تقع جماعة سيدي أحمد الخدير، التي تبلغ مساحتها 240 كيلومترا مربعا، على ضفاف نهر أم الربيع، ببني مسكين الغربية دائرة البروج، ويبلغ عدد سكانها 9687 نسمة، موزّعين على 10 دواوير، حسب إحصاء 2014. وقد أحدثت بناء على التقطيع الانتخابي لسنة 1992، وسمّيت من قبل الجماعة الأم دار الشافعي باسم الولي الصالح "سيدي أحمد الخدير" المدفون بدوار لوكارفا. بعد قطع مسافة 70 كيلومترا انطلاقا من مدينة سطات، مرورا بكيسر ثم جماعة دار الشافعي، وصلنا إلى مركز جماعة سيدي أحمد الخدير. فلاحون منتشرون وسط البساتين السقويّة، وشباب يمارسون لعبة كرة القدم بمركب سوسيو رياضي بمركز الجماعة. لا حديث لسكّان المنطقة إلا عن المطالبة بالتنمية وبناء قنطرة، بعد الفاجعة التي هزّت البلدة الهادئة، والتي ذهبت ضحيتها أسرة مكوّنة من الأم وأطفالها الثلاثة، بعدما جرفهم نهر أم الربيع، وجرى انتشال جثثهم على مراحل، وإخضاعها للتشريح، ودفنهم بمسقط رأسهم بدوار أولاد سي عبد الله التابع لجماعة سيدي أحمد الخدير. 200 درهم فرضت العبور وسبّبت الغرق في الطريق إلى الدوار الذي وقعت فيه الفاجعة، استوقفنا الشاب عبد الفتّاح على جانب الطريق، ورافقنا طيلة الجولة بالمنطقة بعدما عرف قصدنا. يقول: "اسمع أخويا هاذ المنطقة خاصها بزّاف، والناس هاجرت للخارج، نحتاج قنطرة، وملاعب القرب بالدواوير، وتعبيد الطرق، خاصّة الطريق الإقليمية 3632". وأكّد عبد الفتّاح الذي تربطه علاقة مصاهرة مع عائلة من إقليمقلعة السراغنة، في حديثه لهسبريس، على إنشاء القنطرة، معتبرا إياها الحل النهائي للحد من سقوط ضحايا آخرين، بحكم العلاقات العائلية والعملية وفقر السكان بالمنطقتين، زيادة على بعد المسافة عبر الطرق المعبّدة للوصول إلى إقليمقلعة السراغنة عبر مدينة البروج لتبادل الزيارات. وفي السياق ذاته، قاطعة شيخ طاعن في السن من أهالي دوار أولاد سيدي عبد الله، قائلا: "الحل يا ولدي هو القنطرة، ولا شيء سواها، وإلا فسيستمر النهر في حصد الأرواح، وربّما قد تقع كوارث أكبر في المستقبل، ويعود الناس إلى المعدية"؛ وهي المركب التقليدي الذي أودى بحياة تلك الأسرة، التي بقي منها الزوج في حالة نفسية صعبة تحتاج إلى العلاج، إضافة إلى أنه يعاني من مرض فقر الدّم. وحول ظروف غرق العائلة، استطرد الشيخ في الحديث والدموع تنهمر من عينيه، قائلا: "الدولة الحمد لله فضلها كثير، ولا يمكن أن تستعصي عنها قنطرة مهما كانت المسافة والتكلفة لإنقاذ الناس الذين يضحون بأنفسهم"، مضيقا: "الناس هنا فقراء، والدليل هو أن زوج الضحية كان يملك 50 درهما في حين طلب صاحب السيارة الذي نقل أسرته إلى إقليمقلعة السراغنة 200 درهم، حيث ساهمت أم الزوج ب100 درهم وتعهّد والده بأداء 50 درهما فيما بعد كدين في عنقه". وأوضح الشيخ أن الزوجة قرّرت العودة بعد انتهاء العطلة الربيعية تجنّبا لغياب بناتها عن الدراسة، وأمام ضيق ذات اليد وعدم توفّرها على 200 درهم من أجل ركوب وسيلة نقل آمنة، غامرت رفقة أبنائها بواسطة "المعدية"، وقدّر الله ما قدّر فوقع ما وقع، مشدّدا على إنشاء القنطرة في أماكن مناسبة قريبة من السكّان. جمعويون ينشدون التنمية محمد عمارة، رئيس جمعية المبادرة للتنمية القروية بجماعة سيدي أحمد الخدير، قال في تصريح لهسبريس إن الجماعة "تعيش مشاكل عدّة كباقي مناطق العالم القروي، كغياب الكهرباء والماء الصالح للشرب بالمستوصفات ونقص الأطر الطبّية في المرافق الثلاثة التي تحتاج إلى شروط التطبيب". وحول البنية التحتية، قال المتحدّث إن "المسالك الرابطة بين الدواوير غير معبّدة، كما هو شأن دوار أولاد سيدي عبد الله الذي عرف فاجعة أم الربيع التي أشهرت المنطقة عبر وسائل الإعلام"، مطالبا بفكّ العزلة عن العالم القروي عبر تعبيد الطرق "كالطريق رقم 3632، وإنشاء قنطرة غير مكلّفة على نهر أم الربيع بمبادرة من الجماعة إلى جانب باقي الشركاء والمصالح الخارجية والجماعات المجاورة، كدار الشافعي وأولاد عامر بسطات وسيدي الحطّاب بقلعة السراغنة". وبخصوص