استفاقت العاصمة المصرية ومعها مختلف محافظات الجمهورية، اليوم الخميس، على صدمة الأحداث التي تلت لقاء كرة القدم الذي جمع بين فريقي الاهلي والمصري البورسعيدي، مساء أمس بميدان هذا الأخير، والذي انتهى على غير كل مباريات كرة القدم بنتيجة مأوساوية هي مقتل 73 من المشجعين وجرح الآلاف. وأعادت هذه الأحداث بقوة الحديث عن الانفلات الأمني بالبلاد والذي زادت حدته بشكل مقلق خلال الأسبوع الماضي حيث تم السطو على العديد من المؤسسات المصرفية والمالية كما تم تسجيل حالات خطف للأشخاص والمطالبة بفدية لإطلاق سراحهم فيما أصبحت الاعتداءات بالاسلحة النارية حدثا مألوفا خاصة في القاهرة. وفي محاولة لامتصاص غضب الجماهير، بادر المجلس العسكري الذي يتولى تدبير شؤون البلاد، إلى إعلان حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام وقرر تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للوقوف على الأبعاد المختلفة للأحداث المؤسفة التي شهدتها المباراة، فيما أصدر وزير الخارجية قرارا بتنكيس الأعلام المصرية فى جميع سفارات وقنصليات مصر في مختلف أرجاء العالم. من جهته، سارع وزير الداخلية، اللواء محمد ابراهيم، إلى إعفاء مدير أمن بورسعيد واستدعائه على عجل الى مقر الوزارة بعد أن طالب عدد من نواب مجلس الشعب بإقالة وزير الداخلية وتحميله المسؤولية في هذه الاحداث بسبب ما وصفوه امتناع قوات الأمن عن التعامل مع المتظاهرين وتوخيها حيادا أفضى الى ما آلت اليه الأمور من مأساة. وفيما خرج الآلاف من أنصار نادي الاهلي في مظاهرات حاشدة بالقاهرة وأعلنوا توجههم إلى مقر وزارة الداخلية، طالبت أحزاب وقوى سياسية ومرشحون محتملون لرئاسة الجمهورية ونواب وممثلون لائتلافات شباب الثورة مجلس الشعب الذي يعقد جلسة طارئة في هذه الأثناء بسحب الثقة من حكومة كمال الجنزوري وتشكيل حكومة من رحم ثورة 25 يناير. وشددت هذه القوى والائتلافات والتيارات السياسية على ضرورة "محاكمة كل من شارك في ارتكاب مجزرة بورسعيد وغيرها وتحميل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن كل ما يحدث بصفته المسؤول عن إدارة شؤون البلاد في المرحلة الحالية". وأكدت في بيان مشترك أن مجلس الشعب المنتخب "مدعو لأن يتحمل مسؤوليته كممثل للأمة في هذه المرحلة الحاسمة والخطيرة في تاريخ مصر وأن يقوم بسحب الثقة من الحكومة الحالية وتشكيل أول حكومة من رحم ثورة 25 يناير وبإرادة شعبية يمثلها البرلمان المنتخب ويحقق الأمن لأبناء الوطن". من جهتها، حذرت جماعة الإخوان المسلمين المسؤولين مما وصفته بمحاولات تدمير مصر أو حرقها أو هدم مؤسساتها وطالبتهم بتطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو مراعاة لضغوط داخلية أو خارجية. وأكدت الجماعة في بيان نشرته على موقعها على شبكة الانترنيت أن ما حصل كان "نتيجة عدوان آثم تم التدبير له من طرف جهات خفية"، معتبرة أن "تقاعس السلطة عن حماية المواطنين وإهمالها وتقصيرها في أداء واجبها نتج عنه حالة من الانفلات الامني في جميع أنحاء البلاد أفرزت حالات سطو مسلح على البنوك واستسهال القتل لأتفه الأسباب" . وأبرزت الجماعة أن كل هذه الأحداث تدفع للاعتقاد بأن "الشرطة تقوم بمعاقبة الشعب على قيامه بالثورة وحرمانها من الطغيان على الناس وتقليص امتيازات ضباطها". أما المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، فدعا للبدء فورا في إعادة هيكلة أجهزة الأمن، واعتبر التأخر عن ذلك "جريمة في حق الوطن". واستنكر البرادعي الذي خرج من السباق نحو الرئاسة في مصر بسبب ما وصفه "فقدان الربان الذي تولى قيادة مصر للبوصلة وتخبطه بين الامواج" في إشارة إلى المجلس العسكري، ما وقع من أحداث في بورسعيد والموقف الرسمي إزاءها، مطالبا بتحري الشجاعة والمصداقية في مخاطبة الشعب. وامتدت تداعيات هذه الأحداث إلى البورصة المصرية التي فقدت في مستهل معاملاتها، صباح اليوم، أزيد من 10 مليار جنيه (نحو مليار و 660 مليون دولار) من رأسمالها السوقي في أول خمس دقائق من بدء جلسة التداول، فيما تراجع مؤشر البورصة الرئيسي (ايجا إكس) بنسبة 6ر4 بالمائة. أما على صعيد ردود فعل الهيآت الرياضية العالمية، فعبر جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، عن صدمته إزاء أحداث العنف التي أعقبت مباراة المصري والاهلي، مبرزا في بيان مقتضب نشر على الموقع الرسمي للفيفا أنه شعر بالحزن والصدمة عندما علم بوفاة وإصابة العديد من مشجعي كرة القدم بعد المباراة. ووصف بلاتر ما وقع بأنه يوم أسود لكرة القدم، وتابع "لا يمكنني تخيل هذا الوضع الكارثي الذي كان يجب ألا يحدث". وعبر رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم، عيسى حياتو، من جانبه عن الصدمة والدهشة حيال هذه الاحداث التي لم تشهد الملاعب الافريقية ولا العالمية نظيرا لها على الاطلاق. وأعلن حياتو، حسب موقع الاتحاد على شبكة الانترنيت، أنه سيتم وقوف دقيقة صمت تكريما لذكرى ضحايا مجزرة بورسعيد قبل انطلاق كل اللقاءات المقبلة في بطولة أمم أفريقيا التي تقام بغينيا الاستوائية والغابون. وفيما أعلنت العديد من الفرق الرياضية المصرية انسحابها رسميا من الدوري، أكدت صحف مصرية أن مدرب نادي الأهلي قرر فسخ عقده مع ادارة النادي عقب تلك الاحداث المؤسفة، ومغادرة مصر رفقة الطاقم التقني الذي يساعده في وقت لاحق اليوم.