تقع الجماعة الترابية عين بلال في النفوذ الترابي لإقليم سطات على ضفاف نهر أم الربيع، في الحدود بين عاصمة الشاوية وإقليم قلعة السراغنة والرحامنة. أحدثت الجماعة الترابية عين بلال سنة 1992 بعد انفصالها عن الجماعة الأم أولاد فريحة بقيادة أولاد فريحة عين بلال دائرة البروج، يبلغ عدد سكانها 4649 نسمة، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2014، يعتمدون على الفلاحة البورية وتربية الماشية. للوصول إلى جماعة عين بلال انطلاقا من مدينة سطات، لا بدّ من المرور عبر الطريق الوطنية رقم 9، وبعد قطع مسافة 40 كيلومترا، من الضروري الانعراج عبر الطريق الإقليمية رقم 3605 ثم مواصلة السير عبر الطريق الإقليمية رقم 3632، حيث تصادفك حقول تربتها فقيرة وأشجار زيتون تعتمد مياه نهر الربيع، وبعد 20 كيلومترا إضافية، يظهر مركز جماعة عين بلال. أشجار ذبلت بسبب جفاف منبع "تمسداك" وعين "القايد" والعين "الكبيرة"، وضع أصبح معه الفلاحون يعتمدون على الآبار الخاصة والمضخات، إلا أن ضعف الفرشة المائية أدخل المنطقة في جفاف طبيعي وتحولت أشجار الرمان والزيتون إلى حطب، وهو ما يتطلب تزويد المنطقة بأذرع السقي، في إطار مشروع كبير، من نهر أم الربيع الذي يقام عليه سد المسيرة باعتباره ثاني أكبر سد بالمغرب. شبان المنطقة يعيشون البطالة ويفضلون الهجرة الداخلية أو الخارجية، باستثناء بعض الفرص التي توفّرها إحدى الضيعات الفلاحية، التي تعتبر من أكبر الضيعات بجهة الدارالبيضاء-سطات، والتي توفّر الشغل القار لما يقارب 40 فردا، والشغل الموسمي لحوالي 500 أسرة خلال موسم جني الزيتون الذي يدوم ثلاثة أشهر في كل سنة. جمعويون: خطاب 9 مارس ساهم في تحوّل مسار الجماعة الترابية عبد الرحيم جدار، فاعل جمعوي من أبناء جماعة عين بلال بدائرة البروج، قال في تصريح هاتفي لهسبريس إن "المنطقة كانت تعيش معاناة كبيرة وتأخرا تنمويا، إلا أنه في السنوات الأخيرة عرفت قفزة نوعية غيرت الوضع إلى الأحسن، وتبدّد اليأس إلى بصيص من الأمل، بفضل عدد من الغيورين عليها، سواء من المنتخبين أو الفاعلين السياسيين أو الفعاليات الجمعوية، الذين سعوا إلى تغليب المصلحة العامة ونكران الذات، وبدأ التحول من الإحباط والهجرة إلى الوعي انطلاقا من الخطاب الملكي بتاريخ 9 مارس". واستعرض جدار الواقع المؤلم الذي كانت تعيشه جماعة عين بلال الترابية على كافة المستويات قبل السنوات الثلاث الأخيرة، حيث "انعدمت المسالك وعاش السكان عزلة، محرومين من الماء الصالح للشرب والكهرباء والإنارة العمومية، رغم وجود منشأة سد المسيرة بالنفوذ الترابي لجماعة عين بلال". وحول الخدمات الصحية بالمنطقة، قال جدار إنها "معروفة بالنظر إلى الواقع الصحي على المستوى الوطني، فهي لا تخرج عن السياق العام الذي يعرف أزمة"، مشيرا إلى أن "ساكنة جماعة عين بلال كغيرها من الجماعات بعيدة عن المركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بمدينة سطات، وتعاني من انتشار العقارب والأفاعي بالنظر لتضاريس المنطقة ومناخها، وإن كانت تتوفر على سيارتي إسعاف قصد نقل المرضى والحوامل"، وطالب ب"تجهيز المركز الصحي المحلي بسيارة إسعاف مجهزة وأطر صحية إضافية من قبل وزارة الصحة". ونوّه جدار بالمجهودات التي بذلت مؤخرا في قطاع التعليم من قبل المجلس الجماعي والسلطات المحلية والإقليمية بسطات، وذلك بخلق دينامية كبيرة وإحداث الثانوية الإعدادية عين بلال التي هي في طور الإنجاز، وتوفير أربع سيارات للنقل المدرسي، فضلا عن مشروع تزويد دواوير الجماعة بالماء الصالح للشرب من حقينة سد المسيرة. وحول قطاع الرياضة، قال الفاعل الجمعوي ذاته إن "الأمل مرهون بالأجيال القادمة وتلاميذ اليوم باعتبارهم أجيال الغد، وهو ما يتطلّب استغلال الثروة البشرية في مناخ صحي جيد بالمنطقة والاستثمار في المجال الرياضي، واستغلال ملاعب القرب التي من المنتظر أن تخرج إلى الوجود مستقبلا". وحمّل المتحدث المسؤولية في التأطير للمجتمع المدني، ملتمسا من الفعاليات الجمعوية القيام بدورها في "مساعدة المواطنين والمؤسسات من أجل صناعة الأجيال الرياضية وحماية الشباب من الانحراف عموما، والحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض طبقا لمقولة: