بعد موجة الغضب التي أعقبت ارتفاع أسعار عدد من المواد الغذائية، خاصة القطاني، مباشرة بعد الشروع في تنفيذ القرارات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا، عمد أصحاب متاجر المواد الغذائية إلى تعليق قوائم الأسعار، تحت ضغط السلطة، لكنّ الأسعار مازالت مرتفعة مقارنة مع ما كانت عليه قبل تطبيق حالة الطوارئ الصحية. وإذا كان التجار الصغار ينأوْن بأنفسهم عن الارتفاع الصاروخي لأسعار القطاني، فإن أصابع الاتهام توجه إلى تجار الجملة، الذين يرى البعض أنهم استغلوا الظرفية الراهنة التي اتسمت بارتفاع كبير للطلب لمضاعفة أرباحهم على حساب المستهلكين، خاصة في القطاني، التي كثر عليها الإقبال. لا يتردد إبراهيم، صاحب متجر لبيع المواد الغذائية بمدينة تطوان، في اتهام تجار الجملة برفع أسعار القطاني بشكل غير مبرر، وقال في تصريح لهسبريس إن الزيادات وصلت إلى ما بين ثلاثة وأربعة دراهم للكيلوغرام الواحد، أي حوالي مائة درهم في الكيس الواحد من وزن 25 كيلوغراما. وحسب إبراهيم فإن تجار الجملة لم يقتنوا القطاني من السوق مباشرة، ليدّعوا أن سعرها مرتفع من المنبع، بل إن لديهم مخزونا قديما، استغلوا الفرصة لبيعه بأسعار مرتفعة جدا، مضيفا: "لخزاينية كان عندهم الخزين من القطاني مضروب حتى للسقف..الگراجات كانت عامرة بالقطاني وزادو فالثمن". في المقابل يقول تجار الجملة إن سبب غلاء القطاني هو أنها نفدت من السوق بسبب الإقبال الكبير عليها، وأنهم يقتنونها من "الرحبة" بسعر مرتفع. الطاهر أبو الفرح، رئيس جمعية النهضة لتجار القرب (تجار الجملة ونصف الجملة) بالدار البيضاء، قال إن أسعار المواد الغذائية عموما مستقرة، باستثناء أسعار القطاني، التي شهدت ارتفاعا عزاه إلى الطلب الكبير عليها من طرف المستهلكين. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن "السوق هو الذي يحدد الأسعار"، مشيرا إلى أن سرعة تداول المعلومة على مواقع التواصل الاجتماعي تساهم بدورها في تحريك السوق، "فيكفي أن يتم نشر خبر حول احتمال الإقبال على القطاني حتى يرتفع ثمنها في الرحبة التي هي القاعدة (La base) بسرعة"، على حد تعبيره. عامل آخر اعتبر الطاهر أبو الفتوح أنه يساهم في ارتفاع أسعار القطاني في المغرب، وهو قلة الشركات المستوردة لهذه المواد وكذلك الحبوب، ما يجعل الوفرة في السوق رهينة بقدرة هذه الشركات على الاستيراد. وفيما مازالت أسعار القطاني مرتفعة، مقارنة مع ما قبل فرض حالة الطوارئ الصحية، قال عبد الله بويه، نائب كاتب فرع تابريكت للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، إن ارتفاع أسعار القطاني خلال الآونة الأخيرة نجم عن تضافر مجموعة من الأسباب، في مقدمتها إقبال المواطنين على اقتنائها بشكل كبير منذ اتخاذ قرار تعليق الدراسة يوم 13 مارس الجاري. وأوضح بويه، في تصريح لهسبريس، أن هذا الإقبال أدى إلى اختلال ميزان العرض والطلب، استغله المزودون من تجار الرحبة وتجار الجملة الذين يزودون تجار البيع بالتقسيط للرفع من سعر البيع بشكل قياسي في ظرف قصير، مبرزا أن الارتفاع طال في الأول سعر مادة الحمص، ثم الفاصوليا لاحقا.