بعد عام من اندلاع الاحتجاجات في مدينة عطبره السودانية، بسبب زيادة أسعار الخبز، قبل أن تمتد إلى مدن أخرى، يؤكد مواطنو المدينة أن مخابزها باتت تنتج خبزا أكثر من استهلاكهم. في ديسمبر 2018، خرج المتظاهرون إلى شوارع المدينة المتربة والواقعة على ضفة نهر النيل، احتجاجا على زيادة أسعار الخبز، وسرعان ما انتشرت الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد. وأطاحت هذه الحركة بعمر البشير، الذي حكم السودان لمدة ثلاثين عاما. وبعد محادثات بين حركة الاحتجاجات والعسكريين توصل الطرفان في غشت الماضي إلى اتفاق قضى بتشكيل حكومة انتقالية تفتح الطريق لحكومة مدنية. في هذا الأسبوع يحتفل سكان عطبره، الواقعة شمال شرق الخرطوم، والتي يربطها خط سكة حديد بالعاصمة السودانية، ويطلق عليها اسم "مدينة السكة حديد"، بما تحقق من ثورتهم؛ ورغم أنهم يشعرون ببعض التحسن، إلا أنهم يعترفون بأن حياتهم مازالت صعبة وبأن أسعار المواد الغذائية مرتفعة. وقال مجدي محمد أحمد (45 عاما): "لم تعد لدينا مشكلة خبز"؛ ويعزو الأزمة إلى "سوء الإدارة من النظام السابق". وأضاف: "الآن أي أسرة يمكنها أن تحصل على كمية الخبز التي تريد. والمخابز تنتج أكثر من حاجة مواطني المدينة". وتشرف لجنة من المواطنين على التوزيع حتى تضمن أن كل مواطن نال حصته. وكانت السلطات زادت في دجنبر 2018 سعر قطعة الخبز التي تزن 70 غراما من جنيه سوداني إلى ثلاثة جنيهات، كما كان على المواطنين الانتظار في طوابير أمام المخابز للحصول على رغيف الخبز. ووقعت الأزمة في مدن أخرى منها بورتسودان، الميناء الرئيس للبلاد على البحر الأحمر. وتسبب في الأزمة قرار الحكومة في يناير 2018 وقف استيراد القمح، ما أدى إلى تراجع إنتاج الشركات الخاصة من دقيق القمح. وأدى ذلك إلى تناقص كميات القمح التي تزود بها المطاحن، وأثر على إنتاجها من الطحين، وزادت أسعارها، ما ترك أثرا على أسعار الخبز. "فخورون بحكومتنا" ظلت حكومة البشير على مدى طويل تدعم رغيف الخبز والوقود وسلعا غذائية أخرى، وتسبب هذا في عجز ضخم للميزانية، وبات يشكل عبئا غير محتمل. والآن لم يعد رغيف الخبز قضية ساخنة في عطبره، ولم يعد المواطنون ينتظرون في طوابير أمام المخابز. ومازالت الحكومة الانتقالية تدعم رغيف الخبز. وقالت نجود الشلالي، المهندسة الزراعية البالغة من العمر خمسة وثلاثين عاما: "نحن فخورون بحكومتنا.. هذه حكومتنا.. نحن شعب السودان من أوجدها". وأضافت: "قبل الثورة كنا نعاني كثيرا، والآن حلت الثورة مشكلة الخبز في مدينتنا". وقام المواطنون في عطبره ومدن أخرى بتشكيل لجان من صفوفهم تشرف على كل شيء، بما في ذلك توزيع الخبز. وقال عماد عبد الحفيظ، عضو لجنة عطبره: "الآن نراقب كل شيء، توزيع الطحين للمخابز وصناعة الخبز داخلها، وكل الأشياء المستخدمة في صناعته، وحتى توزيعه للسكان". وأشار إلى أن عضوا من اللجنة يكون حاضرا داخل المخبز على مدار ساعات اليوم. وشكرت هبه علي الله على هذه الطريقة قائلة: "في عطبره ودعنا أزمة الخبز"، لكن شابة ترتدي الزي السوداني التقليدي تشكو من أن المواد الغذائية الأخرى، مثل اللحم والخضروات والفواكه، مازالت أسعارها مرتفعة. ولكن محمد سيد احمد مختار (60 عاما)، وهو أحد قادة تحالف الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات، أشار إلى أن الأمل لازال قائما لحل مسألة ارتفاع الأسعار قريبا، وقال: "مازال الناس يعانون، ولكن هناك إمكانية لحل كل هذه المشكلات لأن لدينا ثورة". وينوي سكان عطبره الاحتفال بمرور عام على اندلاع انتفاضتهم في التاسع عشر من ديسمبر الحالي، بمشاركة قادمين عبر قطار من الخرطوم.