قرّر الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة اللجوء إلى الديوان الملكي، في ظل استمرار رفض الحكومة الاستجابة لمطالبهم التي خاضوا في سبيل تحقيقها تسعَ مسيرات احتجاجية، ورفعوا بشأنها عشرات المراسلات إلى الجهات المعنية، دون أن تتم الاستجابة لها. ويطالب المتصرفون المغاربة منذ سنوات بمراجعة نظامهم الأساسي، وتحسين أجورهم، التي قالوا إنّها جُمّدت منذ سنة 2004، في حين أنّ موظفي الدولة المماثلين لهم استفادوا من زيادات في الأجور بمعدل مرة أو أكثر خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة. ويأتي لجوء المتصرفين المغاربة إلى الديوان الملكي، إذ يُرتقب أن يرفعوا إليه مراسلة بشأن ملفهم المطلبي، "لأنّ الحكومة أغلقت جميع الأبواب في وجوههم"، حسب فاطمة بنعدي، رئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، موردة: "سنلجأ إلى المؤسسة الملكية رغم أنّ هذا الملف من اختصاص الحكومة، لكننا لا نملك خيارا آخر". بنعدي قالت في ندوة صحافية نظمها الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة إنّ المتصرفين "لا يفهمون سرّ عدم استجابة الحكومة لمطالبهم، في حين أنها تستجيب لمطالب فئات أخرى من موظفي الدولة، بمجرّد أن يُضربوا عن العمل يوما واحدا أو يومين، وحتى إذا لم يُضربوا"، وأضافت متسائلة: "لماذا يُستثنى المتصرفون من تسوية وضعيتهم؟ هل هناك عداء لهذه الفئة؟ فقد قضينا ثماني سنوات في النضال، وخُضنا عشر مسيرات، وطُرحت عشرات الأسئلة في البرلمان حول وضعيتنا، دون نتيجة، وهذا التعامُل ليس مقاربةَ دولة الحق والقانون". الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة قدّم جملة من المعطيات المادية والمهنية التي قال إنها تعبّر عن تعرّض هذه الفئة "للظلم"، ومن ذلك التفاوت الكبير في الأجور بينهم وبين نظرائهم من فئات الأطر العليا العاملة بالإدارات العمومية المغربية. في هذا الإطار، أوضحت بنعدي أنّ أجْر المتصرفين عند التوظيف أو التعيين لا يتعدى 7413.94 درهما، بينما يصل أجر المنتدبين القضائيين عند التوظيف إلى 9569.13 درهما، والمهندسين 8758.82 درهما، وتصل أجور مفتشي المالية إلى 10642.92 درهما، ومفتشي الإدارة الترابية 10742.92 درهما... ووصفت المتحدثة ذاتها منظومة أجور المتصرفين ب"الظالمة"، مضيفة أنّ "كتاب الضبط الذين يوظفون بمستوى الباكالوريا، والمحررين القضائيين الذين يوظفون بشهادة التكوين المهني، يتقاضوْن أجورا أكبر من المتصرفين، الحاصلين على شهادة الماستر والدكتوراه". ويصل أجر المحرر القضائي درجة ممتازة خارج السلم إلى 16101.75 درهما، في حين لا يتعدى أجر المتصرف درجة 1 خارج السلم 13291.47 درهما، أي بفارق حوالي ثلاثة آلاف درهم، وهو ما يعتبره المتصرفون "وضعا شاذا وغريبا". وذهبت فاطمة بنعدي إلى القول إنّ "تجميد أجور المتصرفين منذ سنة 2004 جعل الذين يشتغلون منهم في السلم العاشر يقفون على أبواب الهشاشة، في ظل الارتفاع المتزايد لتكلفة المعيشة". وأضافت المتحدثة ذاتها أنّ هيئة المتصرفين تشكّل ركيزة أساسية للإدارة العمومية، إذ تقوم بمهام وضع وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية والاستشارة والتأطير بمختلف مصالح الدولة، ولديها مهام عليا داخل دواليب الدولة. ووصفت رئيسة الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة تعاطي الحكومة مع ملفهم المطلبي ب"السكيزوفرينيا"، قائلة: "الحكومة تتحدث عن رغبتها في إصلاح الإدارة العمومية، ولكن كيف سيتمّ هذا الإصلاح وفئة عريضة من الموارد البشرية مُحبَطة نفسيا، وتعيش وضعية اجتماعية هشة؟ هذه سيكيزوفرينيا".