حذرت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، من مخاطر ما يعرف ب"ظاهرة روتيني اليوم"، التي أثارت جدلا واسعة في الآونة الأخيرة، مبرزة أن هذه "الظاهرة" تجعل المرأة نفسَها تكرّس الصورة النمطية السائدة إزاءها في المجتمع، عبر نشر محتويات على مواقع التواصل تخندق المرأة في مجالات تقلل من شأنها وتدنّي مرتبتها في المجتمع. "هذه الظاهرة ينبغي أن تستنفرنا ونحشد الجهود لمواجهتها بشكل مستعجل" تقول أخرباش وهي تتحدث عن "روتيني اليومي" خلال الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي المنظم في إطار أنشطة الكرسي الأكاديمي للا مريم للمرأة والطفل بالرباط، منبّهة إلى أن المحتوى الذي تنشره بعض النساء على الأنترنيت قد يقود إلى تكريس العنف القائم على النوع. ويتضمن محتوى "روتيني اليومي" مقاطع فيديو تسرد فيها ناشطات على الشبكات الاجتماعية يومياتهن بالصوت والصورة؛ وأثار هذا المحتوى انتقادات واسعة بسبب لجوء عدد من قنوات "روتيني اليومي" إلى استعمال إيحاءات ذات طبيعية جنسية، كما يقول منتقدوها، وارتداء ملابس مثيرة لجلب أكبر عدد من المشاهدين. وترى رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن مقاطع فيديو "روتيني اليومي" تبيّن أن النساء قد يساهمن بأنفسهن في تفشي العنف ضدهن، مبرزة أن محاربة العنف ضد النساء في الإعلام وفي مواقع التواصل "لا يمكن أن تثمر نتائج إذا اكتفينا فقط بالاستنكار والشجب، بل علينا أن نُنعش الممارسات الفضلى ونشجع عليها". من جهة ثانية، انتقدت رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري استمرار بثّ مضامين مسيئة إلى صورة المرأة ومكرّسة للصور النمطية ضدها على وسائل الإعلام المغربية، قائلة: "هناك إعلان وصف المرأة بالبقرة الحلوب، وهذا مرفوض، ليس لأنه يسيئ إلى المرأة فقط، وإنما لكون مثل هذه المضامين تجعل المرأة نفسَها تستبطن هذه التمثلات المسيئة إليها وتتعايش معها". ودعت المتحدثة إلى أخذ ما يُبث على وسائل الإعلام من خطابات وصور مسيئة إلى المرأة على محمل الجد ومواجهتها، نظرا لما للإعلام من تأثير كبير على الجمهور وقدرته على صنع التمثلات التمييزية ضد المرأة في حال التساهل مع يبثّ، كما دعت الإعلاميين ومسؤولي المؤسسات الإعلامية إلى لعب دور إيجابي لتكريس صورة إيجابية عن المرأة لدى المتلقّي، والتعاطي بجدّية أكبر مع قضايا العنف ضد النساء. في هذا الإطار، قالت أخرباش إن تناول الإعلام لموضوع العنف ضد النساء يظل موسميا، بالرغم من شيوعه، إذ لا يجد صدى وحضورا في وسائل الإعلام بالقدر والشكل المطلوبين؛ لكنها استدركت "أن هذا لا يعني أن الإعلام وحده المسؤول عن هذا التقصير، لأن محاربة العنف ضد النساء مسؤولية الجميع". وأردفت أن المعالجة الإعلامية لظاهرة العنف ضد النساء تتسم بعدد من النقائص، كونها تتم بسطحية وتطرح أخبارَ العنف كحوادث عرضية بمعزل عن بعدها الحقوقي؛ وهو ما يضفي عليها صبغة العنف العادي، وهو ما يؤدي إلى التطبيع المجتمعي مع الظاهرة. كما انتقدت رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري جنوح جزء من الإعلام إلى البحث عن الإثارة و"البوز"، خبرا وتعليقا وصورة، لنقل أخبار العنف ضد النساء، "وهذا لا ينتقص من الدور التحسيسي للإعلام فحسب، بل يجعلنا نعتبر أن الإعلام يشارك في انتهاك حقوق إنسانية ثابتة وكونية". وترى أخرباش أن ثمّة حاجة إلى كسْر جدار الصمت الذي يحُول دون بوْح النساء يما يطالهن من عنف، بشتى أنواعه، مشيرة إلى أن الأرقام المقدمة حول نسبة انتشار العنف ضد النساء في المغرب "لا تعكس كل حالات العنف الممارس، نظرا لأن النساء لا يفصحن كلهن عما يتعرضن له من عنف".