"فكرة.ما" موقع إلكتروني شبابي يعنى بتجميع أفكار المواطنين ورؤاهم بخصوص أمثل السبل للنهوض بمسلسل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، منها ما وجد طريقه إلى حيز التنفيذ ومنها ما ينتظر في أفق الإسهام في خدمة مغرب يتقدم. "كلشي كيبدا بفكرة"، هو شعار هذا الموقع الذي يشرف عليه فريق شاب من المهندسين والتقنيين الذين تابعوا دراستهم في المغرب وخارجه، يقودهم المهندس الشاب مروان المتوكل (30 سنة) وهو صاحب مقاولة اجتماعية بالرباط، ويولي منذ صغره اهتماما للعمل الجمعوي. يؤكد المتوكل في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن فريق الموقع، المصنف ضمن المواقع الخمسة المؤهلة إلى المرحلة النهائية للفوز بالدورة الخامسة لتظاهرة "ماروك أواردز" في فئة "تطبيقات الأنترنيت"، يؤمن بأن كل المنجزات العظيمة التي عرفها العالم إنما كانت في بداية أمرها مجرد فكرة وجدت من يتعهدها بالرعاية وينزلها على أرض الواقع. وأضاف أن "فكرة الموقع حضرتني عندما كنت وعددا من أصدقائي جلوسا في المقهى قبل سنة من الآن نناقش أحداث الربيع العربي، والسبل الكفيلة بمعالجة المسببات القائمة وراءها من قبيل انتشار البطالة واستفحال المشاكل الاجتماعية، وفكرنا في طريقة تجعلنا نسهم بشكل عملي في تنمية بلدنا، فوجدنا أن ما ينقصنا هو الأفكار.. فلم نجد أحسن من إنشاء موقع إلكتروني يستقبل أفكار المواطنين". ثورة أفكار تنموية يقوم مبدأ موقع "فكرة.ما" على التفاعل مع المواطنين الذين يمكنهم أن يطرحوا عبره أفكارا قد تفيد في إيجاد حلول للمشاكل التي دأب الناس على طرحها وانتقادها دون اقتراح حلول لها، وهو بذلك ينتقل بهم من موقع المتفرج إلى موقع الفعل والتأثير. ويتيح الموقع لرواده الفرصة لنشر مقترحاتهم وتدارس جدواها وسبل إنجازها، من خلال التعليق والتصويت عليها. ليتم بعد ذلك انتقاء الأفكار التي حصلت على تأييد المتصفحين، حيث يقوم فريق الموقع بالاتصال بأصحابها لتدارس كيفية تطبيقها على أرض الواقع، والبحث عن فاعلين مؤهلين لمشاركة ومساعدة صاحبها في تحقيقها على أحسن وجه. ويقول ياسين القاطبي (25 سنة)، مهندس في الإعلاميات، وعضو فريق الموقع، إن انتقاد الواقع أمر سهل، ونحن لا نريد أن يكتفي الناس بالانتقاد، بل نريد أن ينخرط الجميع في إطار ثورة لإنتاج الأفكار الخلاقة التي يمكن أن تسهم في إيجاد حل للمشاكل التي تواجههم والدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام. أما زميله في الفريق أسامة بقا (21 سنة) الذي يشرف على الإخراج الفني للموقع، فيؤكد أنه التحق بفريق الموقع لأن فكرته "ممتازة وتواكب متطلبات الحياة، لأنها تولي الاهتمام لأفكار وحاجيات معبر عنها من طرف المتصفحين". أفكار طبقت وأخرى تنتظر وعما إذا كانوا مؤمنين بجدوى الفكرة ونجاحها، أكد أعضاء الفريق أنهم لا يدعون فسحة يتسرب منها اليأس إليهم، كما أنهم لا يعترفون بالفشل إطلاقا. وحسب المهندس القاطبي ف`"ليس هناك أشخاص فاشلون، وإنما هناك ناجحون في الفشل". وتأكيدا لنجاح فكرة الموقع الذي لم يكمل عامه الأول بعد، فقد وجدت مجموعة من الأفكار التي طرحت عبره طريقها إلى حيز التنفيذ. ومن ضمن هذه الأفكار، هناك فكرة "بنك الملابس والأغطية" التي تبنتها إحدى الجمعيات بالدار البيضاء. وتقوم الفكرة على التبرع بالملابس والأغطية لفائدة الجمعية التي تتكفل بتنظيفها وتسليمها للجمعيات الخيرية التي تتكفل بدورها بتوزيعها على المحتاجين. "كتابي مسافر"، فكرة أخرى وجدت طريقها للتطبيق من خلال الموقع، وملخصها أن لا يظل الكتاب مركونا في رف الخزانة في المنزل، بل يتم الترويج له بين مجموعة من الأشخاص يجمعهم العمل أو الدراسة أو الحي، بحيث يتم تداول الكتاب بين أفراد المجموعة ليقرؤوه جميعا ويناقشوه في ما بعد. أفكار أخرى مهمة طرحت على صفحات الموقع وما زالت تنتظر من يتكفل بتنزيلها، من ضمنها على الخصوص، فكرة بناء دار للأطفال المشردين لحمايتهم وتكوينهم في كل مدينة، وإحداث بنك للأدوية قصد توزيعها مجانا على المحتاجين، وإنشاء مكتبة في كل حي، وخلق ناد للمخترعين الشباب على مستوى جهات المملكة، وتمويل الدراسات الجامعية للطلبة المتفوقين المنحدرين من أوساط فقيرة، وغيرها. "فكرة.ما" .. وسيط بين حاملي أفكار المشاريع والممولين يقول المتوكل إن الموقع يضطلع أيضا بمهمة الوسيط بين حاملي أفكار المشاريع والممولين المحتملين، موضحا أن القائمين على الموقع خصصوا حيزا لطرح أفكار المقاولات والأعمال بشكل يجعلها مرئية فقط لصاحب الفكرة وفريق الموقع. وأضاف أن الفريق يعمل إثر ذلك على التعريف بأفكار المشاريع الجيدة القابلة للتطبيق لدى ممولين محتملين يعربون بدورهم عن طريق الموقع عن استعدادهم لتمويلها، والاستفادة بالتالي من الأرباح التي ستحققها، موضحا أن الفكرة التي تحكم هذه المشاريع هي فكرة "المقاولات الاجتماعية". وأكد المتوكل حرص فريق المشروع على البحث على شركاء مؤسساتيين قارين يساهمون في تمويل أفكار المشاريع المقاولاتية أو الخيرية المطروحة على موقع "فكرة.ما"، وتنزيلها على أرض الواقع بما يضمن مساهمة فعلية للمواطنين في تنمية بلدهم. وحسب القائمين على الموقع، فإن الأفكار التي تطرح فيه يمكن أن تشكل بدورها قاعدة بيانات تفيد في إعداد دراسة اجتماعية حول طبيعة رؤى المواطنين للتغيير وانتظاراتهم حسب متغيرات السن والجنس والمستوى الدراسي ومكان الإقامة. ويعمد فريق الموقع إلى تنظيم ندوات أسبوعية في مختلف المدن للتعريف بفكرة الموقع وحشد المزيد من المؤيدين له والمنخرطين في تفعيل مبدئه، وقد توجت هذه السياسة التواصلية، حسب المتوكل، إلى غاية اليوم بإنشاء 14 فريقا في مختلف جهات المملكة يقومون بدورهم بالترويج للموقع وتفعيل الأفكار الواردة فيه كل حسب استطاعته.