لم ينتظر المهاجرون المغاربة المرابطون في أحراش تركيا على الحدود مع اليونان حتّى تهدأ الثّلوج وتتّضح الرّؤيا، فعلى الرّغم من أنّ الأمر يتعلّق بالمحطة الأصعب في مسارِ المهاجرين، عقدَ عشرات "الحرّاكة" المغاربة العزمَ لخوضِ تجربة التّسلّل إلى الأراضي اليونانية، بعد سماحِ السّلطات التّركية لآلاف المهاجرين العبور إلى أوروبا. وما إن شرعت تركيا أبوابها أمام المهاجرين كي يقصدوا أوروبا، حتى غادر الآلاف منهم صوب اليونان؛ لكن بعض اللاجئين حاولوا أن يعبروا سباحة إلى البلد الأوروبي، دون الاستعانة بقوارب أو حتّى المشي صوب السّياج الحدودي. وكان من بينِ هؤلاء عشرات المهاجرين المغاربة الذين فضّلوا الوصول إلى أوروبا من بوابة تركيا. على مشارف قرية دوريان التّركية، وقفَ حمزة (23 سنة)، مهاجر مغربي، يتأمّلُ نهر "إفروس" على أمل العبور إلى اليونان، المحطة المقبلة في مسارٍ طويلٍ يبتغي الوصول إلى ألمانيا أو فرنسا. بينما يحرس الجنود اليونانيون الحدود البحرية من على برج المراقبة، "لا قارب، لا قارب"، يصرخُ جندي يوناني. ونقلت مجلة "أنفوميكرنت" أنّ "هؤلاء المهاجرين يريدون الوصول إلى أوروبا الغربية على متن قوارب تقليدية، ومن بينهم من قضى ليال مختبئاً في الغطاء النباتي الكثيف، على أمل الهروب من الاعتقالات والمخيمات". وسيكون على هؤلاء المهاجرين المغاربة تتبّع مسار ينطلقُ من تركيا إلى اليونان مروراً بألبانيا، ومنها إلى الجبل الأسود (مونتينيغرو) ثم إلى البوسنة، آملينَ في الوصولِ إلى وجهتهم الرئيسة ألمانيا. ووضعت تركيا حافلات مستأجرة من قبل السّلطات في عدّة مناطق لنقل المهاجرين إلى المعابر الحدودية. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، فإن "13000 شخص هم عالقون حاليًا على الحدود. بينما يحاولُ الهلال الأحمر التركي جاهداً تقديمَ مساعدات إنسانية، بحيث يسود تخوّف كبير من تدهور الوضع الصحي". في مكان قريب، عند معبر بازاركولي الحدودي، سرعان ما تحولت المنطقة العازلة إلى معسكر مؤقت في الهواء الطلق. ولا يزال المسؤولون اليونانيون على أهبة الاستعداد لمواجهة أيّ هجوم مباعث، حيث تم نصبُ أسلاك شائكة تمنع أي محاولة للعبور. واختارَ العديد من المهاجرين الأفغان والإيرانيين والصوماليين والمغاربة تتبّع المسار نفسه الذي قادَ الآلاف المهاجرين إلى أوروبا. وفي الوقت الذي أقنعت فيه الظروف الجوية بعض الشباب بالعودة إلى إسطنبول، فإن آخرين، مثل محمد ومهدي وأصدقائهما، مصممون على البقاء: "لقد قدمنا من المغرب. سننتظر هنا حتى نتمكن من المرور. نحن نستهدف فرنسا". ولقد حاول حمزة جاهداً تجاوز عقبة الحدود، وبعض أصدقائه حاولوا في كثير من الأحيان، وكانت القصة تنتهي دائما بالطريقة نفسها: اعتقال من قبلِ الشرطة اليونانية، ثم العودة إلى تركيا. ويظهر الشبان المغاربيون شاشات هواتفهم الذكية التي كسَّرها رجال الشرطة، يشيرُ التقرير.