يندرج مشروع قانون استعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية في إطار مسلسل إصلاح منظومة العدالة بالمملكة، الذي أسفر عن إصدار ميثاق وطني من بين أهدافه الرئيسية العمل على رقمنة المحاكم واعتماد الإدارة الإلكترونية. وإذا كانت الحضورية والتواجهية من بين أهم مبادئ المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها دوليا، فإن الرغبة في تحقيق مبادئ الحكامة وإصدار الأحكام القضائية داخل أجل معقول وفق ما هو منصوص عليه دستوريا تفرض على أي تعديل للقواعد التقليدية التي انبنى عليها قانون المسطرة المدنية أن يراعي هذا التوازن باعتبار أن مبادئ المحاكمة العادلة وحدة لا تتجزأ. وغني عن البيان أن إقرار قانون مسطري من هذا النوع يشكل ثورة في ميدان إجراءات التقاضي، وبالتالي يتعين التريث وأخذ الوقت الكافي لتكون الانطلاقة صحيحة وهو ما يفرض بالضرورة إشراك الفاعلين الرئيسيين في منظومة العدالة قبل المصادقة عليه. وقبل التطرق للملاحظات على مستوى مضمون التعديلات المقترحة لا بد من إبداء بعض الملاحظات من حيث الشكل والمنهجية. المطلب الأول: ملاحظات على مستوى المنهجية والشكل أول ما يمكن إثارته على مستوى منهجية إعداد المشروع أنه لا يتعلق فقط باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية وإنما هو مشروع قانون موسع، يتضمن تعديلات أخرى تهم مواضيع المسطرة المدنية ونعطي أمثلة على ذلك من خلال الاستشهاد بتعديل ونسخ الفصل 33 الذي ألغى إمكانية الترافع عن الغير أمام القضاء من طرف الزوج أو القريب أو الصهر من الأصول أو الفروع أو الحواشي إلى الدرجة الثالثة. وكذا إضافة مقتضيات جديدة بخصوص تقرير جزاء عدم أداء الرسوم القضائية أو جزء منها، من خلال تعديل الفصل 528 وكذا إعادة تنظيم كيفية تبليغ الاستدعاءات وإسناد هذه المهمة بصفة أصلية للمفوض القضائي ولجهات أخرى بكيفية احتياطية كما نص على ذلك الفصل 37 من المشروع فضلا عن تنظيم بيانات طلب التنفيذ والقاضي المكلف بالتنفيذ من خلال البند1 من الفصل 432 من المشروع وهي مقتضيات جديدة لم تكن منظمة من قبل. كل هذا يفرض على السلطة التنفيذية ألا تقدم مشروعا جزئيا لتعديل قانون المسطرة المدنية بل أن تقدمه في إطار تعديل شمولي لمقتضيات قانون المسطرة المدنية، طالما أنه لا توجد أي ضرورة استعجالية للإسراع بالمصادقة على جزء مبتور من الكل وإلا سقطت في جملة من التناقضات عند طرح باقي أجزاء مشروع القانون المسطري للمصادقة على تعديله. وفي نفس النسق فإن اعتماد الوسائط الالكترونية في المسطرة المدنية كان يجب أن يسبقه المصادقة على القانون الأشمل الذي يؤطر هذا المجال وهو قانون التنظيم القضائي للمملكة والذي سبق للمحكمة الدستورية أن قضت بعدم دستورية العديد من مقتضياته المضمنة في مشروع القانون رقم 1538. وهذا ما يفرض من الناحية المنهجية إصدار قانون التنظيم القضائي قبل طرح قانون المسطرة المدنية للمصادقة عليه لأن الثاني مبني على الأول ومشتق منه. وما يعزز هذا التوجه هو أن التصور التشريعي لتعديل قانون المسطرة المدنية يمس بتنظيم أدوار والتزامات عدة فاعلين في منظومة العدالة، ويتعلق الأمر بسلطات رؤساء المحاكم والجمعيات العمومية وصلاحيات والتزامات المحامين وأطر كتابة الضبط والخبراء