تبخّر حلم عدد كبير من مربيّات التعليم الأولي العمومي في قضاء عيد الأضحى كسائر المغاربة؛ وذلك بعد أن تأخّر صرف تعويضاتهن التي كان من المفروض أن يتوصلن بها خلال شهر يونيو الماضي أو شهر يوليوز الحالي، ما أزّم وضعيتهنّ المالية أكثر، وعمّق هشاشتهن الاجتماعية، خاصة أن كثيرا منهنّ يُعلْن أسرَهن بشكل كامل، أو يساهمْن في إعالتها. ويعود سبب عدم توصّل المربيات بتعويضاتهن إلى تماطل الجمعيات المكلفة بالتعليم الأولي في تقديم طلبات عروض الدعم الذي يُصرف لهن برسم الموسم الدراسي المقبل، ما حذا بالمديريات الإقليمية لوزارة التربية إلى تأجيل صرْف الجزء الثاني من الدعم برسم الموسم الدراسي المنتهي إلى حين التوصل بطلبات عروض الموسم المقبل. "مْع هاد الجائحة ديال كورونا كنّا كنتسناو يرأفوا بنا شوية ويشوفو من حالنا، ولكن لا حياة لمن تنادي"، تقول مربية للتعليم الأوّلي تشتغل في مدينة سلا لهسبريس، مضيفة: "المربّيات مْرضو بسبب التعامل غير الإنساني ديال رؤساء الجمعيات، إلا من رحم ربك، وهذا سبب لنا مشاكل كثيرة، وكاينين مربيات واقفين على الطلاق بسباب هادشي". وتعاني مربيات التعليم الأوّلي من صعوبات في استخلاص تعويضاتهن، في ظل غياب قانون يحميهن، رغم أن الدولة جعلت التعليم الأولي إحدى الركائز الأساسية للنهوض بمنظومة التربية والتكوين، وتسعى إلى تعميمه، تفعيلا لمقتضيات الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. وفي خضم حرمانهن من مستحقاتهن المالية، شرعت المربيات في النزول إلى الشارع للاحتجاج، حيث خُضن وقفة احتجاجية في كلميم، وكان مقررا أن يقمن بوقفة مماثلة أمام المديرية الإقليمية بسلا، الإثنين، قبل تأجيلها، فيما مازال صرْف تعويضاتهن يتم حسب مزاج رؤساء الجمعيات. ورغم أن بعض المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية وجهت مراسلات استعجالية إلى جمعيات التعليم الأولي حول سبب مماطلتها في تقديم طلبات عروض الدعم، فإنّ صرْفه لم يعُد ممكنا قبل عيد الأضحى، حسب مربية تنتمي إلى نقابة التعليم الأولي، مضيفة: "هاد العام مغنعيدوش، وولادنا مغيفرحوش". وتتطلع مربيات التعليم الأولي إلى أن تتحسن أوضاعهن بعد المقرر الذي وجهه وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المهني، الذي تضمّن حُزمة من الحقوق الشغلية لفائدتهن. المقرر الوزاري المذكور نص على تشغيل موارد بشرية مؤهلة لتسيير بنية التعليم الأولي بعقد عمل طبقا لمقتضيات مدونة الشغل، مع الحرص على احترام الحد الأدنى للأجر وتمتيعهم بكافة الحقوق الشغيلة التي يضمنها القانون، مثل الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتغطية الصحية الإجبارية، والتأمين ضد المخاطر، والاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها... وحاليا لا تستفيد مربيات التعليم الأولي من هذه الحقوق، بل إنهن لا يحصلن حتى على تعويضاتهن خلال العطلة الصيفية، ومنهنّ مَن يتم حرمانهن من الاستفادة من حقهن من الدعم الذي تحصل عليه الجمعيات من وزارة التربية الوطنية، ويكتفين فقط بما يستخلصنه من أمهات وآباء الأطفال، تنفيذا لأوامر رؤساء الجمعيات، رغم أن هذا الإجراء غير قانوني، لكون للتعليم الأولي العمومي مجاني. ووصف عبد الحق عثمان، عضو النقابة الوطنية للتعليم الأولي، في مقطع صوتي بُث في مجموعة خاصة بالمربيات على تطبيق "واتساب"، مقرر وزارة التربية الوطنية المُلزم للجمعيات بتشغيل المربيات بعقود وفق مدونة الشغل ب"البشرى السارة"، وقال إن هذا القرار هو من بين المطالب الأساسية للنقابة التي ينتمي إليها. وتابع المتحدث بأن إلزام الوزارة الوصية على القطاع بتشغيل المربيات بعقود عمل أزال اللبس الذي كان يلف دفتر التحملات المعمول به حاليا، والذي لا يضمن حقوق المربيات؛ لكنه شدد على أن تحقيق المكاسب التي جاء بها المقرر الوزاري "يقتضي أن تناضلْن من أجل نيل حقوقكن".