بعد تأكيد وزير العدل أنه لا يمكنه أن يصادق على مشروع القانون الجنائي دون اطلاع الحكومة على مكوناته ومناقشته، كشفت مصادر قيادية من حزب العدالة والتنمية معارضتها سحب النص من لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب وإعادته إلى طاولة المفاوضات من جديد. وكان محمد بنعبد القادر أوضح أن الحكومة الحالية لم يسبق لها أن ناقشت موضوع مشروع القانون الجنائي، وبالتالي "لا يمكن لوزير العدل أن يذهب باسمها إلى لجنة العدل والتشريع ويقبل التعديلات أو يرفضها". وفي انتظار عقد زعماء الأغلبية اجتماعا ثانيا لبحث تداعيات "بلوكاج" مشروع القانون الجنائي، يرى حزب العدالة والتنمية أنه "لا جدوى من سحب المشروع من الغرفة الأولى وإعادته إلى نقطة الصفر". وأوضح مصدر قيادي من "البيجيدي" أن سبب الخلاف حول مشروع القانون الجنائي هو تجريم الإثراء غير المشروع وليس مضامين أخرى، مشيرا إلى أن "الحكومة الحالية صادقت على عشرات مشاريع القوانين التي تركتها الحكومة السابقة دون أن يطرح أي إشكال بشأن عدم إطلاعها عليها". لكن وزير العدل يرى أن الحكومة الحالية من حقها أن تُحاط علماً بمشروع القانون الجنائي، الذي أعده المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الأسبق، من أجل وضع بصمتها عليه، خصوصا أنه أعد في سياق سياسي مختلف عن اليوم. ويرفض فريق حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب التعديلات التي جرى تقديمها من قبل الأغلبية بخصوص "الإثراء غير المشروع"، متشبثا بتعديله الاستدراكي الذي جاء بعد تمسك وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان بمشروع القانون كما أعده هو عندما كان وزيرا للعدل والحريات. رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، برر "بلوكاج" مشروع القانون الجنائي بطبيعته، إذ "يكتسي طابعا مجتمعيا ويتطلب وقتا كافيا للتوافق بشأنه"، مضيفا أن "مثل هذه القوانين تقتضي التوافق، ولو أدى ذلك إلى تدبير العامل الزمني بكيفية متأنية". وأوضح المالكي، في ندوة صحافية عقدها بمناسبة اختتام دورة أكتوبر، أن "تماسك المجتمع المغربي مرتبط بالقوانين التي تكون في خدمة تطوره، وإلا ستكون هناك قطيعة بين متطلباته ومهمة التشريع على مستوى مجلس النواب". ودعا المالكي إلى التوافق بشأن مشروع القانون الجنائي مثل ما وقع في مشاريع قوانين أخرى من قبيل القانون الإطار للتعليم، مردفا بأن مجلس النواب "لا يشرع من أجل التشريع وفقط، بل يشرع من أجل تحديث وتطوير المجتمع".