والمفوضين القضائيين وغيرهم. من ناحية ثانية يلاحظ أن مشروع القانون اعتمد ثلاثة طرق في التعديل، أولها تتميم فصول معينة طبقا للمادة الأولى منه وثانيها نسخ وتعويض فصول أخرى طبقا للمادة الثانية منه وثالثها تغيير وتتميم فصول أخرى طبقا للمادة الثالثة منه. والحال أنه كان بإمكان المشروع أن ينسخ جميع الفصول موضوع التعديل أو التتميم ويعوضها بفصول جديدة متكاملة الصياغة حتى لا يتيه المخاطب ويرتبك أمام تعدد التعديلات الواردة على الفصل الواحد الشيء الذي يشوش على المخاطب ويفرض عليه في كل حين الرجوع إلى النص القديم وعدم الاكتفاء بالنص الجديد. بل الأكثر من ذلك فإن المشروع لما نص في المادة الأولى- على سبيل المثال- على تتميم الفصل 31 ببنود أخرى فإنه تضمن مقتضيات تعدله ولا تتممه فقط، وهذا ما يفهم من اعتماد النظام المعلوماتي في تعيين القاضي المقرر وتعيين تاريخ أول جلسة، وهو مقتضى يتعارض مع منطوق الفصل 31 مما يتبين معه أن المشروع أخطأ عندما أدرج التعديل في خانة التتميم بدلا من خانة النسخ والإلغاء. من ناحية ثالثة إذا كان مشروع القانون قد نص على استعمال الوسائط الإلكترونية بخصوص الاستدعاءات وإجراءات التبليغ ومحاضر وسجلات الجلسات والأحكام وأداء الرسوم القضائية والتنفيذ.... إلا أنه أغفل تبليغ النيابة العامة في القضايا المدنية سواء عندما تكون طرفا منظما أو طرفا أصليا بنفس الوسائط الإلكترونية، كما أغفل إمكانية اعتماد هذه النيابة العامة الوسائط الإلكترونية في تقديم المستنتجات أو الطعون، والحال أن النيابة العامة تعتبر جزءا من السلطة القضائية يتعين معه أن تكون مشمولة بخطاب القانون شأنها شأن قضاء الحكم. مما يصح معه القول إن المشروع لم يكن شاملا بالرغم من أنه حاول أن يستوعب العديد من المجالات في مادة المسطرة المدنية. وأخيرا فإن مشروع القانون لم يكلف نفسه عناء وضع بعض التعاريف الأساسية للمفاهيم الجديدة التي استحدثها من قبيل المنصة الإلكترونية والحساب الإلكتروني المهني والعنوان الإلكتروني والدعامة الإلكترونية وغيرها خلافا للمنهجية التي اعتمدها المشرع في إصدار القوانين الحديثة. كما لم يحدد أي أجل لإخراج النصوص التنظيمية المرتبطة بتفعيل الوسائط الإلكترونية، الأمر الذي قد يترك للسلطة التنفيذية مجالا زمنيا مفتوحا للتراخي في تنزيل مشروع المحكمة الرقمية. المطلب الثاني: ملاحظات من حيث المضمون بالقراءة الأولية لمقتضيات المشروع المعروض علينا خاصة في شقه المتعلق بقانون المسطرة المدنية تبين أن المستجدات التي أتى بها تناولت على سبيل الخصوص: أولا: تعيين القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر وفقا لنظام معلوماتي. ثانيا: التبليغ الإلكتروني للمقالات والمذكرات والمرفقات. ثالثا: الحصول على نسخ الأحكام بطريقة إلكترونية. رابعا: أداء الرسوم القضائية بطريقة إلكترونية. أولا: تعيين القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر وفقا لنظام معلوماتي إذا كان قانون المسطرة المدنية الحالي يمنح اختصاص تعيين القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر للسيد رئيس المحكمة، فإن المشروع المعروض أمامنا استعاض عن رئيس المحكمة بالنظام المعلوماتي أي أنه جعل هذا التعيين يتم بصفة آلية تلقائية