دونِ اهتمامٍ دوليّ ولا إقليمي "بارز"، تمضي قضية الصّحراء بثقلهِا إلى مزيد من الجمود الدّبلوماسي، بعدما توقّفت عجلةُ النّشاط الأممي بسبب تداعيات فيروس "كورونا" الذي باتَ يتصدّر أولويات العالم، وهو ما يبعثُ أسئلة كثيرة في الرّباط حول طبيعة التّعاطي مع هذا الجمود، وما إذا كانَ معاكساً لطموحات المملكة. ولا تحظى قضية الصّحراء بأولوية الأجندات لدى الدّول الأعضاء في مجلس الأمن، إذ لم يجد هذا الأخير خلال آخر جلساتهِ المتعلّقة بالنّزاع في الصّحراء المغربية إلا أن يكرّر ما جاء في قراراتهِ السّابقة ذات الصّلة، داعياً الأطراف المعنيّة إلى ضرورة الحوار والتّوافق للوصول إلى حلّ سياسي. وسيُكرّس هذا الجمود أكثر مع غياب مبعوث أممي في الصّحراء، إذ لم ينجحْ الأمين العام للأمم المتحدة في إنهاء "البلوكاج" القائم بشأنِ تعيين مبعوث جديد، بينما تلوّح جبهة "البّوليساريو" باتخاذ إجراءات تصعيدية إن لم يتحرّك المنتظم الدّولي لتحقيق التّسوية الأممية. وتوقّفت العملية السّياسية في الصّحراء عقبَ فشل الأممالمتحدة في إيجاد بديل للمبعوث الخاص السّابق هورست كوهلر، الذي غادرَ "تعقيدات الملفّ" لدواعي صحيّة؛ بينما يترقّب المغرب "مخرجات العملية السّياسية والحوار الدّولي على مستوى الأممالمتحدة ومجلس الأمن". وتراهنُ الجبهة على عامل الوقت من أجل فرضِ تصوّرها الخاص بشأن النّزاع، إذ تعملُ على نقل تطورات القضية إلى مستويات إقليمية من خلال إثارتها داخل الاتحاد الإفريقي، إذ لم تعد البوليساريو، كما يؤكّد أمينها، تؤمن ب"دور الآليات الدّولية لحلّ النزاع"، داعياً مجلس الأمن إلى "تحمّل كامل المسؤولية". وحاولت الأمم المتّحدة خلقَ نوع من "الرّواج الدّبلوماسي" في قضية الصّحراء من خلال محاولتها تعيين ميروسلاف لايتشاك، وزير الخارجية السلوفاكي، مبعوثاً خاصا للأمم المتحدة إلى الصحراء، إلا أنّها فشلت في اعتمادهِ مبعوثاً أممياً، وهو ما يجعل جبهة البوليساريو تسارع الزّمن من أجل إخراج الملف من "دائرة النّسيان". وستكون الرّباط أمام خيارات متعدّدة في تعاطيها مع ملف الصّحراء، أوّلها انتظارُ ما ستفرزهُ تحرّكات الأممالمتحدة في سياق البحث عن حلّ مجد للصّراع، أو الاستمرار في مجاراة واقع الجمود الذي يخدمُ مصالح المملكة ويثيرُ حنق جبهة البوليساريو الانفصالية. وراهنَ المبعوث الأممي السّابق هورست كولر على ضمان نجاح خطوة تأسيسية أولى تمضي بالمفاوضات نحو الأفضل مستقبلا، مع إصراره على إشراك كل من الجزائر وموريتانيا في الجلسات، لعل الأمر يأتي بجديد على مستوى تسوية النزاع؛ غير أنّ محاولاته لقيت صعوبات في ظلّ تهرّب الجزائر من تحمّل مسؤوليتها المباشرة في النّزاع.