العقل السليم في الجسم السليم"، على حد قوله. وقال جدار عبد الرحيم إن "القطاع الفلاحي ينتظر تدخلا عقلانيا وشجاعا من الدولة، وذلك بإحداث مشاريع كبيرة، كالفلاحة العصرية بشكل تضامني، حتى تقدم المنطقة الدور المنوط بها للمساهمة في تنمية الوطن بصفة عامة، والرهان على إحصاء الأراضي السلالية واستثمارها، مع إحداث قنطرة على مستوى نهر أم الربيع لتشجيع الاستثمار وربط الجسور بين منطقتي الرحامنة وبني مسكين". للمجلس الجماعي رأي مجيدي العربي، رئيس المجلس الجماعي عين بلال، أوضح في تصريح لهسبريس أن الجماعة عرفت دينامية تنموية مفتوحة على مختلف القطاعات خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019، مؤكدا وجود مشاريع أنجزت وأخرى في طور الإنجاز، ومجموعة ثالثة في إطار الدراسة، منها ما هو من تمويل ذاتي للجماعة ومنها ما هو بتمويل في إطار شراكات واتفاقيات مع مؤسسات ومتدخلين آخرين. وعلى مستوى البنية التحتية، أفاد المجيدي بأنه جرى إصلاح وتأهيل المقطع الطرقي التابع لتراب الجماعة من الطريق الإقليمية رقم 3632، بتمويل من ميزانية الدولة تحت إشراف وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، فضلا عن تعبيد الطريق الإقليمية رقم 3630 حيث الأشغال جارية بتمويل من ميزانية جهة الدارالبيضاءسطات، والمديرية العامة للجماعات الترابية ووزارة التجهيز، وتشجير جنبات المسالك المذكورة، واستفادة مسلكين بتراب الجماعة من البرنامج الجهوي لتأهيل المسالك، وبناء قنطرة على مستوى مجرى مائي بأولاد سي عبد الحميد باعتمادات ذاتية. وحول الإنارة العمومية والربط الفردي للكوانين بالكهرباء، أوضح ممثل المجلس الجماعي لعين بلال أن المجلس عمل على إيصال الكهرباء إلى 26 مسكنا متفرقا بتراب الجماعة، مع إحداث وإصلاح منشأة الإنارة العمومية وتعميمها على مستوى دواوير جماعة عين بلال، حيث بلغت نسبة الربط الفردي للكوانين 99 في المائة، وإنجاز دراسة تقنية من قبل المكتب الوطني للماء والكهرباء-قطاع الكهرباء لأجل استفادة 14 مسكنا متفرقا من الربط الفردي، فضلا عن تقوية إنارة مقر الجماعة وإصلاح مرافقه، وبناء الإعدادية الثانوية عين بلال حيث الأشغال جارية. وفي ما يخص مجال الماء الصالح للشرب، فقد "جرى حفر وتجهيز بئرين بكل من دوار أولاد سي امحمد ودوار المغارات، وتجهيز بئر بدوار أولاد سي أحمد، مع إحداث سقايات بمختلف الدواوير، في انتظار انطلاق مشروع تزويد دواوير الجماعة الترابية بالماء الصالح للشرب من حقينة سد المسيرة في الأيام القادمة في إطار شراكة بين وزارة الداخلية وكتابة الدولة في الماء والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-مصلحة الماء"، يقول رئيس الجماعة. وتشجيعا لقطاع الاستثمار، قال العربي المجيدي إن المجلس قام بإجراء دراسة تقنية لمشروع سياحي على ضفة بحيرة سد المسيرة باعتمادات ذاتية، ومشروع بناء مركب تجاري ومقهى ما زال في طور الإنجاز، وتسقيف محل بيع اللحوم بالسوق الأسبوعي، وإعداد تصميم طبوغرافي للأرض المراد تسوية وضعيتها بمركز الجماعة، وإنجاز تصاميم أخرى لعدة بقع أرضية قصد الاقتناء، في انتظار إخراج مشروع ملاعب القرب إلى حيّز الوجود بشراكة مع الوزارة الوصية على قطاع الشباب والرياضة. وبخصوص التجهيزات والوسائل اللوجيستيكية لقطاعات مختلفة لخدمة سكان الجماعة، أفاد المسؤول الجماعي بأن المجلس عمل على إخضاع نظام الحالة المدنية للنظم المعلوماتية، واقتنى معدّات عدة، سواء بتمويل ذاتي أو في إطار اتفاقيات شراكة، وتلقى دعما من مؤسسات حكومية، منه شاحنة صهريج وأربع سيارات للنقل المدرسي، ووفر سيارة إسعاف إضافية، وأجرى دراسة تقنية للإنارة العمومية قصد اقتناء شاحنة رافعة لإصلاح الأعطاب الطارئة، واقتنى سيارة نفعية ومعدات تقنية ومعلوماتية وتجهيزات مكتبية وخيمة جماعية مجهّزة للمناسبات. ولخّص المجيدي الإكراهات في ضعف الموارد المالية للجماعية التي تعتمد على مداخيل موسمية غير قارة من بعض المقالع، ومداخيل ضعيفة للسوق الأسبوعي، والضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يدفع الجماعة إلى خلق ثروة محلية لتنمية المداخيل بالرهان على قطب سياحي يتوفر على منتجع ومقاهي وبنية للاستقبال ومرافق ترفيهية.