بناء على برنامج تقني معد سلفا لا دخل فيه للعنصر البشري. وإذا كان من مميزات التعيين الإلكتروني إضفاء شفافية أكثر على عملية تعيين القاضي الذي سيبت في القضية أو القاضي المقرر الذي سيعمل على تجهيزها، فإن سلب هذا الاختصاص من رئيس المحكمة قد ينعكس سلبا على واقع توزيع الملفات على القضاة بحيث يميل الكثير من رؤساء المحاكم إلى مراعاة الضغط الواقع على بعض القضاة، وخاصة رؤساء الهيئات من حيث عدد الملفات المدرجة باسمهم وكذا من حيث نوعية الملفات المحالة عليهم، في المقابل فإن رئيس المحكمة وفي سياق دوره التأطيري قد يراعي مدى حداثة وتجربة القاضي في إسناد الملفات إليه ليس من قبيل التدخل في القضاء، وإنما من باب حسن الإدارة وتمكين القاضي الحديث العهد بالقضاء من فرصة كافية لدراسة الملفات البسيطة نوعا ما قبل إحالة الملفات التي تبدو أكثر تعقيدا. وقد حاول المشروع أن يخفف من سلبيات تعيين القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر تلقائيا بواسطة النظام المعلوماتي بتخويله لرئيس المحكمة أن يغير القاضي المذكور بصفة استثنائية بمقرر معلل، لكن دون أن يبين السبب هل يتعلق الأمر بسبب من أسباب التجريح أو التنافي فضلا على أنه لم يبين طبيعة هذا المقرر هل هو مقرر ولائي غير قابل للطعن أم أنه قرار قضائي يقبل الطعن والإلغاء. كذلك فإن تنصيص المشروع على أن النظام المعلوماتي يعين أول جلسة يعرض فيها الملف يعتبر سلبا للصلاحية الممنوحة للقاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر، باعتباره صاحب الولاية في وضع يده على الملف والأجدر بمعرفة وتقدير التاريخ المناسب لعرض الملف على أول جلسة بالنظر إلى عناوين الأطراف وعددهم وطبيعة ونوعية النزاع. ثانيا: التبليغ الإلكتروني للمقالات والمذكرات والمرفقات يعتبر استدعاء أطراف الدعوى وتبليغهم بكل إجراء من إجراءات الدعوى من أهم مقتضيات مبدأ الحضورية والتواجهية. وإذا كان الأصل في القانون الحالي هو تبليغ أطراف الدعوى هو التبليغ المادي للوثائق والذي يقع بواسطة مفوض قضائي أو كاتب للضبط أو بالطريق الإداري أو بالبريد المضمون أو بالقيم أو بالطريق الديبلوماسي، فإن إلغاء الفصل 37 من قانون المسطرة المدنية وتعويضه بفصل جديد حمل تعديلين هامين: أولهما: جعل الأصل في التبليغ هو حصوله بواسطة أحد المفوضين القضائيين واستثناء يمكن أن يتم بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط أو بالطريقة الإدارية. وثانيهما إضافة وسيلة جديدة للتبليغ مستعملا صيغة فضفاضة وهي: أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ بما فيها التبليغ الإلكتروني. ونعتقد أن فتح إمكانية التبليغ الالكتروني يجب التعامل معه بحذر كبير خاصة وأن للتبليغ آثار قانونية هامة من شأنها أن تنعكس على المركز القانوني لأطراف الدعوى ولا سيما الإضرار بحقوقهم ومصالحهم. من هذا المنطلق لوحظ أن المشروع المعروض أمامنا قام بتتميم الفصل 41 من قانون المسطرة المدنية بثمانية بنود إضافية تناولت التبليغ الإلكتروني وذلك بالتنصيص على إحداث منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد تتولى تأمين عملية التبادل اللامادي للإجراءات بين المحامين ومحاكم المملكة، بما يضمن موثوقية المعطيات المضمنة وسلامة