تتجه حكومة سعد الدين العثماني إلى سحب مشروع القانون الجنائي من ثلاجة مجلس النواب، بعد أسابيع من وضع التعديلات على الجزء الذي قدمته الحكومة منذ سنة 2016. وعاشت الأغلبية البرلمانية على وقع خلافات كبيرة بين مكوناتها في ما يتعلق بمادة الإثراء غير المشروع، الأمر الذي أدى إلى تقديم تعديلات غير متوافق عليها، وهو ما أدخل المشروع في حالة "بلوكاج". وحسب مصدر حكومي تحدث لهسبريس، فإن التوجه العام لدى الحكومة هو سحب مشروع القانون من مجلس النواب وفقا لما ينص عليه نظامه الداخلي، رابطا ذلك برفض وزير العدل، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الدفاع على مشروع لم يناقش داخل الحكومة وجرى إعداده لما كان حزبه في المعارضة وكان يعبر عن رفضه له. ويمنح النظام الداخلي لمجلس النواب الحكومة إمكانية سحب مشروع القانون؛ إذ ينص على أن "للحكومة أن تسحب أي مشروع قانون في أي مرحلة من مراحل المسطرة قبل تمام الموافقة عليه من قبل مجلس النواب". وأوضح مصدر هسبريس أن "السحب جاء لبحث سبل التوافق بين مكونات الأغلبية، خصوصا أن المشروع خلق شرخا كبيرا بين الحلفاء، وذلك عن طريق الاتهامات المضادة بمناصرة الفساد والدفاع عن المصالح الشخصية". من جهة ثانية، أعلن فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب تمسكه بسحب تعديلات الأغلبية على مشروع القانون، وتشبثه بالصيغة التي جاءت بها الحكومة. ورفض الفريق النيابي لرئيس الحكومة في هذا الصدد تحميله مسؤولية أي ارتباك أو تأخير في المصادقة على المشروع، وأعرب عن تشبثه بسحب أي تعديل طال المادة الخاصة ب"الإثراء غير المشروع"، معلنا أنه يتمسك بالصيغة التي جاءت بها الحكومة في المشروع الأصلي، مع التزامه بالتنسيق الجاد مع فرق الأغلبية بشأن بقية التعديلات. وكان وزير العدل، محمد بنعبد القادر، قد أشار إلى أن الحكومة الحالية لم يسبق لها أن ناقشت موضوع مشروع القانون الجنائي، وبالتالي لا يمكن له أن يذهب باسمها إلى لجنة العدل والتشريع ويقبل التعديلات أو يرفضها.