مسؤول أمريكي: تجديد تأكيد أمريكا دعمها لسيادة المغرب على صحرائه" "قوي" و"لا لبس فيه"    ماء العينين تنتقد "تخوين" المغاربة المحتجين على رسو السفن الحاملة للعتاد العسكري الإسرائيلي بموانئ المغرب    يهم الناظوريين الراغبين في أداء المناسك.. السعودية تشدد إجراءات حج 2025    أرباب سيارات الإسعاف ونقل الأموات يطالبون بتنظيم القطاع وتحسين ظروف العمل    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الأخضر    إطلاق أول شهادة مغربية في صيانة بطاريات السيارات الكهربائية بشراكة مع رشيد اليزمي    حملة مراقبة في إكنيون بسبب السل    هل تعود لغة الحوار بين المغرب والجزائر بوساطة أمريكية؟    المتقاعدون يحتجون بالرباط للمطالبة برفع معاشاتهم مراعاة للغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية    "ميرسك" تنفي نقل السلاح لإسرائيل عبر موانئ مغربية    "البرلمانات الداعمة لفلسطین" تعتزم إنشاء مجموعة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين    جبهة: ميناء طنجة يستقبل فجر الإثنين سفينة "ميرسك" المحمّلة بمعدات طائرات "إف 35" المتجهة لإسرائيل    كأس "الكاف".. نهضة بركان يواصل سعيه نحو ثالث تتويج قاري    كأس افريقيا للأمم لأقل من 17 سنة.. لقجع يحث المنتخب الوطني على خوض النهائي أمام مالي بعزيمة وتنافسية    ضحايا زلزال الحوز ينتقدون خروقات توزيع الدعم ويحملون الحكومة مسؤولية استمرار معاناتهم    طقس السبت حار بأقصى الجنوب وممطر في باقي المناطق    توقيف مواطن نرويجي مبحوث عنه دوليًا بالدار البيضاء    كيوسك السبت | أشغال إنشاء وإعادة تأهيل الملاعب "الكان" تسير بشكل جيد    لماذا قررت أن أكتب الآن؟    معهد أمريكي يقدم حججًا قوية تدعو واشنطن إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    لقجع يساند الأشبال قبل نهائي كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة    المنتخب الإيفواري يظفر بالمركز الثالث بتغلبه على نظيره البوركينابي بركلات الترجيح (4-1)    ملف التازي يُطوى في مرحلته الاستئنافية.. البراءة من الاتجار بالبشر والزوجة خارج أسوار السجن    المحكمة تدين المتورطة في الاعتداء على سلمى بتسعة أشهر نافذة    العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    وداعا للورق.. المغرب يدخل عصر رقمنة وثائق الحالة المدنية    تونس تُصدر أحكاما ثقيلة على معارضين    اعترافات قضائية خطيرة.. هشام جيراندو "مسخوط الوالدين" وعائلته تتبرأ من جرائمه    هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات "كوفيد-19" .. نحو عالم مضطرب
نشر في هسبريس يوم 11 - 08 - 2020

يواجه العالم اليوم أزمة من أصعب الأزمات التي مرت بها البشرية على امتداد تاريخ وجودها على البسيطة نتيجة تفشي جائحة كوفيد 19 (فيروس كورونا المستجد). وتعد هذه الأزمة هي الأسوأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. ولقد خلفت هذه الجائحة هلعا كبيرا بين الناس، والمئات الآلاف من الضحايا، وصعوبة شديدة في كيفية التعامل معها من لدن صناع القرار والحكومات والمنظمات الدولية. كما أن تداعيات الجائحة على المستويين السوسيو- اقتصادي وميزانيات الدول تعد مفزعة – سواء بالنسبة لدول الشمال أو دول الجنوب. وهو ما يلوح بأزمة اقتصادية كبرى في العالم، والتي من المفترض بأن تكون خانقة في العديد من البلدان.
وسيقتصر التحليل في هذا المقال على بعض نتائج هذا الوباء وانعكاساتها على مستويين إثنين: المستوى السوسيو-اقتصادي، والمستوى المتعلق بميزانيات الدول.
فعلى المستوى السوسيو-اقتصادي يمكن إبراز ما يلي:
أولا- إفلاس العديد من المقاولات والشركات – أو وجودها على حافة ذلك – نتيجة توقفها عن العمل في فترات حالة الطوارئ الصحية، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وتراجع الطلب، وانكماش حجم المعاملات التجارية الدولية، وإغلاق الحدود (مثلا قطاعات السياحة والنقل الجوي والعقار). هذا الأمر سيكون له تأثير على الناتج الداخلي الخام للدول ومعدل النمو الذي سيعرف تراجعا ملموسا – بل وقاسيا – هذه السنة (مثلا -9,1% داخل دول الاتحاد الأوربي، و- 6,1% بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وحوالي 5% - في الدول الصاعدة والسائرة في طريق النمو) والذي لم يعرف العالم له مثيلا منذ عام 1870 (1)؛
ثانيا- المشاكل التي تتخبط فيها المقاولات المتضررة نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد ينذر كذلك بارتفاع معدل البطالة بسبب استغناء هذه المقاولات عن بعض أجرائها أو إقفالها. والسيناريو الأسوأ هنا هو مطالبة الأبناك للمدينون من هؤلاء الأجراء باسترجاع أموالهم أو مصادرة ممتلكاتهم نتيجة عجزهم عن الاستمرار في تسديد الأقساط الشهرية لتلك الديون.
