هل سيعيش المغرب سنوات اقتصادية صعبة بعد انقضاء الجائحة؟ فأمام ضياع ملايير الدراهم بسبب سياسة "الحجر الصحي" يقف اقتصاد المملكة على ضرورة اتخاذ تدابير استثنائية من أجل إيجاد نقطة توازن تمكنه من إعادة النهوض. ورسميا، يتوقع أن يتفاقم عجز الميزانية من 4.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2019 إلى 7.6 في المائة السنة الجارية؛ وسيبقى في مستوى مرتفع السنة المقبلة بحوالي 5 في المائة، فاتحا الباب أمام سيناريوهات كثيرة. وأمام هذه الأوضاع، لم يجد المغرب سبيلا بعد ثلاثة أشهر من "التوقف الاقتصادي" سوى إعادة العجلة للدوران، والبحث عن سبل للخروج من الأزمة، التي يرصد رشيد أوراز، المحلل الاقتصادي، إمكانية مساسها بالعديد من نفقات الدولة. رشيد أوراز، الأستاذ الباحث بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، يؤكد أن عجز الميزانية بالنسبة للسنة الحالية قائم، ومن المتوقع أن يسجل فارقا على مستوى موارد الدولة ونفقاتها، وذلك بسبب التوقف الاقتصادي الذي دام نصف سنة تقريبا. ويوضح أوراز، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أغلبية موارد الميزانية هي من الضرائب، وحركة الإنتاج المتوقفة الآن كلفتها الكثير، مشددا على أن قرار استئناف الأنشطة يأتي بالأساس من أجل استخلاص ضرائب في نهاية السنة الجارية. وفي حالة عدم استدراك الأوضاع، يقول المتحدث إن الدولة ستصبح مطالبة بالاستدانة، وهي أمر صعب في السياق الحالي، مشددا على أن فتح النشاط الاقتصادي وبعض القروض من شأنهما إعادة بعث جزء من الاقتصاد وتقليص العجز. وبالنسبة للنفقات المستقبلية للدولة، يتوقع أوراز أن يتم التقليل منها من سنة واحدة إلى أربع سنوات، بداية بالتقشف على مستوى البنيات التحتية والتوظيف في القطاع العمومي، مسجلا في السياق ذاته أن مدخل إعادة التوازن الميزانياتي يبقى مزيدا من الحكامة المالية. وزاد أوراز موضحا: "ترشيد نفقات المالية العمومية، ووقف الفساد الذي يمس أحيانا تدبير الموارد، من شأنهما إعادة توازن الميزانية"، مسجلا أن الحكومة تجد صعوبة في الأمر بدليل عدم قدرتها على صياغة قانون مالية تعديلي. وذلك يعود بالأساس، في تقدير الباحث الاقتصادي، إلى أن الحكومة غير قادرة على بناء توقعات للميزانية، وخصوصا ما يتعلق بالموارد التي يمكن أن تحصل عليها لتمويل ميزانيتها؛ وبالتالي لا بديل عن فتح النشاط الاقتصادي، لكن دون الإفراط في التفاؤل.