الوثائق وأمن وسرية التبادلات الالكترونية وغيرها. ومن أجل ضمان التبليغ الإلكتروني فرض مشروع القانون على أصحاب المهن القضائية من محامين ومفوضين قضائيين وخبراء إنشاء حسابات إلكترونية كما افترض توفر الإدارات العمومية على عناوين الكترونية في حين ترك لباقي الأطراف الحرية في الإدلاء بعناوينهم الإلكترونية. غير أن ما يلاحظ على الصياغة التشريعية المقترحة في البندين 5 و6 من الفصل 41 أن التبليغ بالطريقة الإلكترونية هي إمكانية متاحة للمحكمة إما تلقائيا أو بناء على أحد الأطراف بمعنى أنها ليست إلزامية. وهذا الخيار الممنوح للمحكمة قد يفرغ التبليغ الإلكتروني من محتواه، هذا من جهة أولى. ومن جهة ثانية فإن التراجع المخول للطرف الذي صرح برغبته في تبليغه الكترونيا في عنوانه الإلكتروني المختار بدوره سوف يفرغ هذا النوع من التبليغ من محتواه ويعيدنا إلى نقطة الصفر خاصة في ما يخص صعوبات تبليغه إذا لم تنازل دفاعه عن النيابة عنه في الإجراءات. ومن جهة ثالثة فإن قبول صور المستندات في الإجراءات دون إلزام الطرف المدلي بها بتقديم أصولها أو صور رسمية منها لضمها للملف الورقي إلا في حالة إنكارها من طرف الخصم يعتبر قاعدة موضوعية في الإثبات وتعديلا لمقتضيات الإثبات المنصوص عليها في ق ل ع وخاصة ما تضمنه الفصل 440 من هذا الأخير. كما يلاحظ أيضا أن إحالة مشروع القانون على نصوص تنظيمية لتحديد الكيفيات التقنية لعملية التبليغ الإلكتروني والحال أن المشروع منح لهذا التبليغ نفس الحجية الممنوحة للتبليغ التقليدي يعتبر مسألة فيها نظر. ذلك أن إحالة التشريع على نص تنظيمي في مسألة هي من صميم اختصاص التشريع - طالما أن الأمر هنا يتعلق بصحة التبليغ من الناحية القانونية - قد ينطوي على خرق دستوري في تمييز مجال التشريع عن مجال التنظيم. فضلا عما ذكر فإن المشروع لم يحدد جزاء قانونا على عدم إنشاء المحامي أو المفوض القضائي لحساب إلكتروني شخصي مهني من أجل ضمان عملية التبادل الإلكتروني. فما هو جزاء الامتناع هل يشكل الأمر مخالفة تأديبية فقط أم أنه يمكن إحداث هذا الحساب الالكتروني رغما عن المعني بالأمر. وقد أغفل المشروع الإشارة إلى إلغاء مسألة رفض التوصل عندما يتم التبليغ بالطريقة الإلكترونية لأنه لا يتصور رفض التوصل في إطار هذا التبليغ الافتراضي. ثالثا: الحصول على نسخ الأحكام بطريقة إلكترونية نص البند 9 من الفصل 41 من المشروع على أنه لا يحول استخدام الوسائط الإلكترونية دون حق الأطراف في الحصول ورقيا على النسخ العادية والتبليغية والتنفيذية للأوامر والأحكام والقرارات القضائية. هذا المقتضى صريح في تقرير ازدواجية الدعامة الإلكترونية والحامل الورقي في ما يتعلق بالأوامر والأحكام والقرارات القضائية وبذلك يتبين أن اعتماد الوسائط الإلكترونية لن يلغي التعامل بالوثائق الورقية علما أن المشرع لم يحفز أصحاب المصلحة في الركون إلى الدعامات الإلكترونية ولو من خلال التخفيض من الرسوم القضائية المؤداة من أجل الحصول على نسخ من المقررات المذكورة. وقد نص الفصل 53 من المشروع بأنه تسلم نسخة من الحكم بعد الإشهاد على مطابقتها للأصل لمن يطلبها من الأطراف بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرته أو أي محكمة مجهزة بنظام معلوماتي خاص، بمعنى أن نسخة الحكم المعدة إلكترونيا يمكن أن تستخرج من أية محكمة مزودة بنظام معلوماتي خاص شريطة الإشهاد على مطابقتها للأصل، علما بأن موظف كتابة الضبط في هذه الحالة يتوفر فقط على النسخة الإلكترونية ويستحيل عليه مراقبة مدى مطابقة النسخة الالكترونية لأصل الحكم وسجل الجلسة المحفوظ بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم. هذا المقتضى وإن كان قد خفف على أطراف الحكم أو من لهم مصلحة في الحصول على نسخة من الحكم باعتماد آلية القرب إلا أنه قد يحمل كاتب الضبط مسؤولية كبيرة في الإشهاد على مطابقة النسخة لأصلها والحال أن جميع الأصول الورقية توجد بمحكمة أخرى. ومن مستجدات اقتراح تعديل الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية المتضمن للبيانات الإلزامية في الأحكام القضائية التنصيص على أن الأحكام توقع يدويا أو إلكترونيا، حسب الحالات من طرف رئيس الهيئة والقاضي المقرر أو من القاضي المكلف بالقضية وكاتب الضبط. وفي هذا المقتضى خيار تشريعي آخر يقضي بأن الازدواجية بين التوقيع اليدوي على الحامل الورقية وبين التوقيع الإلكتروني هي اختيارية وليست إلزامية. وهو ما يطرح إشكالية مدى نجاعة الوسائط الإلكترونية إذا اختار القضاة تفعيل التوقيع على الحامل الورقي دون اعتماد التوقيع الإلكتروني طالما لا يوجد أي نص قانوني يلزمهم بذلك. وهي نفس الازدواجية المطروحة على مستوى توقيع محاضر الجلسات وسجلات الأحكام – انظر الفصل 339 مكرر والفصل 51 من المشروع-. لذا يبدو أن هذه الازدواجية ستظل قائمة وأنه ليس في نية المشرع الانتقال بصفة شمولية إلى النظام الإلكتروني في معالجة تدبير الإجراءات القضائية. رابعا: إيداع المقالات وأداء الرسوم القضائية بطريقة إلكترونية من مستجدات المشروع الجديد أنه أتاح للطرف المدعي إيداع المقال الافتتاحي لدى كتابة الضبط على حامل ورقي أو عبر النظام الإلكتروني المعد لهذه الغاية، وفق الكيفيات التقنية بمقتضى نص تنظيمي – الفصل 31 من المشروع – كما أتاح إمكانية الأداء الإلكتروني في جميع الأحوال التي تستوجب تأدية وجيبة قضائية أو إيداع مبلغ بما في ذلك المصاريف التي تتطلبها إجراءات تحقيق الدعوى – الفصل 528 من المشروع -. وهي إمكانية من شأنها تخفيف العبء على الأطراف ودفاعهم وتجسيد مبدأ القرب عمليا. غير أنه يلاحظ أن المشروع في نسخه للفصل 528 من القانون الحالي وتعويضه بفصل جديد لم يحل على أية مقتضيات تنظيمية لتفعيل تقنية الأداء الإلكتروني بخلاف ما فعله عند تنظيم الإيداع الإلكتروني للمقالات والتبليغ الإلكتروني من خلال تعديل الفصل 31 وإضافة البند 7 من الفصل 41. فكيف تتأكد المحكمة من أن الوصل الإلكتروني المدلى به يتعلق بالرسم القضائي أو الوجيبة القضائية المتعلقة بالملف المعروض أمامها أم أنه يتعين الإشهاد على الوصل المذكور من طرف وكيل الحسابات بنفس المحكمة؟ كانت هذه بعض الارتسامات العامة الأولية على مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية في شقه المتعلق بالمسطرة المدنية، وهو مشروع ولا شك يحتاج ابتداء من هذه اللحظة إلى العمل على تكوين وتأهيل الموارد البشرية، لجعلها قادرة على مواكبة نظام المحكمة الرقمية في حالة اعتماده رسميا تفاديا لكل خلل أو ارتباك في التنزيل على أرض الواقع.