على الرغم من الأداء الجيد الذي حققه الاقتصاد الوطني خلال سنة 2011 ، خصوصا على مستوى نسبة النمو، فإن المؤشرات الكبرى للمالية العمومية تأثرت كثيرا بفعل ارتفاع نفقات الدولة، وهو ما سيكون له، دون شك، وقع على القانون المالي 2012 الذي يواجه بدوره ظرفية اقتصادية صعبة سواء على المستوى الوطني أو الدولي حيث انطلاق الموسم الفلاحي في ظروف عصيبة اتسمت بشح التساقطات المطرية ، وحيث مخلفات تنفيذ ميزانية 2011 تركت عجزا ماليا تفاقم ب 20.5 مليار درهم مقارنة مع العام الماضي، وهو ما يعادل 6.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام حيث تخطى العجز حاليا عتبة ال مليار درهم 50... «الاتحاد الاشتراكي» استقصت أراء فاعلين اقتصاديين وازنين حول صعوبة الظرفية الاقتصادية الراهنة و استقرأت أراءهم حول مستقبل الاقتصاد الوطني في ظل التحديات العصيبة التي يواجهها نزار بركة: بإمكان المغرب اللجوء إلى مزيد من الاستدانة من الأسواق الخارجية قال وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة ، خلال ندوة صحفية عقدها في بحر هذا الأسبوع ، أن الاقتصاد الوطني تمكن من تحقيق نسبة نمو ناهزت قيمته 5 في المائة خلال السنة الماضية رغم الظرفية الدولية غير الملائمة، مدعوما، حسب نزار بركة، «بانتعاش الناتج الداخلي غير الفلاحي، وارتفاع القيمة المضافة الفلاحية، وتسارع وتيرة القروض البنكية المقدمة للاقتصاد الوطني» وأوضح الوزير أن ميزانية 2011 سجلت تفاقم النفقات العمومية تحت تأثير تحملات نظام المقاصة وتكاليف الحوار الاجتماعي، إذ ارتفعت هذه الأخيرة بنسبة 19.4 في المائة، أي ما يعادل 28.6 مليار درهم، نتيجة ارتفاع تكاليف الدعم بنسبة 79.8 في المائة إلى 48.8 مليار درهم، والأجور بنسبة 12.4 في المائة إلى 88.6 مليار درهم. أمام هذا الواقع الذي سيحد دونما شك من هوامش تحرك الحكومة الجديدة، لم يستبعد وزير الاقتصاد المالية إمكانية التوجه نحو الاقتراض من الخارج معتبرا إن بإمكان المغرب اللجوء إلى مزيد من الاستدانة من الأسواق الخارجية وأن وضعيته مازالت مريحة وتسمح له بالاقتراض من الأسواق المالية الدولية ومن المانحين الكبار كالبنك الأوروبي للتنمية والتعمير والبنك الإفريقي للتنمية، و بلدان الخليج،» التي تعهدت في إطار شراكتها مع المغرب بتخصيص تمويلات بقيمة 2.5 مليار دولار، زيادة على شراكةّ دوفيل المخصصة لمواكبة التحول الديموقراطي بالمنطقة العربية». الحبيب المالكي : معدل النمو سنة 2012 قد لا يتجاوز 3.2% توقع الحبيب المالكي رئيس المركز المغربي لدراسة الظرفية حصر معدل النمو سنة 2012 في حوالي 3.2% ولاحظ أن هذا المعدل يشكل تراجعا في حدود نقطة واحدة مقارنة مع المعدل المسجل سنة 2011 وأكثر من نقطة واحدة ونصف مقارنة مع المعدل المسجل خلال السنوات الخمس الأخيرة.