قاربَ مجموعة من الباحثين موضوع "العربيّة في القرآن الكريم" خلال ندوة فكرية دولية نظّمها، الأربعاء، فريقا البحث في الخطاب والدلالة (القيم المجتمعية) والبحث في قضايا التجديد في الدّراسات القرآنية الحديثة في رحاب كليّة متعددة التخصّصات بالنّاظور. واستهلّت النّدوة بكلمة ترحيبية ألقاها الأستاذ عليّ الصّديقي، منسّق الجلسة، رحّب من خلالها بالحضور والباحثين المشاركين من المغرب والجزائر والسودان والمملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى ما يكتسيه الموضوع من أهمّية بالغة على مستوى العلوم والمعارف في تسليط الضوء على مباحث اللغة العربية في القرآن الكريم. وقال علي أزديموسى، عميد الكلية سالفة الذكر، إن "هذا الموضوع قد بينه الله في كتابه المبين من خلال عدد من الآيات الكريمة في سورة الكهف ويوسف والشعراء وغيرها من السور"، مبرزًا أن "لا أحد يشك في أن نزول القرآن الكريم باللغة العربية دون غيرها من اللغات لم يكن عفويا بل كان لأسباب دقيقة عائدة إلى حكمة الله في اختياره". وأشار أزديموسى إلى أن "خصائص اللغة العربية وقابليتها الحيوية ومرونة تعبيراتها وما لها من مميزات من حيث الاشتقاق الصرفي والإيجاز والخصائص الصوتية وإمكانية تعريب الألفاظ الواردة تجعل اختيارها لغةً للقرآن الكريم اختيارا واقعيا وصحيحا". وأبرز فريد لمريني، مدير مختبر المجتمع والخطاب وتكامل المعارف، أن موضوع "عربيّة القرآن الكريم" يقتضي تعاونًا بين مختلف العلوم وانفتاحا واسعًا بعضها على بعض؛ ف"عربية القرآن الكريم تقتضي في ساحة البحث العلمي تعاون العلوم الشرعية وتعاون العلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة، لأن هذا الموضوع يقتضي جهدا علميا كبيرا يتجاوز إطار البحث العلمي الواحد وبالتالي فهو يحتاج إلى مساعدات وخبرات علوم أخرى". وفي إطار هذا الموضوع، يتابع لمريني " عالمية الخطاب تستدعي بالضرورة أن تتضافر جهود العلوم كلها سواء كانت علوما شرعية أو إنسانية واجتماعية، وسواء كان الأمر يتعلق بعلوم قديمة أو حديثة أو معاصرة. وأشار لمريني إلى أن "ما يجمع هذا الموضوع العلمي القوي هو مسألة الاجتهاد، فهذا الموضوع يحتاج إلى اجتهاد كبير على مختلف المستويات المعرفية". وقال أبو عبد السلام الإدريسي، أستاذ النّقد والبلاغة، إنّ "بيان القرآن الكريم يتجلّى في عربيّته بقطع النظر عن وصف القرآن الكريم بأنه عربي وآيات أخرى كثيرة حول هذا المعطى". وأضاف الإدريسي: "إن تحقيق معاني القرآن الكريم يكون بتحقيق معنى لغته وتحقيق معنى الإشكالات التي يطرحها الخطاب القرآني باعتباره خطابًا عالميا منزلا بلغة عربية كانت في وقت من الأوقات محدودة البيئة والجغرافيا إلى أن صارت لغة تفتح آفاق العالم ثم يصير لها يوم عالمي في أزمنتنا هذه". واستمرّت النّدوة مع مداخلات تمثّلت في مقاربات ودراسات حول اللغة العربيّة والمنجز الأصولي والتّأويل والألفاظ وعلوم اللسان وأثر القرآن الكريم في اللغة العربية والمعاني ومنطق اللغة ومنهج القرآن الكريم في بيان المعاني اللغوية. وستتمحور الجلستان الصّباحية والمسائية ليوم الخميس من النّدوة حول مواضيع علمية تشمل أفعال الحواس من خلال القرآن الكريم والتعدد اللهجي في القراءات القرآنية والتكرار الصوتي في القرآن الكريم وعبقرية القرآن والإعجاز اللغوي وأثر معرفة عربية القرآن الكريم في ميزان الترجمة.