عبّرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبارانسي المغرب" عن توجّسها من عدم استمرار الحكومة في الكشف عن المعلومات المتعلقة بتبرعات المؤسسات العمومية والخاصة والأشخاص الذاتيين في صندوق تدبير جائحة كورونا، بعدما كانت تقدم تفاصيلها في بداية إحداث الصندوق أوّلا بأوّل. وسجّلت "ترانسبارانسي المغرب"، بعد مداولات مجلسها الوطني الأخير المخصصة أشغاله لمناقشة السياق الوطني لتدبير جائحة كورونا، توقُّفَ إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتبرعات التي رافقت في البداية إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، وهو ما اعتبرته إخلالا بالفصل 27 من الدستور. وينص الفصل المذكور في فقرته الأولى على أن "للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام"، كما ينص على أنه لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، في حالات معينة، تتعلق بالدفاع الوطني وحماية وأمن الدولة، والحياة الخاصة للأفراد، والوقاية من المس بالحقوق والحريات الأساسية المضمونة دستوريا. وطالبت "ترانسبارانسي المغرب" الحكومة باحترام الفصل 27 من دستور المملكة، ومقتضيات القانون رقم 13.30 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وذلك عن طريق الاستمرار في إخبار الرأي العام بانتظام بكل ما يتعلق بتدبير موارد الصندوق الخاص لمواجهة جائحة فيروس كورونا، من خلال النشر الاستباقي للمعلومات. أحمد البرنوصي، الكاتب العام ل"ترانسبارانسي المغرب"، قال في تصريح لهسبريس إن "الجمعية لاحظت توقف الحكومة عن تقديم المعلومات حول التدفقات المالية الممنوحة لصندوق تدبير جائحة كورونا، سواء التي تساهم بها المؤسسات العمومية أو الخواص، منذ أربعة أسابيع". وأكد البرنوصي أن عدم تقديم الحكومة للمعلومات في هذا الصدد، ينافي مقتضيات الفصل 27 من الدستور، ومقتضيات قانون الحصول على المعلومات، لافتا إلى إن "هذا القانون ينصّ على تقديم المعلومات الاستباقية إلى الرأي العام، وليس الاحتفاظ بها إلى حين أن تتقدم جهة ما بطلب الحصول عليها". وبحسب آخر المعلومات التي قدمها وزير الاقتصاد والمالية يوم 19 ماي الماضي في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، فقد بلغ إجمالي الموارد المالية لصندوق تدبير جائحة كورونا، إلى غاية 18 من الشهر نفسه، 32.7 مليار درهم، أُنفقت منها 13.7 مليار درهم، خُصصت لدعم المتضررين من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة، وتجهيز المستشفيات بالمعدّات والمستلزمات الطبية. وأبدت الهيئة الحقوقية ذات الامتداد الدولي تخوفها من أن تؤدي التدابير الاستثنائية من طرف الحكومة في مجال الصفقات العمومية بهدف الاستجابة للحالات الصحية الطارئة، في ظل عدم تقديم معلومات إلى الرأي العام حول هذه الصفقات، إلى معاملات يشوبها الفساد. وأوضحت أن "الغياب شبه الكامل لتأطير التفويضات الاستثنائية وتمديدها إلى مجالات أخرى غير تلك المتعلقة بالخدمات الصحية، يمثل بشكل واضح خطرا كبيرا على مستوى استغلال النفوذ وأخلاقيات العمل، التي قد تفاقم تفشي الفساد". وفي هذا الإطار، قال البرنوصي إن "الحكومة تتخذ إجراءات استثنائية لتدبير الصفقات العمومية في هذا الظرف الذي يتميز بفرض حالة الطوارئ الصحية"، مشددا على أن "الإجراءات الحكومية الاستثنائية تتطلب حدا أدنى، على الأقل، من الشفافية والوضوح". ودعت "ترانسبارانسي المغرب" الهيئات الرقابية إلى ممارسة سلطاتها المؤسساتية لضمان التدبير السليم للموارد العمومية، بدءا من التعبير عن الاحتياجات إلى عمليات الافتحاص من خلال نشر ملخصات تقاريرها بشفافية، لا سيما في قطاع الصحة العمومية. وشدد البرنوصي على أن الهيئات الرقابية المكلفة بمراقبة صرف المال العام "ينبغي أن تباشر عملها الآن، ولا يجب أن تنتظر إلى حين تصفية موارد صندوق تدبير جائحة كورونا، وعليها أن تنشر تقاريرها بشفافية ليطّلع عليها الرأي العام". من جهة ثانية، انتقدت "ترانسبارانسي المغرب" توقف النشر الاستباقي لتتبع إجراءات الامتثال لتدابير الحجر الصحي وعدد الموقوفين نتيجة خرق حالة الطوارئ الصحية الذي دأبت النيابة العامة والمديرية العامة للأمن الوطني على اعتماده في البداية لإخبار الرأي العام الوطني.