منذ أن قدم الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر استقالته كمبعوث أممي إلى الصحراء المغربية في 22 ماي 2019، ظل هذا المنصب بعد مرور سنة شاغراً إلى حدود اليوم، ويرتقب أن يستمر هذا الفراغ بفعل تداعيات فيروس "كورونا" المستجد التي أعادت ترتيب الأولويات في العالم. ولا يتعلق الأمر فقط بالتأخر الحاصل في تعيين مبعوث أممي إلى الصحراء المغربية؛ فليبيا التي تشهد تطاحنات داخلية وصراعات دولية بدون مبعوث أممي منذ استقالة غسان سلامة، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وذلك بسبب الخلاف الدولي حول الشخصية التي ستتولى الملف الليبي الشائك. وباستثناء محاولة الأممالمتحدة تعيين ميروسلاف لايتشاك، وزير الخارجية السلوفاكي، مبعوثاً خاصا للأمم المتحدة إلى الصحراء، التي باءت بالفشل، لم يُطرح أي اسم دولي وازن لحل هذا النزاع، لاسيما أن الشخصيات الأممية المرموقة تتخوف من إدارة الملف وأن يكون مصيرها الفشل الذي خيم على الموضوع من جيمس بيكر إلى هورست كوهلر. وتعود أسباب فشل مبعوثي الأممالمتحدة الصحراء (جيمس بيكر، بيتر فان فالسوم، كريستوفر روس ثم هورست كوهلر) إلى جمود العقيدة العدائية الثابتة لدى الجزائر في دعم خيار "استقلال الصحراء" و"تصفية الاستعمار"، وهو المقترح الذي يستحيلُ تحقيقه على أرض الواقع باعتراف جل القوى العالمية. وطيلة فترة الفراغ الأممي في الصحراء، لم تعبر المملكة المغربية عن أي قلق تجاه التأخر الحاصل في تعيين خلف لهورست كولر، ما دام قطار التنمية يتواصل في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ومر إلى السرعة القصوى بتعليمات ملكية. مقابل هذا الارتياح المغربي، يوجد قلق في تندوف والجزائر بسبب التأخر الحاصل في تعيين وسيط أممي إلى الصحراء؛ إذ لا تفوت الجزائر الفرصة دون التعبير عن غضبها من "رفع الأممالمتحدة يدها عن ملف الصحراء". وتعي الأممالمتحدة بقيادة أنطونيو غوتيريس أن المبعوث الأممي الجديد كيف ما كانت تجربته وحنكته فإنه يظل عاجزاً عن تحقيق أي تقدم في ملف الصحراء، لأن دوره يقتصر على تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع والتمهيد لإجراء مفاوضات. لكن جمود الموقف الجزائري يجعل مهمة الأممالمتحدة في الإشراف على تسوية النزاع مستحيلة، باستثناء دورها في مراقبة وقف إطلاق النار وتحقيق السلام عبر بعثة "المينورسو". ولم يعد ملف الصحراء المغربية محط اهتمام كبير من قبل مجلس الأمن الدولي، الذي لم يبرمج أي جلسة خلال شهر يونيو الجاري لمناقشة تطورات النزاع، وذلك منذ آخر جلسة مغلقة عقدها في التاسع من أبريل الماضي ولم تخرج بأي توصيات عملية. وكان مجلس الأمن الدولي، في خطوة لإعطاء متنفس من الوقت، مدد ولاية بعثة "المينورسو" لمدة سنة كاملة إلى غاية 31 أكتوبر 2020، عوض 6 أشهر كما كان خلال القرارات السابقة.