يبدو أن لا حل يلوح في الأفق لمشروع القانون الجنائي "المحتجز لدى البرلمان"؛ إذ في الوقت الذي يرفض وزير العدل ربط ذلك بالخلاف حول مادة معينة من مواد المشروع، اختزل سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة، "البلوكاج" في مادة الإثراء غير المشروع. واستغرب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية "عرقلة مشروع القانون الجنائي في مجلس النواب لمدة أربع سنوات"، مشيرا إلى أن "تأخير المصادقة عليه مرتبط أساساً بمادة تجرم وتعاقب على الإثراء غير مشروع". واتهم العثماني في كلمة له أمام أعضاء اللجنة المركزية لشبيبة حزبه، ليلة السبت الأحد، جهات سياسية في البرلمان وأحزاب الأغلبية بالوقوف وراء عدم إخراج مشروع القانون الجنائي. وتمسك العثماني بمضامين المادة المجرمة للإثراء غير المشروع كما أعدها المصطفى الرميد عندما كان وزيرا للعدل والحريات، وقال: "موقفنا واضح، نحن مع المادة كما أتت بها الحكومة من تجريم وعقوبة على الإثراء غير مشروع". وكان حزب العدالة والتنمية سحب التعديل رقم 31 الذي كان قد اقترحه بمعية باقي فرق الأغلبية بشأن النقطة المتعلقة بالإثراء غير مشروع، وأكد فريقه بالغرفة الأولى أنه يتمسك بجميع التعديلات المقدمة بمعية فرق الأغلبية باستثناء الفرع 4 مكرر المتعلق ب"الإثراء غير المشروع" بشأن مشروع قانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي. في مقابل ذلك، قال وزير العدل إن الترويج بأن تأخر أو تعثر مشروع قانون تعديلي يهم حوالي 80 مادة راجع إلى الإثراء غير المشروع، يعدُّ "ضغطا وتشويشا على النقاش وتنميطا للتعبير عن وجهة النظر". وأوضح الوزير محمد بنعبد القادر، في تصريحات سابقة، أن المواد المشمولة بالتعديلات في هذا المشروع ليس ضمنها ما يتعلق بالحريات الفردية، وقال: "من حق كل الفرق والنواب والفاعلين الإدلاء برأيهم في كل المقتضيات من أجل تجويدها وإسنادها إلى الأحكام الدستورية والاجتهادات الممكنة، ولا يمكن اعتبار كل من يريد تحديد سقف معين أو يناقش القانون هو ضد أو مع الفساد، فهذا النوع من التصنيفات لا يليق بالعمل المؤسساتي المسؤول والهادف". ودافع وزير العدل على ضرورة أن تحاط الحكومة المكونة من عدة أحزاب سياسية علما بمشروع القانون الجنائي الذي لم يسبق أن اطلعت عليه، مشددا على أنه "لا يمكن أن أتفاعل مع هذا المشروع دون أن يكون هناك موقف منسجم ومتوافق بشأنه داخل الأغلبية الحكومية والمجلس الحكومي". وزير العدل رفض ترويج وجود "بلوكاج" في مشروع القانون الجنائي بسبب النقطة المتعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع، معتبرا ذلك بمثابة "نقاش مفتعل" لتقسيم المجتمع بين مدافع عن الفساد ومعارض له، بينما "الجميع بدون استثناء منخرط في قضية محاربة الفساد". من جهة ثانية، أكد العثماني، في كلمته أمام شباب حزبه، أن السنوات الأخيرة عرفت إحالة عشرات المسؤولين إلى السجن بسبب الفساد، وقال: "عدد كبير من مسؤولين جرى تعيينهم ضمن المجالس الحكومية تمت إحالتهم على التحقيق أو المحاكمة، وكثيرون منهم صدرت في حقهم أحكام بالسجن".