دخلت المملكة المغربية منعطفاً جديداً في منظومة التمويل التشاركي بعد إصدارها أولى الصكوك السيادية الإسلامية بنظام الإجارة بقيمة مليار درهم موجهة إلى السوق الداخلية، وهي خطوة ستُساهم في تعبئة موارد مالية مهمة. وقد حقق الإصدار الأول من الصكوك السيادية في المغرب إقبالاً كبيراً من قبل المستثمرين؛ إذ بلغ حجم العروض 3.6 مليارات درهم، أي ما يعادل 3.6 مرات حجم الإصدار، حصلت البنوك التشاركية على حصة 35 في المائة من قيمته. وأمام المغرب تحدٍّ كبير لإنجاح هذه الخطوة بالغة الأهمية في المالية التشاركية، بعد بدء خمسة أبناك إسلامية العمل السنة الماضية، حيث تراهن الدولة على تنويع المصادر بما سيساهم في توسيع قاعدة المستثمرين وخفض تكلفة التمويل. ويرى رشيد أوراز، باحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أنه من المستحب تخصيص موارد هذه الصكوك لتمويل مشاريع تنموية بهدف فرص شغل، مشيراً إلى أن هناك اعتراضا على توجيهها لتمويل عجز الميزانية. وقال أوراز، في حديث لهسبريس، إن "الصكوك السيادية الإسلامية تؤدي الوظائف نفسها الخاصة بالسندات التقليدية، لكن عددا كبيرا ينحو لمعارضة توجيهها نحو تمويل عجز الميزانية"، مضيفا أن "عجز الميزانية يجب خفضه عبر التحكم في نفقات الدولة، ولا يجب استغلال أموال الصكوك لسد هذا العجز الناتج عن سوء تدبير الموارد المالية للدولة". وبدأ سوق الصكوك السيادية في العالم منذ حوالي 25 عاماً، ويعرف تطوراً متسارعاً، حيث تتوفر كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر على 50 في المائة من حصة إصدارات الصكوك في العالم، إضافة إلى تركيا وماليزيا وبعض الدول الأوروبية. وقد نجحت هذه الدول في الاستفادة من هذه الأداة التمويلية الإسلامية لبناء منشآت ذات أهمية بالغة، خصوصاً الطرق والمطارات. وفي هذا الصدد، قال أوراز إن هذه الصكوك "تساهم في جذب أموال مستثمرين لديهم قناعات دينية معينة يرغبون في استثمار أموالهم في هذه المنتجات". وأبرز الباحث المغربي أن توجيه هذه "الموارد المالية لتمويل المشاريع سيساهم في رفع معدل النمو وخلق فرص عمل جديدة وتقليص معدلات البطالة، وبالتالي تحريك الدينامية الاقتصادية التي تعرف اختلالات في السنتين الأخيرتين". وحذر أوراز من نهج بيع الصكوك الإسلامية من خلال تفويت منشآت أو أصول، وقال إن "هذا يفتح الباب لبيع الدولة أو الخواص لممتلكاتهما"، معتبرا أن "المستحب هو توجيه الصكوك للحصول على موارد مالية من أجل إقامة مشاريع جديدة كلياً حيث يُصبح حامل الصكوك مالكاً لهذا المشروع أو جزء منه". ولكي تنجح تجربة الصكوك الإسلامية في المغرب، وبالتالي المساهمة في جذب أموال استثمارية هامة، يرى أوراز ضرورة إعطاء ضمانات للمستثمرين وتعزيز الثقة في اقتصاد البلاد وسوقها المالية. في المقابل، أشار الباحث ذاته إلى أن الوضع الحالي يكتنفه "غموض فيما يخص المجالين السياسي والاقتصادي"، معتبرا أن ذلك قد لا ينتج عنه نجاح كبير، خصوصا وأن قيمة الصكوك الأولى متواضعة مقارنة مع هو معمول به في العالم، حيث تبلغ مليارات الدولارات.