجوري تايلور، وهي واحدة من المرشحين الذين يؤمنون بهذه النظريات، ستصل إلى مجلس النواب، بعد فوزها في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بالدائرة الرابعة في ولاية جورجيا، ما جعل عددا من الأعضاء الحاليين في الكونغرس يعبرون عن معارضتهم للأفكار التي تتبناها.