الملاعب الرياضية والمرافق الترفيهية، سجّل الفاعل الجمعوي ذاته "غيابها، باستثناء ناد نسوي بمركز الجماعة بأولاد سي موسى، مقابل عدم استفادة عدد من الدواوير الأخرى من برنامج التنمية، إرضاء للمعارضة للحفاظ على توازن تركيبة المجلس، حيث يلجأ الشباب إلى الهجرة بنوعيها كباقي مناطق بني مسكين"، على حد تعبيره. وحول دور المجتمع المدني وعلاقته بالمجلس الجماعي، أشار عمارة إلى أن الجمعية التي يمثلها لم تستفد قطّ من الدّعم، إلى درجة أن هيئة تكافؤ الفرص قدّم أعضاؤها استقالتهم، مطالبا بإشراك المجتمع المدني في البرنامج التنموي للمنطقة، ودعم الجمعيات في إطار المقاربة التشاركية والاهتمام بالمرافق العمومية التابعة للنفوذ الترابي للجماعة. المجلس: برامج على أرض الواقع وأخرى في الأفق محمد الحميدي، رئيس المجلس الجماعي لسيدي أحمد الخدير، ذكّر بفاجعة أم الربيع وبالعمل الاجتماعي الذي قدّمته الجماعة لأسرة الضحايا، وأوضح في تصريح لهسبريس أن جماعته "جماعة محدثة عن الجماعة الأم دار الشافعي، يتكوّن مجلسها من 17 عضوا، بمن فيهم التمثيلية النسائية، ولا تملك حتى السوق أسبوعيّ للرفع من مداخيلها". وأبرز المتحدّث أن علاقة المجلس الجماعي مع المجتمع المدني "علاقة معقولة، في إطار التنسيق من أجل المصلحة العامّة للمواطنين الذين يمثلهم أعضاء المجلس"، مشيرا إلى وجود عدد من الجمعيات داخل النفوذ الترابي للجماعة، منها جمعيات نشيطة لا يتعدى عددها أربعة، وأخرى شكلية وصورية على الورق لا تلعب دورها، مشترطا الدعم والتعامل مع "الجمعيات النشيطة التي تحترم قوانينها ومنخرطيها بعيدا عن الحسابات السياسية"، واضعا جميع التجهيزات رهن إشارة الجمعيات على حدّ سواء. وبخصوص استقالة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص، أوضح الحميدي أن الهيئة المذكورة تقدّمت بطلب استغلال قاعة الاجتماعات لعقد لقاء تكويني يوم 25 يناير من السنة الجارية، دون التنسيق المسبق مع المجلس الجماعي وباقي الجمعيات الأخرى، تلقّت على إثره الجماعة تعرّضا من قبل عدد من الجمعيات تبسط فيه إقصاءها من المشاركة في اللقاء التكويني المزمع تنظيمه من قبل هيئة تكافؤ الفرص. وأضاف ممثل المجلس الجماعي أن "المجلس ارتأى متأسّفا عدم الموافقة على الطلب، سعيا منه إلى عدم التسبب في الخلافات بين الهيئة وباقي الجمعيات التي جرى إقصاؤها، إلى حين تسوية الوضعية مع باقي الجمعيات المعنية بتقديم التعرّض، ليفاجأ بتقديم أعضاء الهيئة للاستقالة بتاريخ 26 يناير 2018، وهو الفراغ الذي سيتمّ تداركه طبقا للقانون"، وفق تعبيره. وحول المشاريع التنموية والخدمات والبنية التحتية بدواوير الجماعة، أشار الرئيس إلى تمويل المجلس لكل برامج الربط بالكهرباء والتوسعة والإنارة العمومية بالنسبة للكوانين وكذا المرافق الإدارية والمؤسسات العمومية وتجهيزها منذ 1996 إلى 2018، مع حفر الآبار وتجهيزها بمعدّات الضّخّ منذ سنة 1994، والاستعانة بالصهاريج المتنقلة وعقد اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. وعن البنية التحتية والمرافق العامّة والطرقات وفكّ العزلة عن الدواوير، أوضح الرئيس أن الجماعة اهتمّت بإصلاح القناطر والطرق والمسالك وتنقيتها منذ 1997 إلى الآن، كالمسالك رقم 1029 و1025 و3503 وطرق أخرى، مشيرا إلى أن "قضية القنطرة على مستوى أم الربيع جرى تداولها منذ كانت الجماعة تابعة للجماعة الأم دار الشافعي، منذ ما يفوق 30 سنة"، موضّحا أنها "تتطلب مبالغ ضخمة بالنظر إلى طول المسافة عل النهر التي قد تصل 3 كيلومترات". وبخصوص المرافق الرياضية، قال الرئيس إن "المجلس الجماعي أنشأ ناد نسويا وملعبا سوسيو رياضيا للقرب، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووزارة الشبيبة والرياضة، وقام بتهيئة جميع الملاعب التقليدية لكرة القدم وتوزيع مجموعة من المعدّات والتجهيزات والبذل على كافة الفرق الرياضية، وصادق على اتفاقية شراكة لبناء ملعب القرب بدوار لعطوشة"، على حد قوله.