أكد وزير العدل، محمد بنعبدالقادر، ما سبق أن نشرته “أخبار اليوم” من وجود “بلوكاج” جديد وسط الأغلبية الحكومية، بشأن مشروع القانون الجنائي الذي أُحيل على مجلس النواب نحو أربع سنوات. فرغم وصول المشروع إلى مرحلة إيداع التعديلات في لجنة العدل والتشريع في 10 يناير الماضي، بعد مناقشته لأشهر، إلا أنه لحد الآن، لم يحضر وزير العدل للجنة للنظر في هذه التعديلات والمصادقة على المشروع. بل إن وزير العدل قال، أول أمس، في مجلس المستشارين إن “الحكومة الحالية” لم يسبق لها أن ناقشت موضوع مشروع القانون الجنائي، وبالتالي، “لا يمكن لوزير العدل أن يذهب باسمها إلى لجنة العدل والتشريع ويقبل التعديلات أو يرفضها”. وأضاف، ردا على سؤال حول “أسباب تأخر إخراج مشروع القانون الجنائي”، تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين الثلاثاء 11 فبراير، أنه كوزير العدل لم يتوصل بدعوة للحضور إلى لجنة العدل والتشريع، وكرر قوله إن الحكومة الحالية لم يسبق لها “نهائيا” أن ناقشت المشروع، معتبرا أن من حق الحكومة الحالية “أن تعرف محتوياته لتتخذ القرار المناسب لاستكمال مسطرة التشريع”. فما هي خلفيات هذا “البلوكاج” الجديد؟ ولماذا يتحفظ وزير العدل على المصادقة عليه؟ حسب مصدر بلجنة العدل والتشريع، فإن رئيس اللجنة، من البام، أبلغ الأعضاء أنه اتصل بوزير العدل ليطلب منه الحضور، للنظر في التعديلات، لكن لن يجري برمجة أي اجتماع، مشيرا إلى أن الخلافات بشأن تجريم الإثراء غير المشروع لازالت قائمة، خاصة من جانب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي، اللذين يرفضان هذا التجريم بالصيغة التي وردت في مشروع القانون الجنائي، خاصة أن فريق البيجيدي تقدم بتعديل استدراكي يحافظ على النص المتعلق بالإثراء غير المشروع، مع إضافة ثروة الزوجة لمراقبة الإثراء، إضافة إلى زوجها وأبنائه القاصرين. في خلفية هذا “البلوكاج” إذن، هناك أمران: الأول هو أن فريق التجمع الدستوري يرفض التعديل الاستدراكي للبيجيدي ومعه الفريق الحركي. أما الأمر الثاني، فيتعلق بالاتحاد الاشتراكي، الذي شارك فريقه البرلماني في مناقشة المشروع في مجلس النواب، لكن وزيره في العدل محمد بنعبدالقادر طالب بإعادة النقاش حول المشروع في مجلس الحكومة. فحزب لشكر كان يعارض مشروع القانون الجنائي، عندما كان في المعارضة عند إحالته من طرف حكومة بنكيران في 2016، ويجد نفسه، وهو اليوم في الأغلبية، في وضع حرج. فكيف يدافع وزيره في العدل عن مشروع كان يعارضه سابقا، ولم يسبق أن ناقشه مع البرلمانيين في لجنة العدل؟ فهل يكون ما أشار إليه بنعبدالقادر بمثابة مؤشر على إمكانية سحب الوزير للمشروع من البرلمان، علما أنه كان بإمكانه سحبه بعد تعيينه وزيرا للعدل قبل أشهر. وبسبب هذه الخلافات جرى الاتفاق على عقد اجتماع لزعماء الأغلبية الحكومية، للنظر فيها، لكن الاجتماع الذي عقد قبل أسبوعين برئاسة سعد الدين العثماني، لم يتوصل إلى أي نتيجة، خاصة بعدما طالب إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، بضرورة حضور وزير العدل، بنعبدالقادر، للاجتماع لإبداء رأيه، ومذ ذلك اللقاء، الذي فشل في التوصل لحل، دخل مشروع القانون الجنائي إلى نفق جديد. من جهتها، أكدت بثنية قروري، عضو لجنة العدل والتشريع، ل”أخبار اليوم” أن خلافات لازالت قائمة وسط الأغلبية، ولم يجري بعد برمجة اجتماع مع وزير العدل للنظر في التعديلات، مؤكدة أن فريق البيجيدي رفض التعديلات التي قدمها حلفاؤه حول “الإثراء غير المشروع”، وأنه يتمسك بتعديله الاستدراكي على جريمة الإثراء غير المشروع. وشددت قروري على أنه لا توجد خلافات جوهرية حول قضايا الحريات الفردية أو الإجهاض، وأن المشكل الوحيد هو “تجريم الإثراء غير المشروع”.