، ومن أهم ما توقعه المركز استقرار معدل التضخم في حدود 2% وتدهور أوضاع التشغيل حيث يرتقب أن يرتفع معدل البطالة بنقطة واحدة. هذا السيناريو التوقعي دفع بالمركز إلى اعتبار أن المنحى العام سيسير في اتجاه تراجع الطلب الإجمالي حيث يرتقب أن يعرف استهلاك الأسر، الذي يعتبر المكون الأساسي للاستهلاك الداخلي ارتفاعا يقل بنقطتين عن المستوى المسجل في السنة السابقة لينحصر في حدود 4.2% ، نفس الشيء يراقب على مستوى نفقات الاستثمار التي توقع المركز نموها ب 6.8% سنة 2012عوض 8.4% المتوقعة لسنة 2011، أما الطلب الخارجي الذي يواجه انعكاسات الأزمة العالمية وخاصة منها تلك التي تهم منطقة الأورو، فمن المتوقع أن يعرف ارتفاعا محصورا في 5.7% عند متم سنة 2012. بالنسبة للتوازنات المالية نبه المركز من مخاطر ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية في الارتفاع، وبعد أن ربط مستوى حدة هذه المخاطر بغياب إجراءات تصحيحية، خص بالذكر الحسابات الخارجية التي ستواجه تبعات ضعف نمو قيمة الصادرات. المركز الذي استحضر أهم المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على المستويين الدولي والوطني توقع تراجعا ملحوظا خلال الأشهر المقبلة للأنشطة الاقتصادية، وبعد أن سجل الطابع الدوري لتراجع النمو وقف عند الطلب الخارجي على الاقتصاد الوطني فسجل بالنسبة للسنوات الأخيرة، تحسن موارد السياحة والاستثمار والتحويلات المالية للجالية المغربية المقيمة في الخارج، وخلص إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في الدول الأوربي الشريكة بفعل أزمة المديونية ستكون له انعكاسات هامة على الديناميكية الداخلية للنمو، ومن غير المستبعد أن يستمر هذا التأثير إلى ما بعد سنة 2012. وعلى المستوى الداخلي للأنشطة لاحظ المركز أن المعاملات الأساسية التي تتحكم في الفعالية الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة ترتبط بظروف العرض في كل من القطاع الفلاحي والصناعي والخدماتي كما ترتبط بسلوكات العرض الداخلي وبإجراءات السياسة الاقتصادية في جانبها الميزانياتي والنقدي والمالي، ومن هذا المنطلق سجل المركز التراجع الملحوظ في مستوى التساقطات المطرية إلى حدود بداية فصل الشتاء مقارنة مع المعدلات المسجلة في السنوات السابقة، وتوقع حصاد نتيجة متوسطة أو أقل من المتوسطة للموسم الفلاحي الجاري. إدريس الأزمي أولويات ميزانية 2012 تتحدد في دعم السياسة الاجتماعية والاستثمار العمومي أما إدريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية والمؤسسات العمومية فأكد أن الاقتصاد الوطني تمكن من « تسجيل أداء إيجابي مقارنة مع التوقعات المعلنة، باستثناء تفاقم النفقات العمومية تحت تأثير تحملات المقاصة والحوار الاجتماعي، إذ ارتفعت هذه الأخيرة بنسبة 19.4 في المائة، أي ما يعادل 28.6 مليار درهم، نتيجة ارتفاع تكاليف الدعم بنسبة 79.8 في المائة إلى 48.8 مليار درهم، والأجور بنسبة 12.4 في المائة إلى 88.6 مليار درهم» وأضاف في الندوة ذاتها التي عقدها بداية الاسبوع رفقة وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة ، أن نتائج تنفيذ قانون مالية 2011، أفضت إلى تفاقم العجز مالي بأزيد من 20.6 مليار درهم أي ما يعادل 6.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو مستوى قياسي لم يسجل منذ سنوات الثمانينات أمام ارتفاع نفقات الدعم والأسعار العالمية للمواد الأساسية ومقتنيات المغرب من الطاقة والحبوب».