بينما يعيشُ مغاربة على أعصابهم بعد تسجيل أوّل إصابة مؤكّدة بفيروس "كورونا" بالمملكة، اختارَ آخرون أن يواجهوا هذا المستجدّ بكثير من الاستهزاء والهزل؛ إذ تعجُّ مواقع التّواصل الاجتماعي بتعاليق ساخرة من الوباء "القاتل"، في المقابل تحذر السّلطات من السّقوط في الشائعات المغرضة. وعلى نقيض البلدان التي وصلها "كورونا"، انبرت صفحات مغربية على "فيسبوك" إلى نشر مقاطع "فيديو" غنائية من تأدية أطفال صغار تعالج موضوع الفيروس بشكل ساخر، وتحاول خلق الرعب وسط المغاربة، وهو ما تفاعلت معه التعليقات بشكل عكسي، ولم يتم التردد في تقاسمها على نطاق واسع جدا. ويرى علي الشعباني، أستاذ جامعي متخصّص في علم الاجتماع، أنّ "هذه الظّاهرة أفرزت ثلاث فئات أو طوائف؛ الفئة الأولى تتعاملُ مع الفيروس الظّاهرة باللامبالاة أو بالارتكان إلى الاعتقاد الدّيني الذي ينزوي إلى الحكمِ بقضاء الله، وإلى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)"، مشيراً إلى أنّ "هؤلاء يتسلّحون بالإيمان وبالدعاء إلى اللّه أن يحفظهم من الآفات والأوبئة". وأبرز الشعباني أنّ "هذه الفئة من المغاربة تؤمن بأنّ كل هذه المشاكل والظّواهر لها سبب، وهي ابتلاء من عند الله"، مشدّداً على أنّ "هذه الفئة تنظرُ إلى كورونا أنّه ابتلاء من السّماء، وأنّه يجبُ أن نتعامل معه بتعقّل وحذر، وهي مؤمنة بأنّ الأمراض أصبحت منتشرة بشكلٍ كبير وبأنّ هذه المسألة عادية". الفئة الثانية، بحسب الأستاذ الجامعي ذاته، "تتعاملُ مع هذه الظّاهرة بنوع من الخوف والهلع، وهي متعلّقة أكثر بالحياة وتخاف كثيراً من الموت الذي يسبّبه هذا المرض"، مبرزاً أنّ "هذه الفئة تعيش كلّ أشكال الرّعب بحكم إيمانها بأنّ هذا الفيروس يؤدّي إلى الهلاك، بحيث إنّ حالة وحيدة معزولة قد تخيف هذه الفئة وتدفعها إلى مغادرة البلاد". واعتبر الأستاذ الجامعي أنّ "هذه الفئة حريصة كل الحرص على حياتها ووضعها الصّحي، وتتخذ كل الاحتياطات الضّرورية لتفادي الوقوع في مخالب الفيروس الفتّاك". أما الفئة الثّالثة، يقول الأستاذ المتخصّص في علم الاجتماع، "هي التي تتعامل مع هذه الظّاهرة بنوع من الاستهزاء والهزل، ولا تتعامل مع المرض بنوع من الجدّية، وتعتبره مجرّد إشاعة، وهو ما تعكسهُ مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت انتشاراً مكثفاً لمقاطع هزلية".