أكد نزار البركة، وزير الاقتصاد والمالية، أن التصور النهائي لصندوق التضامن لم يجهز بعد، موضحا أن الحكومة لم تتوصل بعد إلى مصادر تمويل محددة لهذا الصندوق الذي ينتظر أن يحدثه قانون المالية لسنة 2012. وقال البركة، في ندوة صحافية عقدها صبيحة أمس في الرباط بمعية إدريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إن «مجلس الحكومة والمجلس الوزاري المنعقدين مؤخرا أجمعا على ضرورة إحداث هذا الصندوق ولم يتدارسا مصادر تمويله». وأضاف البركة، في الندوة الصحافية ذاتها التي خصصها ل«تنفيذ قانون المالية لسنة 2011»، قوله: «يصعب أن يكون التصور العام المتعلق بصندوق التضامن واضحا حاليا. حتى التسمية لم تتم المصادقة عليها بعد». غير أن الأزمي أكد أن التوجه العام يسير نحو اعتماد مصادر تمويل تضامنية وفق معايير موضوعية، دون أن يكشف عن هوية هذه المصادر التمويلية. وبخصوص مشروع قانون المالية للسنة الجارية، الذي ينتظر أن يعقد البرلمان دورة استثنائية لمناقشته في أواخر فبراير الجاري، أوضح الوزيران أن التوجهات الكبرى لهذا المشروع القانوني نوقشت في المجلسين الحكومي والوزاري الأخيرين. وقال الأزمي إن الوزارة تعكف حاليا على تحيين المشروع وجعله متناسبا مع آخر التطورات الداخلية، خصوصا تداعيات تأخر هطول الأمطار وموجة البرد التي تضرب بلادنا هذه الأيام، بالإضافة إلى نتائج السنة المالية 2011. وعلى الصعيد الخارجي، ينتظر أن يأخذ المشروع بعين الاعتبار آخر المعطيات التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي حول راهن الاقتصاد العالمي وآفاقه في الأشهر المتبقية من السنة الجارية. وفي انتظار اكتمال الصيغة النهائية لمشروع قانون المالية لسنة 2012، دافع نزار البركة عن قرار الحكومة تخفيض توقعاتها بشأن معدل نمو الاقتصاد الوطني في السنة الجارية إلى 4.2 في المائة، بدل 5.5 في المائة الواردة في البرنامج الحكومي. وبرر البركة هذا القرار ب«الظرفية الاقتصادية السيئة للغاية وتراجع توقعات النمو العالمي بأزيد من 1 في المائة». وثمة أيضا أسباب أخرى حددها البركة في «تأخر هطول الأمطار وموجة البرد التي تعرفها بلادنا حاليا، وهما عاملان سيكون لهما تأثير سلبي على حصيلة الموسم الفلاحي الجاري»، بالإضافة إلى «تراجع الاستثمارات الأجنبية والانتظارية التي طبعت سلوك المستثمرين في الأشهر الأخيرة». ومع ذلك، جددت وزارة الاقتصاد والمالية التأكيد على اعتزامها الوفاء بالتزاماتها الرامية إلى «الحفاظ على التوازنات الاقتصادية للمغرب مع تعزيز أسس نمو قوي ومستديم من خلال مواصلة الجهود المبذولة في مجال الاستثمار العمومي وتحسين فعاليته ومراعاة التوازن الجهوي والمجالي في توزيعه». وشدد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية على أن الدعامات الأساسية لهذا المشروع ستتمثل بالأساس في تدعيم الاستثمار العمومي والتركيز على السياسيات الاجتماعية، ولاسيما إحداث صندوق التضامن. ورسمت وزارة الاقتصاد والمالية، في الندوة الصحافية ذاتها، صورة قاتمة عن وضعية الاقتصاد المغربي في السنة المنصرمة، إذ تميزت المؤشرات الاقتصادية في 2011 بتفاقم عجز الميزانية وارتفاع نفقات الدولة مع استفحال عجز الميزان التجاري رغم التحسن الواضح لصادرات الفوسفاط ومشتقاته التي أصبحت تغطي لوحدها 54 في المائة من فاتورة استيراد الطاقة والحبوب التي ارتفعت في السنة الماضية بحوالي 70 في المائة. وبلغت مداخيل الدولة 11.8 مليار درهم، في حين قفزت النفقات إلى 32.4 مليار درهم، وهو ما يعادل عجزا بقيمة 20.6 مليار درهم، أي نحو 2.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وفي المقابل، سجلت الوزارة «تطورا إيجابيا للاقتصاد الوطني تمثل في نمو متوقع في حدود 5 في المائة رغم الظرفية الدولية غير الملائمة وانتعاش الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي وتسارع وتيرة القروض البنكية المقدمة للاقتصاد ومعدل تضخم متحكم فيه واستمرار تراجع معدل البطالة»، رغم أن البطالة لا تزال مرتفعة في صفوف الشباب، ولاسيما حاملي الشهادات العليا.