يختتم مجلس النواب دورته الخريفية، بعد غد الثلاثاء، دون الحسم في مشروع القانون الجنائي، الذي يوجد في حالة "بلوكاج" بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، على الرغم من وضع مكونات المجلس تعديلاتها عليه. ولم يتمكن زعماء الأغلبية، في اجتماع سابق، من إيجاد مخرج لأزمة مشروع القانون الجنائي، مكتفين بتبليغ رئيس الحكومة احتجاجهم على ما يعتبرونه تدخلا للمصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، في مشروع القانون. ويرتقب أن يعقد زعماء الأغلبية، في غضون الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، اجتماعا ثانيا بحضور محمد بنعبد القادر، وزير العدل، للاستماع إلى وجهة نظره بشأن الجدل القائم حول مشروع القانون الجنائي. مصادر وزارية قطعت الشك باليقين بخصوص مشروع القانون الجنائي، وقالت إن لا خيار للحكومة سوى سحب المشروع وإعادته إلى طاولة المجلس الحكومي ووزارة العدل أو "البلوكاج" النهائي، وبالتالي عدم مصادقة الحكومة الحالية عليه. وأوضحت المصادر ذاتها، في تصريح لهسبريس، إنه "من غير المعقول أن تبتّ الحكومة، في شخص وزير العدل، في مشروع القانون الجنائي وهي لم تسبق أن ناقشته في اجتماعاتها أو حددت أولويات السياسية الجنائية لبلادنا اليوم". ويشرح مصدر حكومي أن "هذا النص أعدته الحكومة السابقة بينما وزير العدل الحالي لم يسبق أن اطلع عليه.. إذن، لا يمكن حسمه بسهولة، خصوصا أن النص يتعلق بخيارات عقيدة جنائية تختارها الشعوب والمجتمعات". وتورد المصادر ذاتها أن المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الأسبق المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، وهو صاحب مشروع القانون الجنائي، "انتقى من القانون الجنائي الذي يضم 600 مادة 83 مادة فقط. وهنا، يجب علينا أن نتساءل: ما هي معايير اختيار هذه المواد؟، والأكيد أن انتقاءها تم حسب أولويات الوزير وقتها". وترى أطراف حكومية أن "الفترة التي أُعد فيها مشروع القانون الجنائي (2013) تختلف عن المرحلة الحالية التي لها متطلبات أخرى، تتعلق بالمرجعيات السياسية وأولويات الحكومة الحالية التي من حقها وضع بصمتها عليه؛ وهو ما يتيح القانون من خلال مسطرة في العمل الحكومي تخول تحيين التوقيع والمراجعة في حالة مغادرة وزير للحكومة أو تركه مشاريع قوانين ومراسيم لم يحسم فيها بعدُ". وتُشير المصادر ذاتها إلى أن محمد بنعبد القادر، وزير العدل، سبق أن قدم عرضا أمام المجلس الحكومي بشأن المداخل العامة للسياسة الجنائية؛ "لكن هذا العرض لا علاقة له بمشروع القانون الجنائي، وبالتالي على الحكومة أن تحدد أولوياتها انطلاقا من دستور المملكة والاتفاقيات الدولية والنقاشات الجارية اليوم في المجتمع المغربي". وخلص المصدر الحكومي، في تصريح لهسبريس، إلى أن الحكومة الحالية أو وزير العدل "لم يعبرا بعدُ عن موقفهما من هذا المشروع، لا بالقبول ولا بالرفض، ونحن نريد فقط منهجية تشريع واضحة حتى نتمكن من الحسم فيه بعد عودته إلى طاولة الحكومة وهو أمر بيد الأخيرة". في مقابل هذا التوجه، يرفض حزب العدالة والتنمية التفاوض أو إعادة مشروع القانون الجنائي إلى نقطة البداية، إذ أبلغت قيادة "البيجيدي" رسميا فريقها بالبرلمان رفضها للتعديلات التي جاءت بها الأغلبية، معلنة أنها تتشبث بما جاء في مشروع الحكومة ورفضها لأي تراجع حول المقتضيات التي تضمنها مشروع القانون الجنائي. مصدر من داخل فريق الحزب الحاكم قال، في تصريح سابق لهسبريس، إن مصطفى الإبراهيمي، رئيس الفريق بمجلس النواب، اجتمع مع كل من سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب "المصباح" رئيس الحكومة، ومصطفى الرميد، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مشيرا إلى "أن التعليمات التي أعطيت للإبراهيمي تقول بعدم التفاوض حول أي تعديل خارج ما جاءت به الحكومة".