وأضاف إنه يجري حاليا تحيين القانون المالي 2012 الذي ينتظر أن يعرض على البرلمان بما يلائم خصوصيات الظرفية الاقتصادية الراهنة . واعتبر الازمي أن أولويات ميزانية 2012 تتحدد في دعم الاستثمار العمومي وإعادة توجيهه ليتلاءم وأولويات الحكومة المعلنة في التصريح الحكومي، ودعم السياسة الاجتماعية، وإحداث صندوق التضامن، الذي ستوجه موارده لدعم الفئات المعوزة منن خلال تعميم التغطية الصحية الموجهة لهذه الفئات، والتعميم المتدرج لنظام المساعدة الطبية»، وفي هذا الصدد، سجل الأزمي، «أن الحكومة تشتغل على تحديد سبل تمويل هذا الصندوق، ولهذا الغرض ستعتمد معايير موضوعية وليست انتقائية في تحديد القطاعات التي ستساهم في تمويله». أحمد الحليمي الافراط في الديون قد يكون له انعكاس سلبي على التوازنات المالية للبلاد بعد يومين من الندوة الصحفية التي أجراها نزار بركة و إدريس الأزمي ، جاء المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي ليؤكد أمام وسائل الاعلام أن الظرفية الاقتصادية التي يعيشها المغرب حاليا صعبة وتقتضي التعامل معها بالكثير من اليقظة منبها إلى أن نموذج النمو الاقتصادي المعتمد منذ سنة 2000، بدأ بفعل هذه الظرفية الاقتصادية الراهنة يستنفد نجاعته ويفرز مؤشرات تراجعه خاصة فيما يتعلق باستدامة القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني، معتبرا أن المغرب يواجه حاليا إشكالية التمويل الاقتصادي التي يفترض أن تندرج ضمن الأولويات ببلادنا، حيث عرفت القدرات التمويلية للاقتصاد الوطني تدهورا، بالنظر إلى تراجع معدل تغطية الاستثمارات بالادخار من %109 سنة 2006 إلى %80 حاليا. و أعرب الحليمي لجريدة الاتحاد الاشتراكي عن تخوفه من توجه الدولة إلى الإفراط في الاستدانة من الأسواق الخارجية معتبرا أنه على الرغم من وجود هامش لمزيد من الاقتراض ، إلا أن ذلك قد يكون له انعكاس سلبي على التوازنات المالية للبلاد وعلى مستوى الادخار الوطني كما أن من شأن تفاقم الأوضاع الاقتصادية دوليا أن يؤدي إلى عجز الحساب الجاري الخارجي ليبلغ %10 من الناتج الداخلي الإجمالي مما سيكون له دون شك انعكاس سلبي على مكانة المغرب في الأسواق العالمية لرؤوس الأموال.وبالنسبة للسنة المالية 2012 توقع المندوب السامي للتخطيط أن يعرف الاقتصاد الوطني تباطؤا في وتيرة نموه لتصل إلى %4,1 عوض %4,8 سنة 2011. كما سيعرف الطلب العالمي الموجه نحو المغرب خلال السنة الجارية تراجعا في وتيرة نموه، لتسجل فقط %2,1 عوض%5,6 سنة 2011. مقدرا أن يبلغ متوسط سعر النفط الخام 99 دولارا للبرم?ل عوض 104,2 دولارا للبرم?ل سنة 2011، في حين سينخفض متوسط سعر المواد الأولية غير الطاقية بحوالي %14. وستعرف ق?مة ال?ورو مقابل الدولار استقرارا في حدود 1,36 سنة .2012 كما تعتمد هذه الفرضيات على استقرار مداخيل السياحة الدولية وتحويلات المغاربة المق?م?ن بالخارج في المستويات المسجلة سنة 2011. شكيب بنموسى الجواب على هذه التحديات يتطلب وضوح الخطاب خارج اي حساب انتخابوي أما شكيب بنموسى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي فأجاب على سؤال «الاتحاد الاشتراكي» حول الظرفية الاقتصادية وتحديات المستقبل قائلا ان الظرفية العالمية والوطنية برسم سنة 2012 ستكون صعبة مما يتطلب كثيرا من الحذر واليقظة. وان الجواب الملائم على هذه الوضعية يتجلى في وضوح