لاجئة إلى آخر الأوراق للعمل على استقرار الاقتصاد الوطني، رمت حكومة سعد الدين العثماني ب"قانون مالية تعديلي" لعله يعيد بعضا من التوازن المفقود ويخفف من آثار اضطرار العديد من القطاعات إلى التوقف مؤقتا عن الإنتاج. وقد تضررت قطاعات حيوية في تنشيط الاقتصاد المغربي من وضع التوقف الحالي، حيث تمضي نحو شهرها الثالث دون حركية مالية وعمالية في ظل قرار السلطات اعتماد "الحجر الصحي" لمواجهة تفشي فيروس كورونا بأرجاء البلاد. وتعد وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة مشروع قانون مالية تعديلي، ضمن إجراءات مواجهة تداعيات جائحة "كورونا" عقب إحداثها تغييرات كبيرة في الفرضيات التي بنت عليها الحكومة قانون المالية لسنة 2020. وقالت الوزارة، في توضيحات لها، إنها تقوم حاليا بصياغة مشروع قانون مالية معدل، سيشمل تحيين الفرضيات التي تم اعتمادها في إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020، مبرزة أنه تم وضع توقعات جديدة أخذا بعين الاعتبار تأثير الأزمة على عجز الميزانية وميزان الأداءات والدين. وقال رشيد أوراز، باحث بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، إن أهم النقاط التي سيمسها التغيير هي تلك المتعلقة بتقدير موارد ميزانية الدولة؛ فتأثيرات كورونا على الاقتصاد المغربي ستحد من المداخيل، وخصوصا الضريبية منها، التي تشكل النصيب الأكبر من الميزانية. وفي نظر المصرح لهسبريس، فإن ذلك سيكون له انعكاس كبير على مصاريف الدولة وميزانياتها القطاعية، موردا أن "ميزانيات الاستثمار مثلا قد تحجب، لأن ما سيتوفر من موارد بالكاد سيمكننا من أداء ميزانيات التسيير". ومعلوم أيضا أن كتلة الأجور تبقى مرتفعة في المغرب، وسيؤدي الحفاظ عليها إلى التأثير على ميزانيات أخرى، يقول أوراز، مسجلا أن المغرب على العموم سيتجه إلى اللجوء إلى سياسات تقشفية لمواجهة آثار كورونا على الاقتصاد الوطني. وحسب الباحث المغربي، سيظهر ذلك لما سيقدم قانون المالية التعديلي الذي سيكون أقل من حيث المواد والمصاريف من قانون المالية الرئيسي لسنة 2020، مؤكدا أن التعديلات لن تحمي الاقتصاد الوطني. وأضاف أوراز "أننا في إطار تدبير أزمة ومحاولة تجاوز الأسوأ، خصوصا من الناحية الاجتماعية، وهناك قطاعات متوقفة حالية تماما، بعضها يستطيع أن يعود إلى العمل ولو جزئيا خلال أسابيع، وبعضها ربما لن يستطيع ذلك إلا بعد أشهر". وستكون لذلك تأثيرات كبيرة، خصوصا على مستوى معدل البطالة، يشدد الباحث الاقتصادي ذاته الذي تابع بأن "هذا سيؤدي بطبيعة الحالة إلى مشاكل اجتماعية كبيرة، وهناك قطاعات جد مشغلة مثل قطاع السياحة الذي سيعاني من العودة إلى النشاط خلال سنة أو حتى سنتين". ومهما كانت المقترحات الجديدة، يقول أوراز، "فإنها لا تستطيع معالجة هذا المشكل. ففي نهاية المطاف قانون المالية التعديلي سيحاول تجاوز تأثيرات كارثية للأزمة على بعض القطاعات، ولكن لن يستطيع إنقاذ الاقتصاد الوطني".