يعيش الأشخاص ذوي إعاقة التوحد في المغرب رفقة أسرهم عزلةً مُضاعفةً بسبب توقف حصص المواكبة والتعلم خلال حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة المفروضة في المملكة منذ العشرين من مارس المنصرم. ويحتاج الشخص الذي يعاني من التوحد رعاية خاصة ومتخصصة لمواكبته على التعلم حسب درجة الإعاقة، وتلجأ غالبية الأسر إلى عدد من الجمعيات للاستفادة من هذه الخدمات. لكن خلال فترة الحجر الصحي، بات إلزاماً على الكل أن يلزم بيته لتفادي تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو ما يضع الأسر أمام تحدي الاستجابة لمتطلبات أطفالها الذين يعانون التوحد. وبحسب سمية العمراني، رئيسة تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد، فإنه لا توجد أرقام رسمية بخصوص الأشخاص الذين يعانون من إعاقة التوحد بسبب عدم تعميم التشخيص، ولكون آلياته غير موحدة. وذكرت العمراني، في حديث لهسبريس، أنه لا يتم تجميع البيانات وترصيدها من طرف السلطات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الصحة التي يجب أن تقوم بذلك من خلال تشخيص الطبيب النفسي. لكن باعتماد النسبة الدولية المقدرة ب1 في المائة، فإن الأشخاص ذوي التوحد في المغرب يتراوح عددهم ما بين 300 ألف و400 ألف شخص، حسب إيضاحات الفاعلة الجمعوية ذاتها. وأشارت العمراني أن الحجر الصحي له تأثير على هذه الفئة، موردةً أن "هذا الأمر كان مفاجئاً، وبالتالي لم يجر الإعداد له. في المقابل، تعمل بعض الجمعيات على ضمان التتبع عن بُعد مع الأطفال من باب التضامن، لأن أغلبها لم يتوصل بالشطر الأخير من المنحة الخاصة بسنة 2019". وذكرت المتحدثة أنه كان مطلوباً من المغرب سنة 2017 أن يُعد خطة وطنية لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة في حالة الطوارئ والكوارث الطبيعية، لكن لم يتم أي شيء من ذلك إلى حد الساعة. وزادت العمراني أن "الأشخاص ذوي التوحد يعانون حاليا من عزلة مضاعفة، لأن التوحد أصلاً فيه عزلة وإقصاء، والشهادات التي نتوصل بها من الأسر تدمي القلب، لأن أطفالها لا يستوعبون لماذا لا يمكنهم الخروج من البيت ولا يتوفرون على آليات ومراجع للتعلم والإيضاح". جدير بالذكر أن وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة أنهت قبل أيام إلى علم الأسر المعنية بإعاقة التوحد أنها وضعت رهن إشارتها بمندوبيات التعاون الوطني خلايا للتواصل والاستماع والتوجيه والإرشاد، تضم أطراً لها تكوين في أساليب التربية والتأهيل الخاصة بالأشخاص ذوي التوحد المؤهلين. ومطلوب من هذه الخلايا، حسب الوزارة، تقديم إرشادات وتوجيهات للآباء والأمهات، ومدهم بتدابير وإجراءات تربوية وسلوكية يمكن إنجازها لفائدة أبنائهم وبناتهم داخل المنازل، وتقديم الإرشادات الوقائية من فيروس كورونا وفق الممارسات الدولية المعتمدة في المجال لفائدة الأشخاص ذوي التوحد.