بعد الانتقادات الكثيرة التي طالت الحكومة، بسبب عدم رقمنة العرائض التي تقدمها جمعيات المجتمع المدني، أعلن مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أن الحكومة سترقمن العرائض، من خلال تسهيل تقديمها عبر بوابة إلكترونية. وقال الرميد، في افتتاح اليوم الوطني للمجتمع المدني، مساء الجمعة بالرباط، إنه توصل قبل يومين بجواب من رئيس الحكومة، بشأن الإذن لوزارة الدولة باعتماد التواصل الإلكتروني في تقديم العرائض الموجهة إلى الحكومة، بعدما كان يُشترط أن تكون ورقية. وطفا مطلب تقديم العرائض بشكل إلكتروني على السطح قبل أسابيع، بعد تقديم عشرات الآلاف من التوقيعات الورقية المتعلقة بإحداث صندوق لعلاج مرضى السرطان إلى رئاسة الحكومة، حيث اعتبرت أصوات كثيرة من المجتمع المدني أن رقمنة قناة تقديم العرائض أصبحت أمرا ملحّا، خاصة في ظل سعي الحكومة إلى رقمنة المعاملات الإدارية. من جهة ثانية، قال الرميد إن تخليد اليوم الوطني للمجتمع المدني، الذي يخلد تنفيذا لتوجيهات الملك الذي دعا إلى تخليد هذا اليوم سنة 2014، هو مناسبة لتأكيد المكانة المتميزة التي يحظى بها المجتمع المدني، والتي كرسها الدستور. وأضاف وزير الدولة أن الوزارة عازمة على المضي في تعزيز الجهود المبذولة لتطوير السياسيات العمومية المتعلقة بتمكين المجتمع المدني من القيام بأدواره المجتمعية المطلوبة، وتوفير شروط وإمكانيات قيامه بالعمل المدني غير الربحي، والمساهمة في مختلف مجالات التنمية والدبلوماسية الموازية، والدفاع عن القضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية. وأشار الرميد إلى أن وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني حرصت، خلال السنة المنصرمة، على إكمال الأوراش التي بدأتها في مجال تطوير عمل المجتمع المدني. ومن الأوراش التي قال الرميد إنه تم إنجازها برنامج تعزيز قدرات الجمعيات في مجال الديمقراطية التشاركية، والولوج إلى خدمات السمعي البصري، وتكوين الفاعلين في مجال الترافع للدفاع عن الوحدة الترابية، وتطوير بوابة الشراكة بين الوزارة والجمعيات للولوج إلى التمويل العمومي بشفافية. من جهته، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إن تخليد اليوم الوطني للمجتمع المدني هو اعتراف بما قامت وتقوم به الجمعيات والهيئات المدنية من أدوار طلائعية في بناء المجتمع، منذ فترة الاستعمار وبعد الاستقلال، حيث لعبت أدوارا طلائعية في مختلف المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. وأشار رئيس الحكومة إلى أن التطور الكمي لجمعيات المجتمع المدني شهد تطورا لافتا خلال السنوات الست الأخيرة، حيث انتقل عدد الجمعيات من 116 ألف جمعية سنة 2014 إلى ما يناهز 209 آلاف جمعية حاليا، معتبرا أن المجتمع المدني "قام بأدوار طليعية في عدد من الملفات، ودافع عن أهداف كثيرة نبيلة". وشدد العثماني على أهمية الشراكة بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني، باعتبار أن الشراكة بين الطرفين تعد رافعة أساسية لتحقيق الأهداف المتوخاة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية ومحاربة الأمية وتطوير المدرسة والمنظومة الصحية، في إطار تكامل وظيفي يروم تحقيق المصلحة العامة. بدوره، نوّه الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، بالأدوار الحاسمة التي لعبها المجتمع المدني في التاريخ الحديث والمعاصر للمغرب، حيث كان مشتلا لتخريج وتكوين الوطنيين وسندا للحركة الوطنية وحاضنا للفكر الوطني التحرري. وفي فجر الاستقلال، يضيف رئيس مجلس النواب، لعب المجتمع المدني المغربي دورا مركزيا لترسيخ الفكر الوطني، وبناء الشخصية المغربية، وإنهاء التبعية للقوى الاستعمارية. وأضاف أن المجتمع المدني ساهم، على مدى عشرات السنين، في إثراء الحقل الثقافي وترصيد الفعل والإنتاج الثقافي وتداوله، والمساهمة في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، وكان مساهما في ترسيخ البناء الديمقراطي والمؤسساتي. وتابع أن الجهود التي بذلها المجتمع المدني توجت بالمكانة التي بوّأه دستور 2011، إذ كرسه طرفا مساهما في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة ولدى السلطات، وفق الاختصاصات المحددة له في الفصل الثاني عشر من دستور المملكة. وأبرز المتحدث ذاته أن التجربة المتميزة التي راكمها المجتمع المدني المغربي، والمكانة التي بوّأها إياه الدستور، تجعل الآفاق أرحب لمساهمته في الشأن العام وإضفاء مزيد من الحكامة على تدبيره، وجعل التشريعات والقوانين مستجيبة لطموحات المواطنين. رئيس مجلس النواب نبّه إلى أن الديمقراطية التشاركية لا يمكن أن تعوض الديمقراطية التمثيلية، مشددا على "أنه لا بد من احترام الحدود بين السياسي والمدني، ولا أعتقد أن الفاعل المدني يريد أن يقوم مقام الأحزاب السياسية؛ لأن قوة المجتمع المدني تكمن في استقلاله الذاتي عن باقي التنظيمات".