الخطاب ازاءها واتخاد التدابير الجريئة التي تستلزمها معالجة القضايا الجوهرية بالنسبة لبلادنا خارج اي حساب انتخابوي. كما يتوجب العمل على ان تحترم هذه التدابير مبادئ الانصاف والتضامن والتماسك الاجتماعي. كما ان التصريح الحكومي مطالب ان يترجم عبر برنامج عملي وفق اهداف محددة وجدولة زمنية واضحة واليات دائمة للتقييم بهدف قياس التطورات الحقيقة المنجزة. وان لمن شان هده المقاربة ان توطد مناخ الثقة بين الجهاز التنفيذي والمواطنين، وأن يساعد على التلبية التدريجية للانتظارات المعبر عنها من طرفهم. ولقد غلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي هذه المقاربة الدينامية عند بلورته للتوصيات المتعلقة بالميثاق الاجتماعي الجديد. وأضاف بنموسى إن بلادنا تتوفر على مؤهلات حقيقية تسمح بالتفاؤل، كما تحث على بدل الجهود وتجنيد كل الطاقات والفعاليات الوطنية لتثمينها. معتبرا أن المغرب قام بإصلاحات مهمة خلال السنين الاخيرة، حقق تقدما هاما في تفعيلها، واعتمد اصلاحات اخرى تتطلب الترجمة على الصعيد العملي في اطار الدستور الجديد الذي اقرته بلادنا. كما تم انجاز استثمارات ضخمة واطلاق استراتيجيات قطاعية، بدأت تعطي نتائج ملموسة. وفي هذا الاتجاه يتوجب تجنيد الفاعلين من اجل جني منفعة اكبر من هذه الاصلاحات و هذه الاستثمارات عبر سن تدابير نوعية تهم مناخ الاعمال والمساطير الادارية بهدف خلق طفرة من شانها زرع دينامية ذات اثار جذب ايجابية على صعيد مختلف مكونات الاقتصاد الوطني وخلص شكيب بنموسى إلى أنه يمكن للانتخابات المحلية المقبلة أن تشكل مرحلة قوية للإسراع بالإصلاحات المرتبطة بالحكامة والتدبير عن قرب. فانتظارات المواطنين على هذا الصعيد جد قوية. ذلك ان وضع حكامة جيدة للمدن وتدبير مواردها البشرية والمالية لمن شانه ان يمكن على المدى القريب من تحسين الخدمات المحلية المقدمة الى المواطنين، هذه الخدمات التي اصبحت جد حساسة بالنظر لواقع عيش مواطنينا في المدن كما في البوادي. وفي هذا الباب فان المجلس الاقتصادي والاجتماعي قد بادر بفتح هذا الورش في إطار المواضيع التي يعالجها حاليا حول هذه الاشكالية بالذات. نجيب بوليف إطلاق قانون الأبناك قد يسمح بتدفق 1 مليار دولار قال محمد نجيب بوليف الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إن الوضعية الاقتصادية الراهنة ليست بالسهلة و أن هناك مجموعة من التحديات التي يواجهها التدبير الاقتصادي للمرحلة . وأكد بوليف في تصريح خص به «الاتحاد الاشتراكي» أن ثمة جانبا إيجابيا في هذه التحديات ، مبرزا أنه يرتقب أن يتحسن أداء الميزان التجاري بفعل تراجع سلة الواردات وارتفاع الطلب الخارجي على الصادرات المغربية ،خصوصا في بعض القطاعات النشيطة كصناعة السيارات .. واعتبر بوليف أن المغرب داخل محيطه الاقليمي وخاصة ضمن البلدان التي تشهد حاليا تقلبات وتغيرات سياسية جوهرية كمصر وتونس وليبيا .. يتميز بوضعية تتسم بالاستقرار السياسي والتحول السلمي والهادئ نحو الديموقراطية وضوح الرؤية .. كل هذه العوامل ، يضيف بوليف، يمكن إن هي استثمرت بالشكل الجيد عن طريق الديبلوماسية الاقتصادية أن تكون لها انعكاسات جد إيجابية على تدفق الاستثمارات الخارجية . ويلاحظ وزير الشؤون العامة والحكامة أن تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، نظرا لكون 80 في المائة منها لها طبيعة تضامنية واجتماعية ، لم تتأثر كثيرا بتبعات الازمة الاقتصادية العالمية ، وبالتالي فانه لا ينتظر تتأثر في المستقبل بل يتوقع أن تستمر هذه التحويلات في أداء دورها الداعم للاقتصاد الوطني. و أقر بوليف بأن أبرز الانتظارات الاجتماعية التي يترقبها الشارع المغربي تكمن في توفير الشغل ، وهذا أيضا تحدي ستعمل الحكومة على رفعه ، بالموازاة مع الاستمرار في تعزيز سياسة الدعم الاجتماعي و اصلاح نظام المقاصة. ويرى بوليف أنه ما زال بالإمكان الرفع من العجز المالي إذا كان ذلك سيساهم في الحفاظ على التوازنات الاجتماعية، وقال إنه من الممكن السماح بمستوى من العجز المالي المعقول والمتحكم فيه للحفاظ على القدرة الشرائية . كما اعتبر بوليف أن نسبة الدين العمومي من الناتج الداخلي الخام مازالت تسمح بهامش من الاستدانة بنسب مقبولة. و أضاف أن صدور قانون الأبناك قبل متم 2012سيسمح بفتح المجال أمام استثمارات بنكية جديدة وخاصة في مجال البنوك الاسلامية وهو ما يمكن أن يفتح القطاع المالي الوطني على تدفق حوالي 1 مليار دولار. محمد حوراني : نطالب بدينامية الاستثمارات، دعم التشغيل وتوسيع الوعاء الضريبي.» قال محمد حوراني رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب في حديث خص به «الاتحاد الاشتراكي» : « إن بلدنا تمكن من تجاوز الأزمة العالمية بنجاح، وذلك بفضل الاعتماد منذ عدة سنوات على سياسيات ماكرواقتصادية والقيام بإصلاحات سياسية هادفة. ورغم الظرفية العالمية الصعبة، إلا أن المغرب تمكن من تحقيق نتائج اقتصادية جيدة وتحسين مؤشراته الاجتماعية. وعرفت سنة 2011 هي الأخرى نموا جيدا للاقتصاد المغربي، رغم ما عرفته هذه السنة من أحداث الربيع العربي. ومع كل ذلك، فإن الارتفاع العجز في الميزانية (6.1 بالمائة)، وازدياد حدة العجز المسجل في الميزان التجاري وتراجع احتياطينا في الصرف، معطيات تشكل إنذارا حقيقيا حول المخاطر التي تمس توازناتنا الماكرواقتصادية. وكما أشرنا إلى ذلك في تصريحاتنا المتعلقة بقانون المالية لسنة 2012، فإن المسألة التي تركز عليها الأنظار في الوقت الراهن، في المغرب كما في الخارج، تتعلق بطريقة تدبير العجز. فطريقة تمويل العجز مهمة بدورها. ومن شأن التمويل من الموارد الداخلية أن يكبح النمو عندما تكون السوق محدودة أو ضيقة. والظرفية النقدية في الوقت الراهن تتسم بوجود سوق داخلية تفتقد نسبيا للسيولة. وهذا ما يتجلى في أزمة ائتمان، في ظرفية اقتصادية صعبة مما يزيد من صعوبة تمويل بعض القطاعات. السياسات النقدية، وجهوية الإصلاح الإداري وباقي السياسات العمومية يرتبط بعضها ببعض بشكل كبير، ويتعين أن تسير جميعها في اتجاه دعم تنافسية اقتصادنا وتقوية قواعد النمو. وفي انتظار تفعيل جميع المشاريع الإصلاحية الكبرى (صندوق المقاصة، نظام التقاعد.. إلخ)، وهو أمر يتطلب سنوات عدة، فإنه يظل من الضروري الاستجابة لمقترحاتنا المستعجلة في إطار قانون المالية لسنة 2012، والتي تتمحور حول ثلاثة مواضيع تتسم بطابع الأولوية: دينامية الاستثمارات، دعم التشغيل وتوسيع الوعاء الضريبي.»