وإذا كانت بعض الدول توفر نوع من الحماية الاجتماعية لمثل هؤلاء الأجراء الذين يفقدون في مثل هذه الظروف أو الكوارث عملهم؛ بحيث يتم منحهم إعانة مالية مريحة نوعا ما طيلة فترة توقفهم عن العمل أو البطالة؛ إضافة إلى إمكانية إعادة جدولة ديونهم وتأجيل أدائها لاحقا (ألمانيا وفرنسا على سبيل المثال) فإن مثل هؤلاء الأجراء في دول أخرى لا يتوفرون على مثل هذه الحماية؛
ثالثا- تفاقم الهشاشة الاجتماعية والفقر في العديد من بلدان العالم، وبصفة خاصة داخل دول الجنوب التي تتوفر على نسبة مرتفعة جدا من "القطاع غير المهيكل" نتيجة توقف العديد من العاملين في هذا القطاع عن العمل أو منعهم من مزاولة أنشطتهم من لدن السلطات العمومية في إطار سياسات الدول لتطويق انتشار فيروس كورونا المستجد.
هذه الحالات الثلاث – السالفة الذكر – ستؤدي غالبا – في حالة غياب حلول عملية لمعالجتها – إلى الاحتقان الاجتماعي، وارتفاع معدل الجريمة، وموجة من الاحتجاجات أو الاضطرابات التي قد تهدد الاستقرار والسلم المجتمعي في العديد من الدول.
أما على مستوى ميزانيات الدول فإن توقف عجلات النشاط الاقتصادي – الجزئي أو الكلي – خلال فترة الحجر الصحي الذي تم تطبيقه في أغلبية البلدان، والمشاكل المادية التي تعاني منها المقاولات وكذلك المواطنين جراء ذلك أدى إلى تقليص مداخيل الدول وخصوصا ما يتعلق بتحصيل الضرائب – سواء المباشرة منها أو غير المباشرة. وإذا كانت دول الشمال لديها القدرة على الصمود المالي في مواجهة تداعيات وباء كورونا المستجد نتيجة توفرها على صناديق للدعم ومواجهة الطوارئ وفق استراتيجيات قبلية لتدبير الأزمات فإن أغلب دول الجنوب تفتقد للموارد المالية الكافية أو الرؤية الاستراتيجية القبلية لمواجهة مثل هذه الأوضاع. وهو ما يطرح العديد من التحديات أمام هذه الدول التي لجأ العديد منها للاستدانة من الخارج، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وما يترتب عن ذلك من اهتزاز لسيادتها وخضوعها من جديد للإملاءات الخارجية مثل تطبيق سياسة التقشف (تقليص النفقات العمومية وخصوصا ما يتعلق بميزانيات التجهيز والتوظيف، تجميد الأجور، إلخ.) واحتمال الرفع من الضرائب أو توسيع وعائها لاحقا، وما لذلك من تبعات قد تصل تكلفتها إلى الأجيال القادمة.
ويضع وباء كورونا المستجد جميع الحكومات أمام محك صعب. كما أنها ألزمت الدول للرجوع بقوة إلى نهج سياسة "الدولة المتدخلة" – وعدم الاكتفاء بلعب دور الدولة الحارسة (المحافظة على النظام العام والأمن الخارجي) – من أجل مساعدة المقاولات المتضررة على الوقوف من جديد، والإبقاء على مناصب الشغل، وإعادة الحياة والديناميكية للنشاط الاقتصادي.
وإذا كانت دول الشمال تتوفر على القدرة المادية لمواجهة تبعات الجائحة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي – كما تمت الإشارة لذلك سابقا –؛ فإن دول الجنوب ليس لها من خيار آخر من أجل إيجاد موارد مالية كافية في هذه الفترة الحرجة سوى ببناء استراتيجية محكمة لمواجهة هذه التبعات والتي من جملة مقوماتها: إقامة العدالة الضريبية، ومحاربة التهرب الضريبي، ومكافحة الفساد، وترشيد النفقات، وإلغاء الامتيازات والاحتكارات، وحسن تدبير الشأن العام، وفرض احترام القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة جدولة ديون المتضررين (مقاولات وأفراد)، ومراجعة نسب الأرباح التي تجنيها الأبناك – والتي تعد في بعض دول الجنوب الأكثر ارتفاعا في العالم –، وإعانة أولئك الذين فقدوا عملهم بسبب تداعيات الوباء.
وأخيرا، إن طبيعة المرحلة التي تمر منها البشرية جمعاء حاليا بسبب انتشار جائحة كوفيد 19، وتداعياتها على العديد من المستويات الحساسة للمجتمعات والدول، لتستدعي – أكثر من أي وقت مضى – تظافر الجهود واستحضار الصالح العام من أجل تخطي هذه الأزمة الحادة والغير مسبوقة بنجاح.
الهوامش
(1) Communiqué de presse de la Banque Mondiale du 08 juin 2020.
*أستاذ العلاقات الدولية بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة – طنجة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.