بسم الله الرحمن الرحيم يلاحظ المتتبع للجرائد والصحف غثائية وزبد ما ينشر مما هو معلوم ومستهلك؛ من كلام لا يساوي الحبر والورق الذي يكتب عليه؛ فمعظم من يكتب من الصحفيين يشتغلون على قضايا بائتة ولا بتوفر فيها جديد فيه إثارة. وفي خضم هاته الأخبار الباردة البائتة نستحضر قلم الرجل الشجاع الذي يقبع خلف القضبان رشيد نيني؛ فهو غني عن التذكير بجرأته وصلابته وغيرته وشجاعته، وقبل إعتقاله كان يظهر للقارئ المتتبع أن المغرب موغل في الفساد بشتى صنوفه وألوانه، وبعد اعتقاله تغيرت الرؤية وتبدلت الصورة، وأصبح الناس يرون المغرب بلا فساد؛ لأنهم لا يدرون ما يجري وما يحدث فيه، فقد غاب الباحث عن الحقيقة الذي لم يكن يمل أو يكل ويصل إلى الخير أينما كان، وكأن المغاربة أيام نيني كانوا جميعا ينظرون بنظارة سوداء كتلك التي كان يضعها أيام زمان على عينيه، ولما اعتقل كأنهم نزعوا تلك النظارات كما نزعها هو من قبل، والواقع أن كل ذلك غير واقع، فمنذ اعتقل نيني أصيب الجميع بعمى أفقدهم رؤية الأشياء على حقيقتها لأن من كان يبصرهم بها غاب، والعين التي بها كان ينظرون ويطلعون على قضايا الفساد فئقت. وما كان يرصده من خروقات وقضايا فساد ليس سوى نزر يسيرا لما يتسع له عموده، وصحافيونا اليوم لا يهمهم الشعب ولا الفساد وإنما الذي يهمهم هو المواقع والمقاعد والمكرمات، وكان حريا بهم أن يتأسوا بهذا الرجل الذي استطاع أن يخطب ود المغاربة بغيرته وجرأته. ونأمل أن نسمع في الأيام المقبلة ما يبشر بخير للإفراج عنه، وإني على يقين أن الحكومة الجديدة التي تسعى للإفراج عن نيني سيكون لها شاكرا وممتنا ولن يؤثر ذلك-بإذن الله-على مسار الرجل ومبادئه، ولن يكون هذا المعروف مانعا له من بيان ما يمكن أن يقع فيه عهد الحكومة الجديدة من فساد، فالرجل قد خبرناه لا يعرف المحاباة، ولا يخشى في قول الحق لومة لائم. ومنذ اعتقال الرجل انقسم الناس بشأن الاعتقال إلى طائفتين: طائفة فرحت لذلك واستبشرت واستراحت من سهامه؛ فكان حالها معه: "مستراح منه"، وطائفة أصابها بسبب الاعتقال ألم وحسرة للظلم الذي أصاب رجلا عشق الحقيقة ونذر حياته من أجلها. وقد كان من أبرز من طالب بالإفراج عنه وأثار قضيته حزب العدالة والتنمية في مختلف المناسبات، ولم يكن يدخر وسعا لإثارة القضية والتنبيه إليها. واليوم ما يزال الموقف هو هو لم يتبدل ولم يتغير؛ فالعدالة والتنمية لا تخطب ود الرجل-كما يشيع البعض- بعد توليها التسيير الحكومي؛ بل موقفها لم يتغير منذ كانت في المعارضة أيام اعتقاله، ومطالبها اليوم هي نفسها لا شيء فيها تغير أو تبدل، وتلك حقيقة يقتضي الإنصاف أن تقال، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). ومن عرف نيني سيدرك أن من سيفرج عنه قد يكون أول من يتصدى له حال وقوعه في فساد، وكل هذا نابع مما علمنا من حال الرجل وصلابته. ونأمل أن لا يخيب الظن فيه. والرجل لم يجرم حتى يطلب العفو عنه، فدعوه يكمل ما تبقى ما فترة ظلمه، ليبقى دائما منتصرا، وليسترح المفسدون؛ بما أن فاضحهم مكبل ومقيد بالأغلال، فهم منه مستريحون، أما هو فيقينا غير مستريح؛ لأنه صاحب ضمير حي. www.kallali.jeeran.com http://www.facebook.com/profile.php?id=1845491066&ref=tn_tnmn